إنفوغرافبطاقة معلومات

من هو رجل الأعمال السوري الماسوني “راتب الشلاح” الملقب بـ “شهبندر تجار سوريا”

توفي صباح اليوم الأربعاء 6 تشرين الثاني/ نوفمبر، في العاصمة السورية دمشق، رجل الأعمال السوري الماسوني “راتب الشلاح” عن عمر ناهز 92 عاماً، وهو صاحب كلمة مسموعة لدى صناع القرار الاقتصادي السوري، حيث يُعتبر الشلاح أحد أبرز الوجوه التجارية في سوريا، فقد حمل لقب “شهبندر تجار سوريا”.

وهذا اللقب ورثه عن والده، التاجر الدمشقي الشهير بدر الدين الشلاح، كما ورث راتب من والده أيضاً مناصب لدى الماسونية، وهما من كبار ماسونية سوريا، وقد كان والده بدر الدين الشلاح رئيساً لمحفل ماسوني لفترة طويلة.

وفي موقف راتب من الثورة السورية ضد النظام لم يكن واضحاً في البداية ما جعله غير محسوب على أحد الطرفين، ولعل ذلك الموقف هو من خلاصة سياسة والده، ويقول مطلعون على أعمال الشلاح ونشاطاته مع بداية الثورة السورية في آذار 2011، إن الرجل كان داعماً بقوة للحراك السلمي في بدايات الثورة، ولكن تغير موقفه نحو الحياد “بعد محاولات أسلمة الثورة واستخدام السلاح”.

وأطلق الشلاح وعدد من رجال الأعمال والسياسيين مبادرة “الضمير السوري”، في بدايات الثورة ضد النظام وكانت تنص على بقاء رأس النظام بشار الأسد في السلطة حتى عام 2014 ومن ثم عدم الترشح بعدها.

كما نصت مبادرة “الضمير السوري” الإبقاء على حكومة نظام الأسد في ذلك الوقت، مع تغيير وزيري الدفاع والداخلية فقط، ومن الأسماء التي شاركت في المبادرة إلى جانب الشلاح، أنس الكزبري، موفق قداح، عادل مارديني، زينة يازجي، أديب فاضل، عبد الله الدردري.

وُلد الدكتور راتب الشلاح في دمشق كابن أكبر لبدر الدين الشلاح، الذي كان له دور بارز في بناء قاعدة تجارية صلبة وقوية للعائلة التي في بيئة تجارية، حيث حرص الوالد على توفير أفضل فرص التعليم لأبنائه، إذ أرسلهم إلى مدارس مرموقة مثل مدرسة برمانا الداخلية في لبنان.

وحصل راتب على درجة الدكتوراه في المالية وإدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا، إضافة إلى ماجستير في الفلسفة والسياسة والاقتصاد من جامعة أوكسفورد، وبعد عودته إلى دمشق في الثمانينيات، تولى راتب الشلاح رئاسة غرفة تجارة دمشق، ثم أصبح رئيس اتحاد غرف التجارة السورية.

كما شغل الشلاح عدة مناصب أخرى، بينها رئاسة سوق دمشق للأوراق المالية، ورئيس اللجنة السورية الوطنية وغرفة التجارة الدولية واتحاد الغرف الإسلامية للتجارة والصناعة، ورئيس لجنة إدارة مركز الأعمال السوري الأوربي، وعلاقة الشلاح كانت جيدة مع رامي مخلوف، وجميع رجال الأعمال السوريين وكذلك من النخب السياسية السورية، ما أدى لوصفه كـ “بيضة القبان” المؤثرة في أي قرار اقتصادي بسوريا.

وساهم راتب في ترسيخ مكانة العائلة التجارية في السوق السوري، وأدخل مفاهيم جديدة للإدارة لم تكن مألوفة في المجتمع التجاري التقليدي، كما شغل مناصب مهمة على المستوى الإقليمي والدولي، ولم يقتصر تأثير الدكتور راتب الشلاح على المجال الاقتصادي فحسب، بل امتد أيضاً إلى المجال الأكاديمي، حيث عمل محاضراً في قسم الاقتصاد بجامعة دمشق ودرس أيضاً في الجامعة الأميركية في بيروت.

كما كان عضواً في مجلس المحافظين في معهد الدراسات العليا بدمشق وجامعة النيل الإسلامية في السودان، وحصل الدكتور راتب الشلاح على العديد من الأوسمة الدولية، منها وسام النيل السوداني من الطبقة الأولى ووسام الشرف السامي الأجنبي من جمهورية النمسا، بالإضافة إلى وسام جوقة الشرف برتبة فارس من الجمهورية الإيطالية.

ولمعرفة القاعدة التجارية الصلبة التي واصل عبرها راتب الشلاح لابد من الإشارة إلى والده التاجر الشهير بدر الدين الشلاح، والذي ولد عام 1905 في حي ساروجة بدمشق، ترعرع بدر الدين في كنف عائلة تعمل في دباغة الجلود، ولقبوا بسبب ذلك ببيت الشلاح، منذ نعومة أظافر بدر الدين، أظهر ميلاً فطرياً نحو التجارة، حتى أنه لم يتجاوز المرحلة الإعدادية حيث انخرط سريعاً في أعمال والده (سليم الشلاح) التجارية.

كان لوالد بدر الدين دور بارز في تدريبه على التجارة، إذ حثّه على تدوين تفاصيل العمل اليومي، مما أكسبه مهارة التدوين وتعزيز خطه، وقد ساعدته هذه التجربة في تطوير مهاراته في المجال التجاري، حيث بدأ بتسجيل حسابات العائلة والتعمق في تفاصيل عملهم،

وقد أسس بدر الدين أعماله التجارية منذ صغره، وتمكن من بناء إمبراطورية تجارية واسعة خلال الحرب العالمية الثانية، كما أقام علاقات وطيدة مع شخصيات سياسية بارزة، مما ساهم في استمراره كرئيس لغرفة التجارة السورية لمدة ثلاثين عاماً.

في سن الخامسة عشرة، دخل بدر الدين الشلاح عالم الزواج عندما ارتبط بإقبال التيناوي، ابنة الضابط أمين التيناوي. وقد أسفر هذا الزواج عن إنجاب عدد من الأبناء الذين ورثوا عنه شغفه بالتجارة، ومن بينهم يبرز كل من راتب الشلاح ومحمد الشلاح كأسماء بارزة في هذا المجال.

في عام 1990، أطلق بدر الدين الشلاح كتابه “للتاريخ والذكرى – قصة عمر وجهد”، الذي وثق فيه مسيرته الحياتية وإنجازاته. وقد قام ابنه راتب بتقديم الكتاب برسالة مؤثرة تعكس مشاعر الفخر والاحترام تجاه والده، مما يعكس الروابط العائلية القوية والقيم التي ورثها الأبناء عن والدهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى