طالب شرعيون ودعاة في منطقة إدلب بتحكيم قضية “العمالة” داخل صفوف “هيئة تحرير الشام”، وذلك من خلال لجنة قضائية يترأسها الدكتور إبراهيم شاشو. يعتبرون ملف “الاختراق والعمالة” أحد أخطر المسائل التي أثرت على سمعة تحرير الشام في ادلب.
ووفقًا للشيخ عبد الرزاق المهدي ويحيى الفرغلي وأسامة الشقيري وغيرهم، طلبوا في بيان صدر يوم السبت، أن تترأس لجنة قضائية تحكيم الدكتور إبراهيم شاشو، الذي يحظى بثقة الأطراف المختلفة ويعد قاضيًا كبيرًا في المنطقة.
البيان أكد أن اللجنة يجب أن تكون لها صلاحيات كاملة دون تدخلات أو ضغوط، وأن حكمها يكون نهائيًا غير قابل للاستئناف، مع الالتزام بتنفيذه فور صدوره.
يأتي هذا البيان في سياق مشاورات مع “أهل الحل والعقد” في المنطقة، ويتمنون إضافة توقيع من يوافق على مضمونه.
وشغل إبراهيم شاشو مناصب حكومية في “الإنقاذ” التابعة لـ”تحرير الشام”، كما كان أستاذًا في جامعة “حلب” وعميدًا لكلية الحقوق والشريعة في جامعة “إدلب الحرة”.
تشير المعلومات إلى أن الهيئة قدمت رواية حول خلايا العملاء التي كانت تستهدف “إمبراطورية القحطاني”، معتبرة أن القحطاني كان يخطط لانقلاب ضدها. تمت اعتقال قادة وأذرع تعاونت معه، ولكن حجم الاعتقالات أثار تمردًا داخل الهيئة. بعد استعادة الهيئة للسيطرة وتفكيك الهياكل التي تعاونت مع القحطاني، تمت محاولة امتصاص حالة الغضب داخل الهيئة بإعلان انتهاء التحقيقات وإخراج بعض القادة لتهدئة الأوضاع وتفادي التمرد. الهيئة تواجه تحديات أمنية وتخبطًا بسبب الضغوطات من الأجنحة الأمنية والعسكرية بعد كشف المخطط، وتسعى لاستعادة الثقة داخل تشكيلاتها.
في السياق نفسه، أعلنت “تحرير الشام” عن انتهاء التحقيقات المتعلقة بقضية “الخلية الأمنية”، مشيرة إلى إطلاق سراح بعض الموقوفين وتوجيه الاتهام لآخرين، مما أدى إلى توتر داخل الفصيل خلال الفترة الأخيرة.
وقد أكد مراسل داماس بوست عن إطلاق سراح عدد من قادة تحرير الشام العسكريين بعد اعتقالهم لعدة أسابيع بتهم العمالة لجهات خارجية، بالتعاون مع القيادي العراقي المعتقل حتى الآن “أبو ماريا القحطاني”.
ووفقًا لمصادر داماس بوست قامت الهيئة بإطلاق سراح كل من “أبو مسلم آفس”، و”أبو خطاب الحسكاوي”، و”أبو أسامة منير”، و”أبو القعقاع فواز”.
ونشرت صفحات إعلامية مقربة من الهيئة صورة تجمع العسكريين المفرج عنهم مع قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، ومسؤول الجناح العسكري أبو الحسن الحموي.
وفي وقت سابق، ربط “الإعلام الرديف” التابع للهيئة، بعض القادة المفرج عنهم بـ “غرفة عمليات دولية”، مشيرًا إلى أنه تم “تجنيد أبو ماريا القحطاني من قبل غرفة عمليات دولية ورسم خطة لإنهاء الثورة والجهاد، بعد وعود للقحطاني بالمناصب واستلام المشهد في المناطق المحررة”.
وأشار التقرير إلى أن القحطاني يقود “مشروعًا انقلابيًا تحت مسمى مشروع إصلاحي أو إنقاذ الساحة، لتجميل تنفيذ المخطط وتقبل المجاهدين له”.
ووردت هذه الاتهامات في فيديو نُشر على قناة في تطبيق “تلغرام”، حيث اتهم فيها المكتب الإعلامي في الهيئة بالتبعية. ورغم حجب الفيديو عن المتابعين على يوتيوب بعد إطلاق سراح المتهمين، إلا أنه أثارت تلك الاتهامات تساؤلات حول تداولها وتأثيرها على الوضع داخل الهيئة.
وفي إعلان لها يوم الجمعة الماضي، أعلنت “هيئة تحرير الشام” انتهاء التحقيقات بما وصفتها بـ “دعوى الخلية الأمنية” أو ملف العملاء داخل الهيئة، والتي تُظهر تورط عدد من الأفراد في العمالة لصالح جهات خارجية.
وكجزء من نتائج التحقيقات، تم الإفراج الفوري عن الموقوفين الذين لم ترتقي الأدلة لإدانتهم، وحفظ الدعوى بحق بعض الموقوفين بسبب عدم كفاية الأدلة المقدمة ضدهم. فيما تم إحالة عدد من الموقوفين إلى القضاء لمتابعة الإجراءات القانونية.
وكانت أزمة العملاء داخل “هيئة تحرير الشام” قد نكشفت في وقت سابق، حيث شهدت حملة اعتقالات سرية استهدفت قادة بارزين في “جهاز الأمن العام” التابع للهيئة في إدلب، بتهمة العمالة لروسيا والنظام السوري والولايات المتحدة.
وكان موقع تلفزيون سوريا قد كشف عن هذه الأزمة، مؤكدًا وجود خلايا تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وخلايا أخرى تعمل لصالح النظام السوري وروسيا.
في شهر تموز الماضي، أكدت “هيئة تحرير الشام” رسميًا ضبط خلية تعمل لصالح جهات معادية، وأشارت إلى استمرار التحقيقات لكشف المزيد من التفاصيل حول الملف.
تجدر الإشارة إلى أن خبر اعتقال “أبو ماريا القحطاني” كان قد نشر في منتصف آب الماضي، حيث تم توجيه له تهمة العمالة فيما أكدت داماس بوست مسبقا خبر مقتله أثناء التحقيق معه.