مقالات الرأي

تغيرات المشهد في شمال سوريا: هل انتهت ميليشيا قسد بعد اتفاق أضنة الجديد؟

سورية: 17-10-2025

مرحلة جديدة تتشكل في الشمال السوري

تعيش الساحة السورية اليوم على وقع حراك سياسي وأمني متسارع، بعد تصاعد الحديث عن تفاهم تركي سوري برعاية روسية، يُعيد إحياء اتفاقية أضنة الأمنية، ويضع أسس تعاون ميداني جديد بين أنقرة ودمشق.
ومع عودة التنسيق بين الجانبين، يبرز سؤال محوري:
هل انتهت ميليشيا قسد فعلاً؟

تراجع الدعم الأمريكي… وبداية الانكماش

منذ نشأتها عقب الحرب على تنظيم داعش، اعتمدت ميليشيا قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على الدعم العسكري والمالي الأمريكي لتثبيت سيطرتها في شرق الفرات.
لكن التغيّرات الإقليمية الأخيرة، والتقارب السوري التركي، إلى جانب الانسحاب الأمريكي التدريجي من بعض النقاط الحساسة، جعلت قسد تدرك أن غطاءها الدولي بدأ يتلاشى.

“قسد اليوم تواجه فراغاً استراتيجياً خطيراً… فواشنطن لم تعد راغبة في مواجهة مباشرة مع أنقرة أو دمشق.”

قسد تلجأ إلى دمشق… خيار اضطراري

التحركات الأخيرة لقيادات قسد باتجاه العاصمة السورية ليست مبادرة سياسية بقدر ما هي خطوة اضطرارية للبقاء.
الضغوط التركية المتزايدة، والتفاهمات الروسية التركية، أجبرت قسد على التفكير جدياً بالمصالحة مع الحكومة السورية لضمان استمرار وجودها بشكل أو بآخر ضمن الدولة السورية.

تسعى قسد اليوم للتفاوض حول صيغة حكم لامركزي إداري تسمح لها بالحفاظ على نفوذ محدود، مقابل عودة رمزية لمؤسسات الدولة السورية في مناطق سيطرتها،

حقول النفط… الورقة الأثقل على الطاولة

تعتبر حقول النفط والغاز في دير الزور والحسكة جوهر الصراع بين دمشق وقسد.
فبينما ترى الحكومة السورية أنها ثروة وطنية وسيادية، تعتبرها قسد مصدر تمويلها الأول منذ سنوات.

لكن التسريبات الأخيرة تشير إلى أن أي اتفاق قادم سيشمل تسليم الحقول تدريجياً للحكومة السورية مقابل ضمانات سياسية وإدارية محدودة لقسد.
الطرف الروسي يدفع بقوة بهذا الاتجاه، فيما تبدي تركيا ارتياحاً لهذا السيناريو لأنه يعني تفكيك البنية العسكرية لقسد التي تعتبرها امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK).

تركيا تضغط… وواشنطن تتراجع

تلعب أنقرة حالياً دوراً مركزياً في إعادة ترتيب المشهد شمال سوريا.
فالعلاقات التاريخية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب كانت مفتاحاً لتفاهمات سابقة سمحت لتركيا بشنّ عمليات عسكرية واسعة داخل الأراضي السورية دون اعتراض أمريكي كبير.

واليوم، تراهن أنقرة على عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض من أجل تفاهم جديد يضمن انسحاباً أمريكياً منظماً من شرق الفرات، وإعادة سيطرة دمشق على الحدود بما يتوافق مع اتفاق أضنة المعدّل.

“تركيا تعمل بخطوات مدروسة لانتزاع الغطاء الأمريكي عن قسد، ودفعها نحو التسليم الكامل لدمشق.”

نهاية قسد… وبداية مرحلة إعادة التموضع

في ضوء هذه التطورات، يمكن القول إن قسد انتهت كقوة سياسية مؤثرة، رغم استمرار وجودها العسكري في بعض المناطق.
المشهد يتجه نحو تسوية شاملة تُعيد للدولة السورية سيادتها على كامل الجغرافيا، بدعم روسي تركي، وتراجع أمريكي محسوب.

قسد كانت مرحلة… والمرحلة القادمة عنوانها: عودة الدولة السورية بحدودها وسيادتها.

إعداد: الصحفي رياض الخطيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى