المسلمون ومِحنة الزلازل… تجاربٌ تاريخيةٌ وعبرٌ مستخلصة
بقلم: الدكتور علي محمد الصلابي
شعبان 1444ه/ مارس 2023م
تعرّضت مناطق لزلزال مدمر يوم 6 فبراير/شباط 2023، بقوة زلزالية عالية قُدرت بـ7.8 على مقياس ريختر، بالإضافة إلى أكثر من 1300 هزة ارتدادية بمعدل هزة كل 3 إلى 5 دقائق، خلفت عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والملايين ممن تعرضت بيوتهم لدمار وخراب كبيرين. واللافت أن هذه المناطق المنكوبة تقع ضمن نطاق ما يُعرف بـ”فالق شرق الأناضول”، وهي منطقة حدود تكتونية بين صفيحتين من صفائح القشرة الأرضية هما؛ صفيحة الأناضول والصفيحة العربية (أيوب، منتديات الجزيرة، 2023)
فالزلازل آية من آيات الله المعجزة، أودعها الله في نظام الكون الذي يُسيِّره الله بقدرته وإرادته، وبيَّن سبحانه وتعالى في سورة الذاريات: ﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾ [الذاريات: 20]، وما زال الإنسان مع كل ما عرفه في عالم اليوم من تقدم علمي وتقني عاجزًا أمام الزلازل، وما يصاحبها من تدمير وقتل وتشريد في المناطق التي تنزل فيها.
ويُعد الزلزال نوعا من الكوارث التي تسير بقدر الله وحكمته؛ بما أجراه من سنن وقوانين، وضربا معقدا من الابتلاء والتمحيص والتجاوز والتأسيس، ومقاما يتقدم فيه التائبون المراجعون المعتبرون، ويتراجع فيه المعاندون الجبارون المفسدون، ومآلا جزائيا من جنس الحال الدنيوي التكليفي بعمارة للحياة طيبة ومراجعات للفكر والسلوك قيمة.(الخادمي، الإتحاد العالمي لعلماء المسملين، 2023)
ولم يسقط المؤرخون المسلمون أخبار الزلازل فيما قبل السنة الخامسة للهجرة، بل تناولوها في كتبهم كما وردت في مدونات التاريخ التي أخذوا منها أخبار هذه الزلازل، فقد ذكر السيوطي في مقدمة كتابه كشف الصَّلْصَلة، عن وصف الزلزلة، في الحديث عن أول زلزلة وقعت في الدنيا، كانت يوم قتل قابيل هابيل، فقد رجفت الأرض سبعة أيام، وتزلزلت الأرض يوم أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام، وأن قوم شعيب عليه السلام قد هلكوا بالزلزلة ﴿ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [الأعراف: 91]، وأن الأرض رجفت بالسبعين الذين اختارهم موسى عليه السلام، لأسباب أوردها السيوطي وجمع كبير من المفسرين، وأورد خبرًا مفادُه أن الشام قد رجفت بعد سيدنا عيسى عليه السلام واحدًا وثمانين مرة، وأن الأرض زلزلت لما قَدِمَ أصحاب الفيل إلى مكة، وزلزلت مكة يوم ولد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام بلياليها، وهي الزلزلة التي هزت إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة. (السمك، شبكة الألوكه، 2014)
أولاً: نماذج من زلازل مدمرة ضربت العالم الإسلامي…
قبل الحديث عن هذه الزلازل وأماكن وقوعها والخسائر الفادحة التي تسبب فيها، لابد من الإشارة إلى أن المؤرخين والعلماء المسلمين قد ألفوا مؤلفات كثيرة في هذا الباب، فقد تنوعت المصادر في أخبار الزلازل في الموروث التاريخي الإسلامي، فمنها الحولي، ومنها ما هو خاص بموضوع الزلازل وعلومها وآثارها، فالمؤلفات الحولية كتاريخ الرسل والملوك للطبري، والكامل في التاريخ لإبن الأثير، وغيرهما تناولت أحداث الزلزال عرضا فيما نجد مؤلفات خاصة بالزلازل، حملت في عَنْوَنتها الحديث عن الزلازل، التي وقعت في العالم العربي والإسلامي، وجاءت على شكل كتب ورسائل لعل أهمها؛ ما ذكره ابن النديم في كتابه (الفهرست)، رسالة في علم الزلازل، وكان عنوانها “علم حدوث الرياح في باطن الأرض، المحدثة كثير الزلازل”، ونسبها ابن النديم إلى الكندي المتوفى 204هـ وهي التي ترجمها ابن البطريق، وهي التي تقول بفرضية دور الرياح المحتقنة في باطن الأرض في إحداث الزلازل. وأيضا كتاب “الزلازل والأشراط” لأبي الحسن علي بن أبي بكر العوشاني 557هـ، والكتاب في غرض نصه، جاء معنيًّا بالجوانب الفقهية والشرعية، وتكلم عن زلزال الحجاز الكبير، الذي نتج عنه تضعضع الركن اليماني للكعبة المشرفة، وذلك سنة 515ه، علاوة عن قلائد العقيان، في ذكر ما ورد في الزلازل” لشهاب الدين إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي 574 – 653هـ. وغيرها من المؤلفات المدهشة والغنية بالمعلومات العلمية والتاريخية المفيدة. (السمك، شبكة الألوكه، 2014)
في السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة، أصاب المدينة المنورة زلزال شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال فيه: (يستعتبُكم ربُّكم، فأعتبوه)، فكان أول زلزال تم ذكره عن زلزال المدينة المنورة في مصادر التاريخ الإسلامي. (السمك، شبكة الألوكه، 2014)
وفي بلاد الشام وقع أول زلزال خلال العهد الإسلامي، سنة 13ه/633م، أثناء تقدم الجيوش الإسلامية الفاتحة، حيث ضربت فلسطين زلزلة استمرت ثلاثين يوما، رافقها انتشار للأوبئة في أنحاء مختلفة من البلاد (الخالدي، 2005، ص 69).
وفي سنة 130ه/748م، والسنة التي تلتها ضربت بلاد الشام وفي القلب منها دمشق زلزلة كبرى، وتجدر الإشارة أن هذين الزلزالين الكبيرين اللذين خربا مدنا بكاملها وقتلا الآلاف من الناس وقعا في العامين الأخيرين من عُمر الدولة الأموية، ولا شك أن وقوع مثل هذه الكوارث الكبرى مع ما كانت تمر به دولة بني أمية من أزمات داخلية وصراعات خارجية قد عجّل بزوال هذه الدولة. (أيوب، منديات الجزيرة، 2023)
أما القرن الثالث الهجري/التاسع الميلادي، فقد شهد 8 زلازل كبرى في بلاد الشام كاملة من جنوب تركيا وحتى فلسطين اليوم تسببت في خسائر فادحة في الأرواح والأموال والأبنية، كما شهد القرن الخامس الهجري/الحادي عشر الميلادي زلزالا خطيرا وقع في عام 460هـ/1068م وتضررت خلاله مدن بأكملها في فلسطين، ورصد المؤرخون خلاله لأول مرة وقوع “تسونامي” ضخم أغرق الساحل الفلسطيني كاملا. (أيوب، منديات الجزيرة، 2023).
كان الزلزال الذي ضرب مدينة حلب السورية في 11 أكتوبر/تشرين الأول 1138 أحد أسوأ الزلازل في التاريخ. ويُعتقد أن الكارثة قد تسببت في مقتل نحو 230 ألف شخص، وفقاً للمؤرخ المصري في القرن الخامس عشر، ابن تغري بردي. وانهارت قلعة حلب بالكامل، في حين دُمِّر حصن مسلم في الأتارب (الآن جزء من محافظة حلب الحديثة)، مما أسفر عن مقتل 600 من حراس المدينة. في ذلك الوقت، تعرضت حلب لاضطرابات بسبب المعارك بين القوات الإسلامية والصليبيين. وسُوّيت القلعة الصليبية في حارم المجاورة (تقع في محافظة إدلب) بالأرض. وكان الزلزال الضخم هو الأول من بين عديد من الزلازل التي دمرت مناطق في شمال سورية وغرب تركيا بين عامي 1138 و1139 (شبكة trt عربي،2023).
أما في بلاد الأندلس فقد ضرب غرناطة زلزال مدمر هلك فيه كثير من الناس وذلك سنة 834هـ/1431م، وقد جاء على ذكر الزلزلة المقريزي والعيني في عقد الجمان.
استمرت الزلازل على قوتها وشدّتها طوال العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية، ويُعد زلزال عام 868ه/1509م واحدا من أقوى الزلازل التي وقعت في العاصمة العثمانية الجديدة إسطنبول، وقد امتد تأثيره حتى عُمق الأناضول وشمال سورية، واستمرت توابعه 45 يوما، ووصفه بعض المؤرخين والرحالة مثل نصوح مطرقجي وأوليا شلبي وغيرهما بأنه كان مثل “القيامة الصغرى”، وفقدت فيه إسطنبول وحدها قرابة 10% من سكانها، ويرصد العديد من الباحثين زلازل أخرى طوال القرنين السادس عشر والسابع عشر بلغت قوة بعضها 7.8 درجات قياسا على حجم الخراب الذي وقع في مدن جنوب الأناضول ووسطها، ولا شك أن زلازل وقعت في مناطق سيواس وأماسيا سيمتد تأثيرها إلى شمال بلاد الشام وجنوب تركيا. (أيوب، منديات الجزيرة، 2023).
وفي مصر، قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص في زلزال مدمر في مدينة القاهرة عام1166ه/ 1754م ويُعتقد أن الزلزال، الذي قُدرت قوته بـ6.6 درجات، أدى إلى مقتل 40 ألف شخص في المدينة التابعة للإمبراطورية العثمانية آنذاك كما انهار عدد كبير من المباني في القاهرة. (شبكة trt عربي،2023).
كانت هذه نُبذة بسيطة عن أهم الزلازل التي ضربت العالم الإسلامي في فترات تاريخية مختلفة، ويبدو أن الزلازل في بلاد الشام قد احتلت مركز الصدارة في سجل أحداث الزلازل في مصادر التاريخ الإسلامي، وقد أبدع المؤرخون في وصف الزلازل من حيث قوتُها ودمارُها للمدن والقرى وتواريخها، ودرجة شدتها.ومن ناحية أخرى لا بد من الإشارة إلى أن الزلازل كمحنة لها آثارها الإجتماعية والإقتصادية الوخيمة قد جعلت الحكام يلتحمون مع المسلمين في شدتهم، من خلال تحمل مسؤولية تعمير ما خربته الزلازل من بنيان وتعويض بعض الخسائر المادية، علاوة على انتشار قيم التضامن والتكافل بين المسلمين لمواجهة تداعيات الزلازل ونكتفي هنا بنموذجين تاريخين مهمين:
الأول: الزلازل التي حدثت زمن خلافة عمر بن عبد العزيز (99-100ه/717-718م)، لم تنص الروايات التاريخية على تاريخ حدوثها بالضبط، ولا على الأماكن التي ضربتها، ومن المحتمل أن تكون بلاد الشام من بين هذه المناطق، يقول صاحب الجواب الكافي:” وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار، أما بعد فإن هذا الرجف شيئ يعاقب به الله عزوجل به العباد، وقد كتبت إلى سائر الأمصار يخرجوا في يوم كذا وكذا في شهر كذا وكذا، فمن كان عنده شيئ فليتصدق به، فإن الله عزوجل قال: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى، وقلوا كما قال آدم: ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين…( الخالدي، 2005، ص70)
الثاني: الطريقة التي تعامل بها نور الدين محمود مع الزلزال المدمر الذي ضرب بلاد الشام سنة 552ه/1157م، فبد الزلزلة التي دمرت شيزر توجه إليها نور الدين وضمها إلى دولته، وعمر أسوارها وأعادها جديدة، وكذلك فعل بمدينة حماه وكل ماخرب بالشام بهذه الزلزلة فعادت البلاد أحسن مما كانت عليه (الخالدي، 2005، ص 81).
