مدونة " داماس بوست"

“جيهان ميليشو” تكتب: “معًا للوقوف ضد حدوث كارثة إنسانية غير مسبوقة في شمال غربي سوريا

لم يكفِ الشعب السوري الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد بحق الأبرياء من قتل وتشريد واعتقال خلفت الكثير من المآسي خاصة على الأطفال والنساء وكبار السن، وأصبح ناقوس الخطر يقرع أجراسه في مأساة جديدة مع اقتراب جلسة تصويت مجلس الأمن على تجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية مطلع العام المقبل، بسبب المخاوف الجدية من استخدام روسيا والصين لحق النقض “الفيتو” ومنع الاستمرار بإدخال المساعدات الانسانية عبر معبر باب الهوى.

وبالتأكيد الابتزاز الروسي الأخير في مجلس الأمن والمساومة السياسية فيما يخص تقديم المساعدات الانسانية للمدنيين يتناقض مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان في حق الحصول على المساعدات الإنسانية والعيش بكرامة.

وسيحرم أكثر من 2,3 مليون طفل من الحصول على حقوقهم المشروعة حسب اتفاقية حقوق الطفل في العيش الكريم والتمتع بأفضل رعاية صحية ومياه نظيفة للشرب والطعام الصحي أسوةً بباقي أطفال العالم.

في شمال غربي سوريا 1.84 مليون نازح يعيشون في مخيمات عشوائية و80% منهم من الأطفال والنساء، كما أن هناك أكثر من 4.1 مليون سوري يعيشون في مناطق شمال غربي سوريا أغلبهم من النازحين داخليًا جميعهم تحت خط الفقر، وعلى مجلس الأمن والمجتمع الدولي أن لاينظر إلى تلك الإحصائية على أنها أرقام بل هم أرواح ويستحقون المساعدات والوقوف الى جانبهم ضد الظلم الذي تعرضوا له منذ أكثر من أحد عشر عامًا.

ومن المتوقع في الأيام القادمة ازدياد سوء الأوضاع الإنسانية خصوصًا بعد الحرب الروسية على أوكرانيا والمخاطر الاقتصادية وأزمة الحبوب العالمية التي أثرت على توريد القمح و تسببت في زيادة الاسعار في جميع أنحاء العالم وقد تأثرت سوريا بهذه الزيادة بشكل كبير، وقدر برنامج الغذاء العالمي أن سعر الغذاء قد ازداد بنسبة 800% منذ عام 2020.

كما أن تجديد قرار إدخال المساعدات الإنسانية يتزامن مع ذروة فصل الشتاء وانعدام وسائل التدفئة من وقود وكهرباء أوأي وسيلة أخرى، وهذا يزيد من مخاطر تعرض الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات مرضية حرجة إلى المرض وأحياناً إلى الموت، فهناك حاجة ماسة إلى تمويل اضافي لتقديم المساعدات الشتوية المنقذة للحياة.

وعلى الرغم من معاناة خطة الاستجابة الإنسانية في سوريا لعام 2022، من نقص شديد في التمويل حيث تم تلقي 42 % فقط من التمويل المطلوب، وأدى هذا النقص إلى تعريض التدخلات الحرجة المنقذة للخطر في مجالات المأوى والمواد الغير غذائية والتعليم والصحة والتغذية والمياه الصحية والحماية والتدخلات طويلة الأمد للحفاظ على الحياة مثل زراعة القمح للموسم الزراعي 2023/2022.

وعليه على مجلس الأمن إيجاد آلية واضحة ومطمئنة للشعب السوري في الشمال لإدخال المساعدات لهم دون تحويل تلك المساعدات من ملف إنساني إلى ورقة ابتزاز سياسي تمارسه دول مثل روسيا والصين في الملف السوري، كما أنه يرفض دخول تلك المساعدات عن طريق نظام الأسد المتسبب في تشريده وقتله وحصاره وتجويعه.

خصوصاً أنّ للسوريين تجربة سابقة مع استخدام نظام الأسد مبدأ الركوع أو الجوع في المناطق التي حاصرها في وقت سابق كالغوطة الشرقية وداريا ومنع عنها المساعدات الانسانية والطبية، فكيف يمكن أن نعود لما قبل 2014 وتعود المساعدات عبر نقاط التماس من جديد؟.

حجم المأساة السورية كبير جداً إن لم يتم تمديد قرار ادخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى المتنفَّس الوحيد الحالي للسوريين، وانقاذ حياتهم من الموت البطيء وعدم السماح لحصول كارثة إنسانية متوقعة هي مسؤولية الجميع على الصعيدين الدولي والإنساني وذلك بالمطالبة باستمرار دخول المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن، وانتهاء الكابوس الذي يعاني منه السوريون كل ستة أشهر مع كل بداية تجديد لهذا القرار.

جيهان ميليشو
عاملة حماية في مركز صديق الطفل في المنتدى السوري – ادلب

الأفكار الواردة في المقال لاتعبر بالضرورة عن رأي وكالة “داماس بوست”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى