مقالات الرأي

مرام بكور تكتب في “داماس بوست”: مساحات آمنة للنساء تحميها من العنف في الشمال السوري

تسببت الأزمة السورية في خلق فجوات كثيرة على كافّة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية، نشأ عنها مشكلات اجتماعية عديدة وضغوطات نفسية واقتصادية على السكان المتضررين، من أهمها انتشار العنف ضد المرأة بأشكال متعددة مثل العنف الجسدي والجنسي والنفسي والاقتصادي والزواج المبكر والقسري، والتي يكون البعض منها ظاهراً والآخر مستتر.

 

يعرّف العنف ضد المرأة على أنه  انتهاك لحقوق الإنسان وشكل من أشكال التمييز ضد المرأة، وهو يشمل كل عنف مبني على أساس النوع الاجتماعي يتم توجيهه ضد المرأة ويؤدي أو يمكن أن يؤدي إلى إلحاق معاناة أو أذى جسدي أو جنسي أو نفسي أو اقتصادي على المرأة  ويشمل التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الإكراه سواء في الحياة العامة أو الخاصة.

 

في  السنوات الأخيرة، أصبح العنف ضد المرأة مصدراً للقلق بعد ازدياد المخاطر المتعلقة بالحماية، ومع تدهور الجانب الاقتصادي، وتحطم الهياكل الاجتماعية لدى كثير من النساء والفتيات وفقدانهم للكثير من العلاقات الداعمة، وتدني الوعي ومستويات التعليم بالإضافة لقلة المساعدات الإنسانية التي تراجعت في الآونة الأخيرة، والضغط المتزايد على القطاع الصحي بعد توقف تمويل الكثير من المراكز والمنشآت الطبية، شهدنا ارتفاعاً ملحوظاً في حالات العنف ضد المرأة.

 

بعد كلّ هذه السنوات، كان لابدّ من سد الثغرات وتكثيف الجهود في تقليل المخاطر والاستجابة الضرورية للنساء المعرضات للعنف من خلال الحماية والتوعية وخلق مساحة آمنة لها، حيث أنّ لحماية المرأة أهمية كبيرة في حماية الأسرة التي تعتمد في قوتها وتماسكها على الأم، الأمر الذي يؤدي إلى تطور المجتمع ككل تلقائياً، إذ تساهم حمايتها في تطوير وتنمية العديد من جوانب الحياة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتعليمي.

 

ساعد قطّاع الحماية في السياق السوري على إنشاء مساحات آمنة للنساء والتي تنتشر في مناطق مختلفة في شمال غربي سوريا حيث تهدف إلى خلق بيئة آمنة  للنساء واليافعات وتقديم الخدمات والأنشطة اللازمة من قبل فريق مدرّب ومتخصص في مجال الحماية، بعيداً عن الصدمات وحالات العنف التي يمرّون بها.

 

تلعب هذه المساحات دوراً هاماً في إعادة التوازن النفسي والاجتماعي للنساء والفتيات، وبناء علاقات اجتماعية جديدة داخل المجموعات التي يتشاركن فيها التجارب والقصص المختلفة، بالإضافة لاكتساب مهارات عديدة في التعامل مع مجتمعهن المحيط، بما ينعكس على حماية صحتهن النفسية والجسدية.

 

كما توفر هذه المساحات فرص التمكين المهني التي تخلق أملاً جديداً لدى الكثير من النساء في دخول سوق العمل والإنتاج، لتصبح عنصراً فاعلاً ومشاركاً في الحياة وتعتمد على عملها في سد الاحتياجات بدلاً من أن تكون عرضةً للاستغلال.

 

ولأن الرجل هو الفاعل الرئيسي في دعم المرأة ومساندتها في مواجهة مصاعب الحياة، يتوجه برنامج حماية المرأة بجلسات التوعية حول قضايا حماية المرأة لفئات المجتمع من اليافعين والرجال، والتي تهدف للتوعية عن مخاطر العنف ضد المرأة والعواقب التي يسببها على الأسرة والمجتمع.

 

ولا نغفل عن أهمية التوعية القانونية التي تقدم في العديد من برامج الحماية لضمان حقوقها وحقوق عائلتها في الحصول على الخدمات الإنسانية، وحمايتها من أشكال العنف العديدة كالحرمان من الحقوق المالية والعقارية وغيرها.

 

باتت  حماية المرأة قضية بارزة لا تقتصر على قطاع الحماية فقط فهي مسؤولية مشتركة مع كافة القطاعات الإنسانية ومسؤولية المجتمع بكافة عناصره حيث يتوجب على الجميع السعي لتضمين إجراءات وقرارات وسياسات لتخفيف مخاطر العنف على المرأة بدءاً من تدريب العاملين الإنسانيين ومروراً بتنفيذ الأنشطة الإنسانية وانتهاءاً برؤية أثر الأنشطة والمشاريع على المستفيدين والمجتمع، كما يجب على العاملين في القطاعات الإنسانية المساهمة في تخفيف المخاطر على النساء ودعم برامج  حماية المرأة من خلال التعريف  بخدمات الحماية ومساعدة النساء في الوصول للخدمات المنقذة للحياة.

 

بقلم مرام بكوّر

مسؤولة بناء القدرات ببرنامج GBV في المنتدى السوري

 

الأفكار الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي الوكالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى