دعاة “الدولة العلمانية” في سوريا من هم وما أهدافهم
شهدت الساحة السورية تصاعداً ملحوظاً في الأصوات المطالبة بتحديد هوية الدولة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقد هذه الدعوات أثارت جدلاً واسعاً، حيث تبين أن العديد من المحركين لها ليس لديهم تاريخ أو نشاط واضح في معارضة النظام المجرم، بل إن بعضهم يظهر كداعم له وحث على قتل السوريين.
من أبرز الشخصيات التي تتصدر هذه الحملة هي ديانا جبور، المديرة السابقة لتلفزيون النظام، والتي تُعتبر من أبرز المروجين لفكرة العلمانية في الدولة، رغم ارتباطها بالنظام الساقط، وقد ورد اسمها في تسريبات تتعلق بالمجتمع المدني في اللجنة الدستورية عام 2019.
غالية طباع، المعروفة بصلاتها الوثيقة بالنظام، دعت أيضاً إلى المشاركة في تجمعات تطالب بدولة علمانية، مستخدمة علم النظام السابق، ويُعرف عنها أنها من أبرز الوجوه الإعلامية التي روجت للدعاية الأسدية والروسية، حيث عبرت في منشورات سابقة عن أماني تتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد مناطق سيطرة “قسد”.
شخصيات أخرى مثل نجوى حسن يوسف وريم رسلان شاركت في هذه الدعوات، حيث دعت الأولى إلى تشكيل أحزاب تمثل تيارات متعددة، فيما أشارت الثانية إلى ضرورة رفع علم النظام المخلوع.
وسبق أن نشرت “ريم رسلان” على منصة إكس قالت فيه “هدول البراميل قليلة فيهم.. لازمهم خزانات ويا ريت تكون مليانة كيماوي”، وقالت إن قصف الغوطة الشرقية بدمشق “صوت البرميل والسوخوي وحتى الكيماوي قصيدة حب”، واعتبرت أن انتقادات السوريين لنظام الأسد “تثبت أن الكيماوي أحلى في القلب من أغنية لفيروز”، وفق تعبيرها
ويظهر من ذلك أن هذه الحركات ليست عفوية، بل مدعومة من أطراف مرتبطة بنظام الأسد السابق، تهدف إلى خلق حالة من الفوضى قبل إعداد دستور جديد للدولة واستفتاء الشعب على هويته، ويرى مراقبون أن هذه الدعوات تمثل محاولة للتنصل من المساءلة والمحاسبة بسبب دورهم في التحريض على الجرائم ضد الشعب السوري.
ونشر الإعلام الحربي “وحيد يزيك”، صور من التجمع في ساحة الأمويين بدمشق وزعم أنه “بهدف تكريس المفاهيم المدنية وتعزيز الممارسات الديموقراطية”،
ومن بين الشخصيات المشاركين وكانوا محرضين على الجرائم بحق أبناء الشعب السوري أشخاص عسكريين وإعلاميون منهم: “لمى بدور”، و”عاصم هيفا”، و”مجدولين جرماني”، و”محمد سليمان”، “رائد يزبك”، “عباس جورك”، “علي مخلوف”، “يامن سلمان”، و”ختام طفيله”، “رضا الباشا”، “كندة الخضر”، “جورج برشيني” وغيرهم المئات.
وعدد من منظمي هذه الدعوات انتقدوا اعتبارهم “شبيحة” علما بأن نشطاء الثورة السورية لم يعمموا هذه الصفة على كافة المشاركين بل قاموا بفضح تاريخ دعاة هذه الوقفات، كما لوحظ رفع علم الثورة السورية علم الدولة الجديد بشكل خجول في ساحة الأمويين.
وبذلك بدأت رواسب نظام الأسد الساقط، تطفو على سطح الحراك الشعبي السلمي في سوريا، برزوا ضمن تكتلات جديدة باتت تحاول فرض نفسها في التظاهرات الشعبية في ساحة الأمويين في دمشق، تنادي بـ”الدولة العلمانية” وترفض علم الثورة السورية، كان هؤلاء إلى وقت قريب يمجدون الأسد ودولة القتل والبراميل ويدعون لسفك الدم وقمع الحريات.
وفي تظاهرة ساحة الأمويين في دمشق أمس الخميس، كان فيها من ادعوا أنهم نشطاء مدنيون وأدباء وفنانين وشخصيات برزت على مواقع السوشال ميديا ضمن برامج مخلة وضيعة منهم “الشيخ نيني -عباس جورك -إلينا سعد -ريم رسلان -ياسمين سليمان -ديما بياعه” وعدد من الأشخاص الذين ارتفعت أصواتهم لإقامة دولة علمانية، ورفعوا شعارات مناهضة لروح الثورة السورية.
وبرز “تجمع الشباب المدني” في الساحة السورية خلال الاحتجاجات، لكنه لم يكن داعماً لثورة السوريين ضد نظام الأسد، بل سعى إلى تشويش الأجواء من خلال طرح مطالب تتعلق بإقامة دولة علمانية، وقد قاموا برفض علم الثورة السورية، مدعين أنه يمثل علم الاستقلال عن الاحتلال الفرنسي، كما حاولوا إعاقة قيادات الثوار أثناء إلقائهم كلمات تؤكد على أهمية التعددية والتشاركية في مستقبل سوريا.
وشهدت البلاد، ولأول مرة منذ 50 عاماً، “جمعة النصر” التي تمثل انتصار السوريين على نظام الأسد، خرج الملايين في جميع أنحاء الوطن، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، ليعبروا عن فرحتهم بتحررهم من حكم آل الأسد، كان المشهد مهيباً، يرسم معالم سوريا الحرة، سوريا لكل السوريين.
في المسجد الأموي الكبير بدمشق، كان هناك حضور لافت، حيث شكل هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ البلاد، كان الرد الشعبي على محاولات إيران لفرض مشروعها الطائفي واضحاً، إذ أعاد السوريون أمجادهم وحرروا مقدساتهم من دنس الغزاة.
ولأول مرة، تعيش سوريا هذه الفرحة العارمة، سنة وشيعة وعلويين ودروز ومسيحيين وتركمان وكرد وإسماعيلية ومن كل الأطياف والملل، خرجوا في الساحات اليوم متكاتفين، مؤكدين مضيهم في بناء سوريا، إيذاناً بإنهاء حقبة مريرة من تاريخ سوريا وكانت تكاليف هذا اليوم دماء وأشلاء وأرواح بمئات الآلاف.