رئيس لجنة التحقيق الدولية: نظام الأسد والمجتمع الدولي راضيان بشكل غريب عن الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا
صرح “باولو بينيرو” رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، خلال الحوار التفاعلي ضمن فعاليات الدورة الـ 56 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة في جنيف، أن نظام الأسد والمجتمع الدولي راضيان بشكل غريب عن الحفاظ على الوضع الراهن في سوريا.
وأكد بينيرو، أنه “كان هناك تجاهل مستمر لحياة ورفاه الشعب السوري دون نهاية في الأفق”، معبراً عن قلقه من تعمق تفتت البلاد على جميع الجبهات، الأمر الذي ستكون له عواقب وخيمة في الأمد البعيد، بما في ذلك على النسيج الاجتماعي والوحدة في سوريا.
ونبه بينيرو استمرار “دورات العنف المروعة”، مستشهداً بحادث وقع في الصنمين بمحافظة درعا في السابع من نيسان عندما قُتل عشرة مدنيين، بينهم طفلان، على يد ميليشيا موالية للنظام، رداً على هجوم بعبوة ناسفة قُتل فيه سبعة أطفال على الأقل، وفق مانقل “تلفزيون سوريا”.
وأفاد أن “مثل هذه المذابح تستحضر الفظائع التي ارتُكبت دون عقاب في أثناء الصراع، بما في ذلك خلال الأيام الأكثر ظلمة لحكم داعش”، ولفت إلى أنه في حين أن وتيرة الحرب تتأرجح، فإن الأسباب الجذرية التي أدت إليه ما تزال حاضرة إلى حد كبير.
وأشار إلى استمرار حالات الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي والاختفاء القسري، حيث تُرغَم أسر المعتقلين بشكل غير قانوني في كثير من الأحيان على دفع مبالغ كبيرة من المال لمحاولة الحصول على معلومات عن مصير أحبائهم.
وصرح بينيرو أن “الإفلات من العقاب وانعدام القانون شكلا واقعاً قاتماً لجميع السوريين، ولا نهاية في الأفق”، وبين أن زعماء العالم المنخرطين في الصراع في سوريا يفشلون في تحقيق تقدم نحو تسوية سلمية للصراع، وهم والنظام السوري يخذلون الشعب السوري.
ولفت إلى أن مسار التطبيع الذي قادته بعض الدول العربية العام الماضي، والذي شهد عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، لم يحقق نتائج بعد، حيث لم تقدم الحكومة السورية أي تنازلات أخرى ذات مغزى.
وتابع: “يبدو أن النظام والمجتمع الدولي راضيان بشكل غريب عن الحفاظ على الوضع الراهن. ومع ذلك، فإن هذا ليس خياراً قابلاً للتطبيق للشعب السوري، سواء داخل البلاد أو خارجها”.
وكما تطرق بينيرو، إلى وضع السوريين في البلدان المجاورة، قائلاً إنهم أصبحوا معرضين بشكل متزايد لخطر الترحيل والعودة القسرية إلى سوريا، حيث يخاطرون بالاعتقال أو الاختفاء، أو العودة ليجدوا منازلهم ومزارعهم مدمرة ولا سبيل لكسب العيش.
وأكد رئيس اللجنة المستقلة إنه على الصعيد الأكثر إيجابية فإن المجتمع المدني السوري كان يقود مبادرات مُساءلة إبداعية للغاية خارج البلاد، وأشار إلى تطور إيجابي آخر، وهو إنشاء مؤسسة طال انتظارها مخصصة لمساعدة أسر الآلاف من المفقودين والمختفين في الكشف عن مصير أحبائهم.
وقد اقترح بينيرو ثلاثة مجالات حاسمة تتطلب حاجة ملحة لعمل الحكومات، أولها هو وضع المحتجزين تعسفياً منذ عام 2019 في شمال شرقي سوريا، وقال إن “هناك حاجة إلى عون الحكومات لمساعدة السلطات في الشمال الشرقي لإيجاد حل لهؤلاء المحتجزين”.
وبحسب بينيرو فإن المجال الثاني فهو “فرض بعض الحكومات تدابير قسرية أحادية الجانب على سوريا، والتي لها عواقب وخيمة خطيرة، وأحياناً غير مقصودة، تؤثر سلباً على السكان المدنيين، على حد قوله.
بينما طالب الدول الأعضاء على إجراء مراجعات عاجلة لفرضها عقوبات على نظام الأسد لضمان القضاء على تلك الآثار السلبية، وأفاد بأن المجال الأخير هو “الافتقار المثير للقلق من جانب حكوماتكم لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2024″، وشدد على أنه لا يمكن التخلي عن الشعب السوري بسبب العديد من الأزمات الأخرى التي تحتاج إلى الاهتمام، مضيفاً: “لقد تحملوا 13 عاماً من الصراع ويستحقون المزيد من المساعدة من حكوماتكم”.