التقارير الإخباريةمحلي

من ساحات التغطية إلى دوائر القرار.. أحمد زيدان مستشارًا للرئيس السوري أحمد الشرع

من مراسل يلاحق الحقيقة وسط الجبال والكهوف، وينتج الأخبار ويقدم البرامج على شاشات التلفزيون العالمية، إلى مستشار إعلامي في قصر الرئاسة السورية الجديدة.. إنها قصة أحمد زيدان، أحد أبرز الأسماء الصحفية التي واكبت التحولات الكبرى في العالم الإسلامي خلال العقود الماضية.

أحمد زيدان، الصحفي الميداني المعروف، غطّى الحرب الأفغانية من الخطوط الأمامية، وجال العالم في مهمة نقل الحقيقة من قلب الحدث. عمل مراسلًا لعدد من كبرى المؤسسات الإعلامية العربية والدولية، من قناة الجزيرة القطرية إلى جريدة الحياة اللندنية السعودية، وتلفزيون أبو ظبي، وهيئة الإذاعة العمانية.

أجرى زيدان خلال مسيرته الصحفية لقاءات مع شخصيات عالمية مثيرة للجدل، من بينها أسامة بن لادن، في مهمة صحفية موثقة ومعلنة، تمامًا كما فعل الصحفي الأميركي الشهير بيتر بيرغن في أول مقابلة تلفزيونية مع بن لادن لصالح CNN عام 1997، أو جون ميلر لصالح ABC News. لم يُتهم أي منهم بالإرهاب، بل وُصفوا بأنهم حققوا سبقًا صحفيًا نادرًا.

بعد عقود من العمل الصحفي الحافل، قرر الرئيس السوري أحمد الشرع اختيار زيدان مستشارًا إعلاميًا ضمن فريقه الرئاسي، في خطوة تعكس الثقة بخبرة هذا الإعلامي وفهمه العميق للمنطقة، وتحمل في طياتها رسالة إستراتيجية “الإعلاميون الذين خاضوا الميدان هم من سيشكلون مستقبل الخطاب السياسي السوري”.

لكن مع كل خطوة يقترب فيها زيدان من دوائر القرار، تتجدد حملات التشويه، التي تتكئ على انتقائية سياسية لا تصمد أمام الأرشيف، والتجربة، والمهنية التي يشهد لها العدو قبل الصديق، فلقاءاته مع شخصيات محسوبة على “التطرف” كانت ضمن مهام صحفية لا تعني بالضرورة تأييدًا أو انحيازًا، بل توثيقًا من عمق الميدان حيث لا يجرؤ الكثيرون على الوصول.

بعض المغردين من السعودية أطلقوا على منصة X (تويتر) اتهامات بالإرهاب ضد زيدان، مستندين إلى لقاءاته السابقة مع شخصيات مصنفة إرهابية. لكن الواقع أن زيدان لم ينتمِ يومًا لأي تنظيم مسلح، ولم يُتهم في أي ملف قضائي، بل مارس مهنته كصحفي محترف، على غرار عشرات الصحفيين الأجانب الذين التقوا بقيادات من طالبان أو القاعدة، مثل جون ميلر وروبرت فيسك وبيتر بيرغن. هؤلاء لم تُشكك وسائلهم أو بلدانهم في مهنيتهم، بل تم تكريم بعضهم.

زيدان زار أكثر من 70 دولة حول العالم، من باكستان إلى أميركا، ومن الخليج إلى أوروبا، ولم يكن يحمل سوى كاميرته وقلمه. لم يروّج لأجندات خفية، بل مارس مهنة الصحافة بكل التزام ومهنية. ولا يمكن تجاهل أن الموقف الرسمي السعودي في الثمانينات والتسعينات كان مؤيدًا لـ”المجاهدين الأفغان” ضد الاحتلال السوفيتي، ووصفتهم الصحف السعودية آنذاك بـ”مقاتلي الحرية”، كما وصفهم الرئيس الأميركي رونالد ريغان.

بل إن بعض الخطوط الجوية السعودية قدمت تذاكر مجانية للراغبين في السفر إلى أفغانستان دعمًا للمجاهدين، ووسائل الإعلام الرسمية أطلقت على تلك الحرب اسم “الجهاد”، وشارك عشرات الإعلاميين والمثقفين العرب في تغطية تلك المرحلة. شيطنة زيدان اليوم أو إعادة تأطير تلك المرحلة خارج سياقها التاريخي هو تزوير للتاريخ وقفز على الحقائق.

أحمد زيدان اليوم لا يُمثل فقط “صحفيًا انتقل إلى السياسة”، بل هو نموذج نادر للمهني الذي لم يساوم على ضميره رغم تغطيته لأخطر الساحات. وتحوله إلى مستشار إعلامي في قصر الرئاسة السورية هو تتويج لمسيرة طويلة من العمل والتوثيق والمصداقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى