طرح فئة 10 آلاف ليرة سورية: خطوة غير مجدية تعمّق أزمة الاقتصاد في مناطق سيطرة النظام
في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة التي تعاني منها سوريا، تتزايد محاولات الحكومة لتحسين السيولة النقدية وتخفيف الضغط على العملة المحلية، كان آخرها إعلان نية طرح عملة نقدية جديدة من فئة 10 آلاف ليرة سورية. إلا أن خبراء اقتصاديين، من بينهم جورج خزام، يرون في هذا الطرح خطوة غير فعالة لمعالجة الأزمة الاقتصادية العميقة في مناطق سيطرة النظام السوري.
تكاليف الطباعة مقابل القيمة
أوضح خزام في تصريح لموقع “كيو بزنس” الموالي أن تكلفة طباعة العملة الجديدة تعادل حوالي 20% من قيمتها الاسمية، وهي نسبة عالية تشير إلى استنزاف موارد الدولة دون تحقيق جدوى اقتصادية حقيقية. وأشار إلى أن هذه النسبة قد تجعل العملة الجديدة غير ذات قيمة كبيرة مقارنة بتكلفة إنتاجها. إذ يعتبر أن جزءاً كبيراً من تكلفة إصدار العملة الجديدة سوف يُهدر في الطباعة والنقل والتوزيع، ما يقلل من جدوى هذا الإجراء كأداة اقتصادية.
الحاجة لطرح فئات نقدية أكبر
ووفقاً لخزام، فإن طرح فئات نقدية أعلى، مثل 25 ألف ليرة سورية، قد يكون خيارًا أكثر جدوى في ظل تضخم القيمة النقدية للمشتريات والخدمات، إذ يمكن أن يقلل ذلك من تداول كميات كبيرة من النقود الورقية. ومع ذلك، يعترف خزام بأن هذا الإجراء، على الرغم من فعاليته في تسهيل التعاملات اليومية، لا يمثل حلاً حقيقياً للأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
الواقع الحالي للعملة السورية
تتزايد الأعباء النقدية على المواطن السوري مع تضاؤل قيمة العملة، حيث أن أكبر ورقة نقدية متداولة في سوريا حاليًا هي فئة 5 آلاف ليرة، التي تعادل أقل من 35 سنتًا أمريكيًا. مما يعني أن احتياجات المواطن العادي تتطلب كميات كبيرة من الأوراق النقدية حتى لتلبية الاحتياجات الأساسية. هذا الواقع يؤدي إلى تزايد الحاجة إلى فئات نقدية أعلى لتسهيل المعاملات اليومية وللتخفيف من تكلفة نقل وحفظ الأموال الكبيرة.
التضخم وانهيار العملة المحلية
تأتي خطوة طرح فئة نقدية جديدة في وقت تتزايد فيه معدلات التضخم، وتنهار فيه القوة الشرائية لليرة السورية بشكل متسارع، حيث بلغت معدلات التضخم مستويات غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك العقوبات الدولية، وتراجع الإنتاج الوطني، والانخفاض الحاد في العائدات من القطاعات الحيوية كالنفط والزراعة. ويرى خبراء آخرون أن الفئات النقدية الجديدة قد تكون علاجًا مؤقتًا لمشكلات التدفق النقدي، لكنها لن تعالج الأسباب الجوهرية لتدهور الاقتصاد السوري، بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية في ظل غياب استراتيجيات لتعزيز الإنتاج المحلي وتحسين الدخل.
الخيارات المتاحة والتحديات المستقبلية
يشير اقتصاديون إلى أن الحلول الاقتصادية الحقيقية تكمن في تبني سياسات إصلاحية شاملة تستهدف تنشيط الإنتاج المحلي، وتحسين دخل المواطنين، وتخفيف الاعتماد على العملات الأجنبية، والعمل على استقطاب الاستثمارات الخارجية، إن أمكن.