ثانياً: المسلمون في زمن الابتلاء بالزلازل
يُعد الزلزال نوعا من الكوارث التي تسير بقدر الله وحكمته؛ بما أجراه من سنن وقوانين، وضربا معقدا من الابتلاء والتمحيص والتجاوز والتأسيس، ومقاما يتقدم فيه التائبون المراجعون المعتبرون، ويتراجع فيه المعاندون الجبارون المفسدون، ومآلا جزائيا من جنس الحال الدنيوي التكليفي بعمارة للحياة طيبة ومراجعات للفكر والسلوك قيمة. وفيما يلي بعض مما على المسلم فعله عند حدوث الزلالزل: (الخادمي، الإتحاد العام للعلماء المسملين، 2023)
أولا: التوبة:
وهي واجبة على العباد، فلا بد من المبادرة إلى التوبة سريعا دون تأخير عند حدوث الزلزال أو غيره من الكارث الأخرى، فكل شيئ تخافه تهرب منه إلا الله فإنك إن خفته لجات إليه سبحانه، كما قال تعالى:” فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (الذاريات:50)
وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم أنه كان يقول:” اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك، وفي حديث آخر: لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك (الفضلي، 2018، ص61).
ثانيا: الصدقة:
ومما يستحب عند الزلزلة التصدق وبذل المال فعن جعفر بن برقان قال: كتب إلينا عمر بن عبدالعزيز في زلزلة كانت بالشام: أن أخرجوا يوم الاثنين من شهر كذا وكذا، ومن استطاع منكم أن يخرج صدقة فليفعل، فإن الله تعالى قال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾ ]الأعلى: 14، 15. [(عبد المقصود، شبكة الألوكه، 2013)
عند وقوع الزلازل لا بد من انتشار القيم الإسلامية الرفيعة بين المسلمين، من خلال تفشي قيم التضامن والتعاون، فينبغي التصدق على الفقراء والمنكوبين والجرحى وإيواء المتضريين، علاوة على تكاثف جهود الجمعيات الخيرية وكل الجهات الداعمة وذلك من أجل تخفيف الأضرار وجبر الخواطر. (الفضلي، 2018، ص67)
ثالثا: الدعاء والتضرع والإستغفار
فالدعاء استغاثة من الضعيف بالقوي، ومن المغلوب بالغالب، فهذه الحوادث والزلازل من مواطن الدعاء ومظانه، كيف لا وقد قال تعالى:” ﴿أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء﴾]النمل: 62[.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من لم يدع الله غضب عليه). فإذا كانت الغفلة عن الدعاء في عوام الأوقات توجب غضب الله عليه، فكيف بها وقت الزلزال والكوارث؟ ( عبد المنعم، 1993، ص37)
رابعا: الصلاة
هل يصلى للزلازل حماعة كصلاة الكسوف والخسوف، في هذه المسألة هناك خلاف بين العلماء.
قال ابن قدامة: قال أصحابنا: يصلى للزلزلة كصلاة الكسوف. وهو مذهب إسحاق وأبي ثور. قال القاضي: ولا يصلى للرجفة، والريح الشديدة، والظلمة، ونحوها. وقال الآمدي: يصلى لذلك، ولرمي الكواكب والصواعق وكثرة المطر. وحكاه عن ابن أبي موس، وقال أصحاب الرأي: الصلاة لسائر الآيات حسنة؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – علل الكسوف بأنه آية من آيات الله تعالى يخوف بها عباده. وصلى ابن عباس للزلزلة بالبصرة. رواه سعيد. (عبد المقصود، شبكة الألوكه، 2013)
وقال مالك والشافعي: لا يصلى لشيء من الآيات سوى الكسوف؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – لم يصل لغيره، وقد كان في عصره بعض هذه الآيات وكذلك خلفاؤه.وقد كان في عصره بعض هذه الآيات ووجه الصلاة للزلزة فعل ابرن عباس، وغيرها لا يصلى له لما ذكرنا الله أعلم.
وفي الموسوعة الفقهية: قال الحنفية: تستحب الصلاة في كل فزع: كالريح الشديدة والزلزلة، والظلمة، والمطر الدّائم لكونها من الأفزاع، والأهوال. وقد روي: أنّ ابن عبّاس – رضي الله عنهما – صلّى لزلزلة بالبصرة .
وعند الحنابلة : لا يصلّى لشيء من ذلك إلاّ الزّلزلة الدّائمة ، فيصلّى لها كصلاة الكسوف ؛ لفعل ابن عبّاس – رضي الله عنهما – أمّا غيرها فلم ينقل عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه الصّلاة له .وفي رواية عن أحمد : أنّه يصلّى لكلّ آية .
وقال الشّافعيّة : لا يصلّى لغير الكسوفين صلاة جماعة ، بل يستحبّ أن يصلّى في بيته ، وأن يتضرّع إلى اللّه بالدّعاء عند رؤية هذه الآيات ، وقال الإمام الشّافعيّ – رحمه الله – : لا آمر بصلاة جماعة في زلزلة ، ولا ظلمة ، ولا لصواعق ، ولا ريح ، ولا غير ذلك من الآيات، وآمر بالصّلاة منفردين ، كما يصلّون منفردين سائر الصّلوات .(الموسوعة الفقهية، 1983، ج28/ص262).
الخاتمة
اهتم علماء المسلمين بالزلازل وألفوا فيها المؤلفات الكثيرة والمفيدة، ولا شك أن هذا الاهتمام نابع أساسا من محاولة فهم هذه الظاهرة التي عصفت بالكثير من الأرواح والخسائر المادية والمعنوية. كما لا بد من الإشارة أنه على قدر شدّة تلك الزلالزل المدمرة التي ضربت العالم الإسلامي في فترات تاريخية متباينة كانت القيم الإسلامية الرفيعة حاضرة بكثافة سواء عند بعض الحكام المسلمين الذين سارعوا إلى مساعدة المتضريين والمنكوبين وإعادة التعمير أو عند عامة الناس الذين كانوا متشبعين بخصال التعاون والتضامن الإجتماعي.
وفي الختام يمكن القول بأن مآلُ من قضى نحبه في الزلزال من أمة محمد عليه الصلاة والسلام مُبيّنٌ في السُنّة النبوية، فهو في عِداد الشهداء عند الله تعالى؛ لقول النبي ﷺ قال: «الشهداءُ خمسةٌ: المطعونُ، والمبطونُ، والغريقُ، وصاحب الهَدْم، والشّهيدُ في سبيل الله». فصاحب الهدم هو “من يموت تحته”، أي تحت أنقاض البيوت والبنايات في حال الزلال. وقد قال النبي ﷺ: «أُمّتِي هَذِهِ أُمّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا، الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ».
المراجع:
- فالح بن جبر الفضلي، الزلازل عبر وأحكام، الكويت، ط1، 1439ه-2018م
- عمر عبد المنعم، الزلازل أسبابها الشرعية وسبل النجاة منها، دار الصحاية للتراث، طنطا، الطبعة 1، 1413ه-1993م
- خالد يونس الخالدي، الزلازل في بلاد الشام، من القرن الأول إلى القرن الثالث عشر ميلادي= القرن السابع إلى القرن التاسع عشر ميلادي، مجلة الجامعة الإسلامية، المجلد الثالث عشر-العدد الأول، يناير 2005.
- الموسوعة الفقهية، دار الأوقاف الكويتية، 1983. انظر: https://cutt.us/O27Nh
- محمد شعبان أيوب ” أسقطت دولا ودمرت مدنا.. أكثر من 100 زلزال كارثي رصدها المؤرخون في تركيا والشام”، منتديات الجزيرة، 2023. انظر: https://cutt.us/rZ7bt
- نور الدين مختار الخادمي، ” الزلازل الثّلاثة والامتحان الصّعب”، الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، 2023. انظر: https://cutt.us/BDjDE
- عبد الكريم السمك،” الزلازل: أخبارها في مصادر التاريخ الإسلامي ومراجعه”، منديات شبكة الألوكه،2023. انظر: https://cutt.us/7t4kY
- الشيخ أشرف عبد المقصود،” فقه الزلازل وما يستحب عندها”، منديات شبكة الألوكه، 2013، انظر: https://cutt.us/dHfv5
“الأكثر تدميرا عبر التاريخ…تعرف على أبرز خمسة زلازل ضربت الشرق الأوسط”،TRT عربي، 2023. انظر: https://cutt.us/fIgiH