أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اليوم الأربعاء 28 شباط/ فبراير، تقريراً بعنوان “سلسلة من الانتهاكات داخل وخارج سوريا ينفذها نظام الأسد عند استخراج جواز السفر”، أشارت فيه إلى اعتقال 1168 حالة في دوائر الهجرة والجوازات بينهم 16 طفلاً و96 سيدة، تحول 986 منهم إلى حالة اختفاء قسري.
ورصد التقرير ست أنماط رئيسية من الانتهاكات التي تطال السوريين أثناء محاولتهم الحصول على جوازات السفر، أولها فرض نظام الأسد “الموافقة الأمنية” على كل من يرغب بالحصول على جواز سفر ما بين عامي 2011 و2015.
والهدف من ذلك هو حرمان المعارضين من الحصول على هذه الوثيقة، وعلى الرغم من أن الموافقة الأمنية لم تعد مطلوبةً بعد عام 2015، إلا أن نظام الأسد لم يتوقف عن استخدام جواز السفر كسلاح لملاحقة المعارضين والتضييق عليهم.
ويخضع كل مُتقدِّم للحصول على جواز سفر إلى عملية تدقيق ومطابقة مع قوائم الملاحقين والمطلوبين لنظام الأسد، وبالتالي فإن ذلك يضع المتقدمين لطلب جواز سفر، أو أحد أفراد الأسرة الذين يقدمون طلباتهم بالنيابة عنهم، تحت خطر التعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء القسري.
ووثق التقرير منذ آذار 2011 حتى شباط/ فبراير 2024، ما لا يقل عن 1912 حالة اعتقال، بينهم 21 طفلاً و256 سيدة، و193 حالة لأشخاص قاموا بإجراء تسويةً لوضعهم الأمني في وقتٍ سابق، تم اعتقالهم في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات نظام الأسد وذلك أثناء وجودهم لإجراء معاملات في دوائر الهجرة والجوازات في عدة محافظات سورية.
وأفرجت قوات نظام الأسد عن 723 حالة منهم، وقضى 21 منهم بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية داخل مراكز الاحتجاز التابعة لها، وبقي 1168 حالة اعتقال بينهم 16 طفلاً و96 سيدة، تحول 986 منهم إلى حالة اختفاء قسري.
وعانى نظام الأسد مع انطلاق الحراك الشعبي في سوريا من شح في الموارد المادية بسبب توظيف مدخرات الدولة السورية في قمع الحراك الشعبي، وبدأ بالبحث عن موارد مالية جديدة، لا سيما مع الانهيار المتسارع الذي بدأ يشهده الاقتصاد السوري.
واستخدم نظام الأسد جواز السفر كواحدة من تلك الموارد لكونه الوثيقة الأكثر أهمية بالنسبة للسوريين الذين تشردوا داخل وخارج سوريا، وكذلك بالنسبة للسوريين الذين يحلمون بمغادرة سوريا مع التراجع المأساوي في الظروف المعيشية.
ومع كثرة الطلب على جواز السفر وجد النظام السوري فرصة ذهبية لرفد خزائنه بالعملة الأجنبية فأصبحت أسعار منح جواز السفر بمثابة بورصة آخذة في الارتفاع المستمر، ويمكن ملاحظة ذلك عبر المراسيم التي أصدرها نظام الأسد.
ووثق التقرير حالات انتُهكت فيها كرامة المواطنين أثناء استخراج أو تجديد جواز السفر ففي فروع إدارة الهجرة والجوازات غالباً ما يتعرض المواطنون لسوء المعاملة من الموظفين ويضطرون إلى الوقوف في طوابير لساعات طويلة دون الحصول على دور في نهاية المطاف، ويتم اعتماد هذه الاستراتيجية في الغالب كي يضطر المواطنين لدفع رشاوٍ لبعض الموظفين أو السماسرة المرتبطين بالأجهزة الأمنية كي يتم تيسير معاملاتهم بشكل أسرع.
وأما فيما يتعلق بالمعاملة في القنصليات والسفارات السورية، ذكر التقرير وجود اختلافات واضحة، ففي حين تتعامل القنصلية السورية في جنيف في سويسرا بشكل اعتيادي في إجراء المعاملات، يُعاني السوريون نمطاً مقصوداً من الإذلال والابتزاز في القنصلية السورية في مدينة إسطنبول في تركيا التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين.
ووفقاً للتقرير فإن المواطن السوري لا يتمكن في العديد من البلدان من حجز دور في القنصلية السورية بنفسه عن طريق المنصة الإلكترونية، وذلك بسبب عدم وجود مواعيد متاحة على المدى القريب، حيث يكون أقرب موعد متاح على المنصة بعد عام أو عامين من تاريخ التقديم، وبالتالي لا يبقى خيار أمام هؤلاء سوى التعامل مع الوسطاء والسماسرة، الذين ينسقون بدورهم مع موظفي القنصليات.
وذكر التقرير أن هناك تحديات وكلفة إضافية تواجه المطلوبين أمنياً خارج سوريا، حيث يضطرون لدفع مبالغ إضافية للسماسرة إذا أرادوا تجديد جوازات سفرهم عن طريق ذويهم في مناطق سيطرة النظام السوري، وذلك لضمان عدم تعرض ذويهم للاعتقال أو المضايقات.
ومع عدم قدرة السوريين على تجديد جوازات سفرهم لم يعد بإمكانهم كذلك تجديد تصاريح الإقامة والعمل، وبناءً على ذلك اضطر العديد منهم إلى فقدان وظائفهم، ومغادرة البلدان التي يعيشون بها.
وأصبح جواز السفر مصدر دخل بالنسبة لنظام الأسد، وذكر التقرير أن التكلفة المرتفعة وغير المنطقية التي يفرضها نظام الأسد لقاء منح أو تجديد جوازات السفر، تحرم المواطنين غير القادرين على دفع هذه المبالغ من حقهم في السفر وحرية التنقل ويعتبر هذا خرقاً واضحاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.