الجناح السلمي لداعش ..حزب التحرير وأسطورة الخلافة ماذا تعرف عنه؟
شنت الشرطة العسكرية في مدينة عفرين وريفها، يوم الأربعاء 18 أيلول 2024، حملة اعتقالات واسعة استهدفت العشرات من كوادر “حزب التحرير” بعد مشاركتهم في تظاهرة نظمتها المجموعة، وجاء هذا التحرك الاحتجاجي في إطار رفض الحزب لوجود القوات التركية في سوريا، والمطالبة باستعادة القرار العسكري للفصائل المعارضة، إضافة إلى رفض فتح المعابر مع نظام الأسد.
ووفق مصادر محلية، اعترضت عناصر الشرطة العسكرية سيارتين تقلان كوادر “حزب التحرير” عند مداخل مدينة عفرين وبلدة كفرجنة، واعتقلت نحو 20 شخصًا عقب مغادرتهم المدينة المظاهرة التي دُعي إليها من قبل الحزب، جاءت ضمن سلسلة من الاحتجاجات المتزايدة في شمالي حلب، حيث شهد الحزب توسعًا في نشاطه مؤخرًا، بعد أن كان تركيزه الأساسي في مواجهة “هيئة تحرير الشام” في إدلب وغربي حلب.
وتُعد هذه الحملة من الاعتقالات الأولى من نوعها التي تستهدف “حزب التحرير” في مناطق سيطرة الفصائل الثورية في غصن الزيتون ، فقد كان نشاط الحزب في السابق يقتصر على التظاهرات ورفع الشعارات، خاصة تلك التي تعارض الوجود التركي والتطبيع مع قوات نظام الأسد ولا يوجد للحزب أي جناح مسلح أو ارتباط بفصائل عسكرية، ما جعله يعتمد بشكل أساسي على الحراك الشعبي السلمي.
ويعتبر حزب التحرير السوري فرعا ضمن حزب التحرير المحظور في أغلب الدول العربية والذي تم إنشاؤه في الخمسينيات وله فروع في بعض دول العالم، ويتواجد هذا الحزب في الشمال السوري وتحديداً في إدلب ولكنه لا يملك أي تأثير، وليس له فصيل عسكري تابع له، حيث تغلب عليه بالعموم العمل السياسي والتنظيمي الحركي، ولم يعمل على تشكيل عسكري، وجرى مؤخراً في إدلب إغلاق جميع مقرات الحزب والقبض على أغلب القياديين حيث تم إطلاق سراح بعضهم بينما لازال بعضهم في سجون هيئة تحرير الشام، وسبب الاعتقال إنهاء وجود أي أفكار خارج فكر الهيئة.
والهدف من إنشاء الحزب منذ بدايته هو إقامة خلافة إسلامية، والحزب لا يعترف في أدبياته ونظامه الداخلي بالدول العربية ويعتبرها ولايات له، وحكامها غير شرعيين، ولذلك كل فرع لديه يطلق عليه ولاية كذا، وفرعه في سوريا يطلق عليه فرع (ولاية سوريا)، وينشط سياسيا وعبر دعوة الشخصيات المؤثرة والبعيدة عن العلم حتى لا تناقش ولا تُحاور، ويعتبرون الشمال السوري أرضا خصبة لحزبهم ولكنهم فشلوا في إنشاء قاعدة عريضة هناك، حيث كانوا يقولون شمس الخلافة ستشرق من سوريا بينما يتهم معارضوه أنه الجناح السلمي لداعش.
وحول أفكار الحزب يصرح حزب التحرير بأن غايته “هي استئناف الحياة الإسلامية، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم ولكن يمكن تلخيص عدد من أفكار الحزب وإعطاء صورة مصغرة عنه بحسب المعلومات الواردة عنه في وسائل الإعلام أو أفصح عنها الحزب في مطبوعاته ومدوناته الإلكترونية.
ومن تلك الأفكار: وجوب التقيد بالشرع، فالشرع هو مقياس الأفعال في الإسلام (تحكيم الحكم الشرعي في الأفعال والأقوال) أن الخلافة هي عين تطبيق الأحكام الشرعية في الواقع، فالأوامر والنواهي التي نزلت في القرآن والسنة إنما أوحي بها ليُعمل بها وتطبق نظاما في الحياة والدولة والمجتمع وعلى صعيد الأفراد والأحزاب، وأن طريقة تطبيقها هي الخلافة، وأن الخلافة تحمل الدعوة للإسلام إلى الأمم، والسيادة في الخلافة للشرع فما شُرِعَتِ الخلافةُ إلا لتنفيذ الشرع.
وإن الخليفة يُبايَع من المسلمين ولا يحق له بحال من الأحوال أن يتسلط على رقابهم إلا برضاهم، فالسلطان في دولة الخلافة للأمة تبايع من يحكمها بكتاب الله وسنة رسوله عن رضا واختيار، أن الخلافة هي دولة كل المسلمين وأن خليفة المسلمين واحد لا يتعدد، وأن المسلمين أمة واحدة من دون الأمم وأن نظام الخلافة نظام شرعي رباني وليس من صنع الصحابة أو غيرهم،
وحدة الخلافة، فالخلافة ليست لها حدود ثابتة فهي متسعة أرضها باستمرار، لكن ليس كدولة مستعمرة ناهبة، وإنما كدولة فاتحة حاملة لواء الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
والمحافظة على الحياة الإسلامية بالمحافظة على الخلافة حيث إن الضامن لاستمرار الخلافة هو تركز الأفكار المشكلة للرأي العام أي تحولها إلى مفاهيم ومقاييس وقناعات عند الأمة، وأيضا استعداد الأمة لبذل الغالي والنفيس في سبيلها، وأن الشرع هو معالجات الإسلام وكيفية لتنفيذ هذه المعالجات وكيفية المحافظة على الإسلام عقيدة ونظاما وكيفية حمل الدعوة وإيجاد رأي عام عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى تتمكن عُرَفُ الإسلام من المجتمع فتظهر وإيجاد رأي عام عن الجهاد فهو طريقة نشر الإسلام والحفاظ على الأمة.
حزب التحرير هو تنظيم إسلامي سياسي تأسس في سوريا بعد سنوات من الثورة السورية، وهو جزء من حركة عالمية تسعى إلى إعادة الخلافة الإسلامية،في بداية نشاطه في سوريا، واجه الحزب قمعًا شديدًا من قبل “هيئة تحرير الشام”، التي اعتقلت العديد من قادته وكوادره، لا سيما في إدلب وغربي حلب ومع ذلك، عاد الحزب مؤخرًا إلى الساحة، مستفيدًا من الموجة الشعبية المناهضة لسياسات الهيئة
ورغم تصاعد احتجاجاته، إلا أن تأثير “حزب التحرير” ظل محدودًا في المشهد الثوري، نظرًا لاختلاف أهدافه عن أهداف الحراك الشعبي السوري الذي يطالب بالحرية والديمقراطية، فشعارات الحزب التي تركز على إعادة الخلافة الإسلامية لم تتوافق مع تطلعات غالبية الثوار، ما أدى إلى عزله عن بعض مكونات الحراك
ويشير مراقبون إلى أن “هيئة تحرير الشام” استغلت ظهور “حزب التحرير” في الاحتجاجات لأهداف سياسية، فقد عملت الهيئة على تصوير الحراك الشعبي، لا سيما في مناطق سيطرتها، على أنه مدفوع بأجندة “حزب التحرير”، وهو ما ساعدها في تبرير قمع المظاهرات، هذا التكتيك الإعلامي ساهم في تقويض الحراك الشعبي ضد الهيئة، وأعطى لهيئة تحرير الشام وحلفائها مبررًا إضافيًا لملاحقة الاحتجاجات
أخيرا عن الحكم الشرعي لحزب التحرير
فحزب التحرير له انحرافات كثيرة عن المنهج المستقيم، مثل إنكاره لعذاب القبر ونعيمه، وتحكيم العقل في المسائل العقدية، وتخليه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن ذلك يعدونه من معوقات العمل المرحلي، وأنه أيضًا من مهمات الدولة المسلمة عندما تقوم … إلى غير هذا من الانحرافات.
وله فتاوى غير منضبطة بضوابط الشرع مثل: إباحة مصافحة وتقبيل المرأة الأجنبية بشهوة وبغير شهوة، وجواز دفع الجزية من قبل الدولة المسلمة للدولة الكافرة، وسقوط الصلاة عن رجل الفضاء المسلم. إلى غير ذلك من الفتاوى التي تدل على عدم انضباط الحزب بمنهج أهل السنة والجماعة في التلقي والاستدلال.
ويمثل تصاعد نشاط “حزب التحرير” في شمال سوريا خطوة جديدة في المشهد الاحتجاجي، رغم الشكوك حول تأثيره الفعلي في مسار الثورة السورية،ومع استمرار الاعتقالات والتضييق على نشاطه، يبقى مستقبل الحزب في سوريا غير واضح، خاصة مع تعقيد العلاقة بينه وبين الفصائل العسكرية الأخرى والوجود التركي ،ومدى قدرته على الحفاظ على نشاطه السلمي في مواجهة الضغوط المتزايدة من مختلف الأطراف.