الصحفي التركي “حمزة تكين” يكتب: 100 سنة من المكائد الثقافية.. دمرتها قطر في 28 يومًا

تحتفل قطر، اليوم الأحد، بيومها الوطني تزامنًا مع المباراة النهائية لبطولة كأس العالم “مونديال قطر 2022″، ولهذا الحدث المزدوج رسالة واضحة تشير إلى نقطة قوة متقدمة جدًا وصلت إليها قطر في شتى المجالات، جعلتها تقرن احتفالات اختتام “مونديال قطر 2022” بعيدها الوطني، فالأمر ليس صدفة على الإطلاق.. العالم كله يحتفل اليوم مع قطر بيومها الوطني وبنجاح هذه البطولة العالمية.
لقد نجحت قطر نجاحًا مبهرًا حقيقيًا كبيرًا في كل صغيرة وكبيرة متعلقة ببطولة كأس العالم التي أقيمت هنا على أرض قطر على مدى 28 يومًا، ومن لا يرى هذا النجاح بكل تأكيد لديه مشكلة بنيوية حقيقية مادية ومعنوية، أي إما لديه قصور بالبصر الحسي أو لديه قصور بالبصيرة المعنوية.
لا نقول هذا الكلام لأننا حضرنا فعاليات هذه البطولة من أولها إلى آخرها، ولا نقول هذا الكلام لأن قطر حليف أكثر من إستراتيجي عظيم لتركيا، بل نقول هذا الكلام من باب الإنصاف والموضوعية وقول الحقيقة، التي هي حقيقة شاء من شاء وأبى من أبى، مهما عملوا على تشويه البطولة عامة ودولة قطر خاصة.
جهات كثيرة جدًا حاولت ـ من أبواب متنوعة ـ قبل المونديال عرقلة إقامة هذه البطولة في قطر، ولكن عندما فشلت بذلك، وانطلقت البطولة فعليًا بإشارة من سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني شاهدها العالم كله يوم حفل الافتتاح في استاد “البيت” المميز في منطقة الخور شمال العاصمة القطرية الدوحة، عندما انطلقت البطولة انتقلت تلك الجهات لمرحلة محاولة التشويش على البطولة بحركات طفولية جدا، وهنا فشلت أيضًا لأن قطر وكل المعنيين فيها ليسوا بعقلية الطفولة المشابهة لتلك الموجودة في عقول تلك الجهات.. إن كان لديهم عقول أصلا.
صور إيجابية رائعة شاهدتها وعشتها هنا في قطر قبل وأثناء هذه البطولة، ربما نحتاج لكل صفحات هذه الصحفية المحترمة لشرحها ورواية حكاياتها الرائعة، إن كان لناحية أسلوب الترحيب بالضيوف القادمين جوا أو برا والذي فاق كل التوقعات من جهة الصدق بالاستقبال والتنظيم الدقيق.
وكذلك كان التنظيم في الاستادات وحولها وعلى كل الطرقات التي تؤدي إليها أكثر من خطير بالمعنى الإيجابي، خطير بالعقلية الرائعة المنظمة لكل تحركات المشجعين والجمهور والسيارات والمواكب الرسمية والباصات، عن الباصات حدث ولا حرج، في هذه النقطة بالتحديد كانت الأمور 5 نجوم بكل ما للكلمة من معنى مع خطوط المترو كذلك.
كل شيء من الأمور الأساسية كانت مجانية في قطر خلال فعاليات المونديال، من مواصلات عامة إلى المعاينات الطبية وكذلك المستشفيات العامة، وهذه الأمور لمستها بشكل مباشر، وسمعت من كثير من المشجعين القادمين من دول الغرب يقولون: مستحيل أن تجد عندنا أمرًا مجانيًا في مثل هذه المناسبات.
والصورة الناجحة نفسها تحققت في الفعاليات التي رافقت المونديال، حيث تميزت بشكلها العام أنها مناسبة للأسر والعوائل، بعيدا عن المظاهر التي لا تناسب العوائل.. وإن اللبيب من الإشارة يفهم.
السلسلة طويلة جدًا من النجاحات، ستكون الأيام والأسابيع والأشهر والأعوام المقبلة كفيلة بتعرف الجميع عليها، لأن ما حدث في “مونديال قطر 2022” لم يكن مجرد لعبة كرة قدم، بل كان بكل وضوح وبالتعبير المباشر “ثورة ثقافية حقيقية” و”نهضة ثقافية عربية إسلامية”، لها ما بعدها في قادم الزمان.
من حضر فعاليات المونديال من أبناء الغرب، سيكونون سفراء لقطر والعالمين العربي والإسلامي في بلادهم، سيتحدثون لفترات طويلة جدًا في بلادهم عما رأوه من صورة حقيقة مشرقة عن المسلمين.
لعبة كرة القدم خلال المونديال هنا كان فيها الكثير من الحماس والتشجيع والمنافسة الجميلة، ولكن هذا سيذهب وسيبقى في صفحات التاريخ أن هذا المنتخب فاز وهذا المنتخب خسر، وما سيبقى هو “إرث المونديال” خاصة من الناحية الثقافية، حيث استطاعت قطر أن تثبت للعالم أجمع أن العرب والمسلمين ليسوا كما يتم تصويرهم في المجتمعات الغربية، بل لديهم القدرة على تحقيق
النجاحات… حطمت قطر خلال 28 يوما فقط الصورة التي كانت تُرسم ثقافيًا للعرب والمسلمين على مدى نحو 100 سنة.
وعلى الصعيد العربي البحت استطاعت قطر خلال 28 يومًا فقط توحيد العالم العربي وإبراز حجم المحبة المشتركة بين شعوب الدول العربية في مشهد فشلت مؤسسات بتحقيقه على مدى 77 عامًا مضت.
تركيًا، وقفت تركيا إلى جانب قطر بكل الإمكانيات لإنجاح هذه البطولة، في مشهد يعبر بكل وضوح عن حجم العلاقة الأكثر من إستراتيجية بين تركيا وقطر عامة، وبين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خاصة، ومن هذا الباب حضر أردوغان حفل الافتتاح وسيحضر حفل الختام…
للنجاح في ظل محاولات العرقلة طعم خاص، وقد نجحت قطر رغم كل محاولات العرقلة، وقدمت صورة حضارية رائعة عن العرب والمسلمين، لذلك فإن طعم النجاح في تنظيم “المونديال” له طعم خاص عند كل الأخوة القطريين الذي كانوا يعملون على هذا المشروع لنحو عقد من الزمن.
وفي الختام لابد من تقديم التهنئة لقطر أميرًا وحكومة وشعبًا على هذا النجاح أولا، ثم بمناسبة اليوم الوطني.. الذي يحتفل به اليوم كل العالم.
المصدر: موقع الشرق
الأفكار الواردة في المقال لاتعبّر بالضرورة عن رأي “داماس بوست”