مقالات الرأي

الشباب السوري ما بين الهجرة والإنتماء: نهضة تأسيسٍ من تحت الركام وبارقةُ أمل.

إعداد: الأستاذة تيماء العيسى
سورية: 18-10-2020

منذ بداياتِ غروب المأساة السوريّة في الثامن من كانون الأول ومع انطلاق مسار تحرير البلادِ من حقبة الظلام التي خيّمت عليها، تدخل سوريا مرحلة جديدة ونوعيّة تعيد فيها ترميم وبناء ما هدمهُ النظام الساقط على رؤوس السوريين كافة.
ولكن ماهي معاناة الشباب السوري في المهجر؟
ومن هم تجمع الشباب السوريين وهل سيكونُ لهم دورٌ فعّال في مسيرةِ البناء والترميم والتطوير؟
لم تقتصر مُعاناة الشباب السوري على الاعتقالِ و التنكيل، ولا على الفقدان وخسارةِ الأرض والمأوى بل امتدت حتّى مابعد الهجرة والنزوح، لتتحوّل إلى واقع فتّاك وشديدُ الوطأة.
فقد عانى الشباب السوري خلال مسيرته الثورية بين أنياب الغربة من التهميش والخذلان، متمسكاً بمبادئ العيش الكريم وساعياً لاكتساب المعرفة ومتابعة التعليم وسط آلاف العوائق وكثيرٍ من التحديات والأزمات.
ولكنَّ كل ذلك كان حافزاً للاستمرار والسعي في محاولاتٍ حثيثةٍ لإثباتِ الوجود.
حيثُ أنهم أتقنوا العديد من اللغات وجمعوا الكثير من الخبرات بل وتفوقوا على أقرانهم في العلوم والحِرفِ التي اكتسبوها من ثقافاتٍ مختلفةٍ في عدّةِ مجالاتٍ متنوعة.
فكانت الإنطلاقةُ من غياهبِ الغربة والنهضةُ من وسطِ العجز هي أسلوبهم الخاص في تحدي تلك المآسي وجعلها قصص إلهامٍ تُروى.
ومع ازدياد احتياجاتِ سوريا لهذهِ الطاقات والخبرات قررت الجالية السورية في الخارج إطلاق تجّمع الشباب السوريين في المهجر على أنْ يكون هذا التجمع هو جسرٌ يصلُ سوريا بأبناءِها ويجعلُ من طاقاتهم وابتكاراتهم مرآة تعكسُ وجهَ سوريا المُشرق.

وكانت أولى إنجازاتهم حملة “موعدي حق مو رشوة” اعتراضاً على أساليب الحجوزات المتبعة في القنصلية السورية في اسطنبول وحققت إنتشاراً واسعاً ونتائج إيجابية، بعدما استجابت الدولة السورية لمطالبهم وأطلقت تطبيق خاص بالحجوزات لتسهيل عملية التسجيل والحجز.
وقد أبدى مستشار الرئيس السوري أحمد موفق زيدان دعمه للشباب القائمين على التجمع واهتمامه بما يقدمونه من خدمات مميزة من خلال لقاء تفاعلي عبر منصة إكس.
وحظي اللقاء بحضور وزير الاتصالات عبد السلام هيكل وعدد من الشخصيات الهامة، مما أكسب الحدث بعداً رسمياً ومجتمعياً وعكس حرص الجهات الرسمية على متابعة المبادرات الشبابية وتشجيعها على الإبداع والعطاء.

أصرَّ هؤلاء الشباب في الخارج على تركِ بصمة الاحترافية والتفاني في أي مهنةٍ أو عملٍ يتقنونه، فقد قاوموا وعملوا جاهداً حتى نالوا ثمار جهودهم المعقودة بآمالِ تحريرِ سوريا من أيدي الظُلّام.
لا سيما أنهم حوّلوا سوء هذه الظروف وضعف الموارد لفرصةِ ابتكارٍ يُثبتون ذاتهم من خلالها.

أرى أنَّ هذهِ الطاقات تستحقُ أنْ تُخطَّ على صفحاتِ المُثابرة في كتابِ الوطن.
وهؤلاء الشباب هم خيرُ مثالٍ لسورية الحضارة التي تنهضُ كياسمينةٍ دمشقيةٍ من تحت الحُطام وريحانةٍ تُعانق حلم التطورِ والابتكار.
فهذه المبادرات هي التي نحتاجُ إليها في سوريا لتعودَ بقوّة إلى ساحاتِ العمل وازدهار الاقتصاد ومواكبة التكنولوجيا العصرية.
لتكون في أقرب وقت ملاذاً لكلِّ مبدعٍ وحلماً لكلِّ موهوب.
سوريا القادمة بسواعدِ أبنائها ستكون قبلة لكلِّ مُثابر ومحطة تألقٍ لكلِّ مُتفانٍ.
وهو ما يطمحُ إليه كُلُّ سوريٍّ حاربَ من أجلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى