ردًا على الحراك الشعبي المناهض… هيئة تحرير الشام بدأت بتنظيم سلسلة من المسيرات المؤيدة في إدلب
نقلاً عن مصادر مطلعة في إدلب، اليوم الثلاثاء 19 آذار/ مارس، أن “هيئة تحرير الشام” وعبر أذرعها الأمنية والمدنية “الإنقاذ”، بدأت بتنظيم سلسلة من المسيرات المؤيدة في إدلب، رداً على الحراك الشعبي المناهض لقيادة الهيئة في إدلب، والذي تصاعد في ذكرى انطلاقة الثورة السورية الثالثة عشر.
ووفق المصادر، فإن مؤسسات الهيئة سواء المدنية كـ”حكومة الإنقاذ” وإدارة المناطق والمخيمات وعبر وزارات التربية وحتى الكوادر الأمنية، تلقت تعليمات بالحشد الشعبي لتنظيم مسيرات مؤيدة في مناطق ريف إدلب وحلب، تؤكد الولاء لقيادة الهيئة، كرد على المظاهرات الشعبية المناهضة لها.
ولقد نشرت الهيئة عبر مواقعها الإعلامية وذكرت وكالات أخبار محلية ومواقع التواصل، عشرات الفيديوهات التي تظهر حشود لسيارات ودراجات نارية تجوب عدة بلدات ومدن بريف إدلب، تهتف لـ”الجولاني” والهيئة، وتعلن الولاء المطلق لها، اعتبره نشطاء الحراك مشابهاً لسياسة النظام في تنظيم المسيرات المؤيدة من الموظفين وطلاب المدارس.
وظهرت كوادر أمنية تابعة لـ”جهاز الأمن العام” بلباسها الميداني الكامل في عدة مدن خلال الأيام الماضية، ضمن عملية استعراض واضحة، لإثبات قوة الهيئة وشعبيتها، كما عملت الهيئة على حشد طلاب المدارس وموظفي المؤسسات التابعة لحكومة الإنقاذ وإدارة المناطق في مدينة إدلب وأريحا ومعرة مصرين وجسر الشغور، بمظاهرات رفعت فيها إعلام الهيئة، وعبارات تمجد قيادتها.
في المقابل، شهدت عدة مدن وبلدات أبرزها بنش وكفرتخاريم ومعرة مصرين ومدينة إدلب، حشود جماهيرة مناهضة لـ “هيئة تحرير الشام” طالبت بمحاسبة المفسدين والإفراج عن المعتقلين، وكشف مصير المغيبين منهم منذ سنوات، وتغيير قيادة “هيئة تحرير الشام” ممثلة بـ “الجولاني”، رافعة شعارات “إسقاط الجولاني”.
وعملت الإدارة السياسية لـ”هيئة تحرير الشام” خلال الأسابيع الأخيرة، على امتصاص حالة الغضب الشعبية في مناطق سيطرتها، بعد تكشف حقيقة “قضية العملاء”، على استقطاب الفعاليات الشعبية الثورية والأهلية لاجتماعات عديدة، طرحت فيها مشكلات المنطقة، وقدمت وعود تحت بند “الإصلاح”، في عملية تسكين واضحة للشارع الغاضب.
وكان عقد “أبو محمد الجولاني”، القائد العام لـ”هيئة تحرير الشام”، في 12 آذار/ مارس، اجتماعاً مع “القوى الثورية والمؤسسات العامة وفعاليات المجتمع المدني”، وذلك لـ”مناقشة الأحداث الأخيرة”، وبثت صورا ومشاهد من الاجتماع.
ولقد ظهر “الجولاني”، منفعلاً في حديثه من الحراك الشعبي المستمر ضده حيث حذر المتظاهرين في تهديد مبطن، بقوله “هناك مطالب أعتقد أن الوقت لا يسمح لها الآن، وستؤثر على مسار حياة عامة الناس، وهناك حد وخطوط حمراء في المحرر، يجب أن يعيها الجميع، أرجو أن لا يصل أحد إليها”.
ورغم عدم ذكره هذه “الخطوط الحمراء” صراحةً إلا أنها فسرت كتهديد واضح في حال استمرار المحتجين بالحراك ضده، معتبرا أن هناك أطراف تسعى إلى خراب المحرر، داعيا المتظاهرين إلى كف يد هؤلاء، وأضاف مهدداً ومتوعداً “في حال تدخلنا سنتدخل بشكل شديد”، على حد قوله.
وتابع في حديثه، “لم نسمح لأحد على الإطلاق أن يمس المحرر بسوء، وما وصلنا إليه من مكتسبات بالمحرر لن نعود فيها إلى الخلف والمربع الأول، كونها تمت بالدماء والأشلاء والتضحية”، واعتبر أنه بحال طبق المطالب المتفق عليها يجب الانتباه والعيش بأمان وسلام في المحرر.
وقال “الجولاني”، هناك جهات “لم يسمها” متضررة من انضباط المحرر وتريد العودة إلى الخلف في ظل استغلال بعض المطالب المحقة، والحادثة الأخيرة في إشارة إلى “قضية العملاء”، وأضاف: “بعد هذا المجلس أرجوا أن يكون تم حل الأمر، بالنسبة للمطالب والتجاوزات خلال التحقيقات الأخيرة”.
وخاطب الحضور وبينهم شخصيات حكومية وإعلامية وقادة من الجناح العسكري ووجهاء بقوله، “ليس الأمر بالعبث، وطالبهم بتنبيه كل من خلفهم بأن لا يصلوا إلى الخطوط الحمراء المرسومة في المحرر، معتبراً أن “الخط الأحمر، هو أن تمس الثورة السورية المباركة بضرر كبير”.
ولم يتجاهل “الجولاني”، المطلب الأساسي للحراك وهو إسقاطه إلا أنه راوغ خلال تطرقه لهذا الموضوع قائلا: “ليس هناك خلاف على السلطة، تستطيعون من مجلسكم هذا الآن، الاتفاق على شخص يسمع له غالبيتكم، بنسبة 60_70%، وأنا أسلم له كل ما لدي لقيادة المحرر إلى بر الأمان”.
واشترط بالقيادة الجديدة السير بضوابط مشيراً إلى أن الحضور يمثل كافة شرائح المجتمع، وذكر أنه تم دعوة كل من يستطيع دعوته ومن تخلف يتحمل مسؤولية ذلك، وكرر “الجولاني”، ظهوره بعد إثارة قضية العملاء والاحتجاجات ضده، إلا أنه المرة الأولى يرسل رسالة التهديد بشكل مباشر، وسط مؤشرات على محاولة ترهيب المتظاهرين ومخاوف من قمعهم بالقوة.