المرسوم لخداع المجتمع الدولي… رئيس الائتلاف: مرسوم العفو الأخير الصادر عن نظام الأسد لا يختلف عن مراسيم العفو السابقة
أكد رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة أن مرسوم العفو الأخير الصادر عن نظام الأسد، لا يختلف عن مراسيم العفو السابقة، والتي بلغ عددها 24 مرسوماً، وهي تأتي في إطار التلاعب بالمشهد السياسي، والمماطلة لكسب الوقت وعدم الانخراط بشكل فعلي لإنجاز الحل السياسي وفق القرار الدولي الخاص بسورية 2254.
وفي مقال له نشره موقع “الجزيرة” أمس الثلاثاء، تحت عنوان: “العفو عن جميع المعتقلين في سورية.. هل هو وعد حقيقي؟”، قال البحرة إنه ومنذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، تواجه سورية أزمات سياسية وإنسانية متواصلة. ومع مرور الوقت، أصبح جليًا أن نظام بشار الأسد لا ينوي تغيير نهجه أو الانخراط في عملية سياسية تفضي إلى حل شامل ومستدام.
وأشار البحرة إلى أن أبرز الأدوات التي يعتمدها النظام للتلاعب بالمشهد السياسي، هو إصدار مراسيم تمنح العفو عن المعتقلين السياسيين والرجال في سن الخدمة العسكرية الذين تهربوا من التجنيد الإجباري، موضحاً أن النظام يقدم هذه المراسيم على أنها خطوات تصالحية، غير أن الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك.
ولفت البحرة إلى أن المرسوم التشريعي رقم 27، الصادر في 22 أيلول الماضي، هو المرسوم الـ 24 من نوعه منذ اندلاع الثورة السورية، ويعكس إستراتيجية النظام المستمرة في التهرب من الضغوط السياسية والمماطلة في تقديم تنازلات جوهرية لتحقيق حل سياسي، مؤكداً أن الأسد يستخدم هذه المراسيم كوسيلة لخداع المجتمع الدولي وإيهامه بأنه يسعى إلى تحقيق الاستقرار والمصالحة.
وأوضح البحرة إلى أنه بالفحص الدقيق لهذه المراسيم يكشف أنها تترك مساحة واسعة أمام الأجهزة الأمنية للتلاعب بمصائر الأفراد الذين يُفترض أنهم مشمولون بالعفو، حيث إن المراسيم تنص على العفو عن بعض الجرائم، إلا أن التهم الملفقة التي يوجهها النظام إلى معارضيه السياسيين، مثل “الإرهاب” و”الخيانة العظمى”، لا تزال مستثناة من هذا العفو، واعتبر هذا يعني فعليًا أن غالبية المعتقلين السياسيين والنشطاء يبقون خارج نطاق هذه المراسيم، مما يجعلها غير فعالة في توفير بيئة آمنة لعودة اللاجئين.
وندد البحرة على أن المشكلة الأساسية التي تعيب هذه المراسيم هي غياب الرقابة القضائية المستقلة، مضيفاً أن هذه المراسيم تمنح الأجهزة الأمنية سلطة مطلقة في تحديد من يستفيد من العفو، مما يخلق بيئة مواتية لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ولفت البحرة في مقاله أنه وبدلًا من أن تكون هذه المراسيم وسيلة لتحقيق العدالة، تُستغل كأدوات للابتزاز واستدراج المعارضين الذين قد يظنون أن النظام جاد في مساعيه المزعومة نحو المصالحة، وصرح البحرة أن العديد من العائدين في الماضي قد واجه الاعتقال والتعذيب، بل حتى الاغتيال، فور عودتهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
ولفت البحرة إلى أن النظام أثبت مرارًا وتكرارًا عدم استعداده للانخراط في عملية سياسية حقيقية، بل فضل التلاعب بالأدوات القانونية والسياسية لتأجيل أي حل فعلي، مع الاستمرار في تعزيز سلطته عبر القوة العسكرية والدعم الخارجي.
ونوه رئيس الائتلاف الوطني أن قرارات الأمم المتحدة، مثل قرار مجلس الأمن 2254 الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والشروع في عملية انتقال سياسي، تبقى مجرد حبر على ورق بالنسبة للنظام، إذ يرفض الالتزام بأي مسار يؤدي إلى انتقال للسلطة، ويرفض إجراء أي تغييرات هيكلية في مؤسسات الدولة، لا سيما بعد فقدانه جزءًا كبيرًا من سيادته لصالح حلفائه الأجانب.
وفي ظل هذه المعطيات، طالب البحرة، المجتمع الدولي، بأن يدرك أن هذه المراسيم التي يصدرها الأسد ليست سوى محاولات يائسة للتهرب من متطلبات الحل السياسي، مؤكداً أن الاستمرار في منح النظام المزيد من الفرص لتغيير سلوكه لا يعدو كونه إضاعة للوقت ويزيد من معاناة الشعب السوري.
وشدد على أنه لا بد للمجتمع الدولي من اتخاذ موقف أكثر حزمًا، وربط أي تعامل مع النظام بإحراز تقدم ملموس في العملية السياسية، بما في ذلك الشروع في انتقال سياسي يضمن حقوق جميع السوريين ويحقق العدالة والمحاسبة.
وتابع البحرة قائلاً: “لا يمكن لسورية الخروج من دوامة الحرب والمعاناة دون حل سياسي شامل يستند إلى قرارات الأمم المتحدة، ويجب أن يشمل هذا الانتقال السياسي تشكيل هيئة حكم انتقالي تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية.
بحيث تمثل جميع مكونات الشعب السوري، وتتمكن من تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. وفي غياب هذه التدابير، ستبقى سورية غارقة في الفوضى، وسيستمر النظام في استخدام الأدوات القانونية والسياسية للتلاعب بمصير الشعب السوري”.