تشعل الخلاف في أوساط المعارضة مجددًا…”اللجنة القضائية” التي شكلها الائتلاف الوطني
منذ أسابيع ولاتزال أزمة انتخابات الائتلاف الوطني السوري المعارض في تفاقم، وذلك بعد قيام لجنة التحقيق الخاصة بالتصريحات “المسيئة” المنسوبة الى رئيس الحكومة المؤقتة، بإرسال كتابٍ قبل يومين إلى رئيس الائتلاف الأسبق “نصر الحريري” تطلب فيه منه المثول أمامها، ما أثار موجة غضب وانتقادات واسعة في أوساط المعارضة.
وكان الحريري قد كشف في الفترة التي سبقت الانتخابات التي جرت في أيلول الماضي، عن أن رئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، قال أمام مجموعة من الأعضاء إن هادي البحرة سيفوز بمنصب الرئاسة “بالصرماية”، ما تسبب بالأزمة الحالية.
وأكد الحريري في رسالة وجهها للهيئة العامة للائتلاف يوم الاثنين 2 تشرين الأول/ أكتوبر، نيته عدم المثول أمام اللجنة القضائية، متهمًا أطرافًا في الائتلاف بالتآمر عليه.
وأوضح في قوله: “اعتراضي الأول على الشكل، فنحن أمام لجنة عسكرية على ما يبدو، لأن رئيسها يعمل لدى إدارة القضاء العسكري في وزارة الدفاع بالحكومة السورية المؤقتة، وأعضاؤها كذلك مرتبطون بالحكومة، وهذا يجعل الهدف من تشكيل اللجنة واضحاً، وهو تصفية الحسابات السياسية بسبب الموقف من انتخابات الائتلاف الأخيرة”.
وأضاف: “أما من حيث المضمون فإن أي لجنة تحقيق يجب أن تشمل مهامها كل ما حدث من مخالفات أو أثير من قضايا تنظيمية ومالية وسياسية في الائتلاف على مدار السنوات الماضية، وعدم الاقتصار على خلاف شكلي من هذا النوع”.
من جانبه علق عبد الرحمن مصطفى “لا شك أن ادعاء نصر الحريري بأنني قلت هذا الكلام، أو أنني ضغطت لصالح انتخاب أي مرشح، أمر أساء لي كثيرًا، لكن مع هذا فأنا لم أطالب بالتحقيق معه”.
وما بين نفي واتهام علق الرئيس الأسبق للائتلاف معاذ الخطيب: “لقد صارت المؤسسة مضحكة الشعب والدول، ولم تعد صورتها سوى أنها نسخة مصغرة عن النظام، تعيش على أرواح الناس، وتعكس كل مفاسد هذا النظام، وبدل القيام بتغييرات جذرية، فقد عمد المسيطرون عليها إلى مصادرة السلطة، وتبادل الطرابيش بطريقة مخجلة”.
وأضاف الخطيب: “قامت الهيئة السياسية بإنشاء محكمة يتبع أعضاؤها للائتلاف، لا لدراسة الثغرات والفجائع التي قاد الائتلاف المعارضة إليها، بل للالتفاف على الواقع المرِّ، وهو أمر مؤسف”.
وفي السياق قال الأكاديمي والمحاضر الجامعي “محمد نور حمدان”: إن تشكيل مثل هذه اللجان (العسكرية لمقاضاة الخصوم السياسيين) بهذه الطريقة سابقة خطيرة، الآن بإمكان الائتلاف الحكم على أي شخص معارض بهذه الطريقة لتكميم الأفواه!”.
هل من صلاحيات الائتلاف أن يشكل مثل هذه اللجان في نظامه الداخلي؟ وإن كنا سنسير بطريقة تشكيل اللجان، فالموضوع يحتاج تشكيل لجان كاملة لمحاسبة الائتلاف، وهذا يذكرنا بقول الشاعر: فيك الخصام وأنت الخصمُ والحكمُ، مضيفًا: “تحدثنا سابقا عن ضرورة ممارسة الديمقراطية في مؤسساتنا لم يستجب أحد”.
كما علق “عباس شريفة” الكاتب والباحث والناشط السياسي قائلًا: “اللجنة القضائية العسكرية التي شكلها “هادي البحرة” بحق “نصر الحريري”، “انتقائية في موضوعها _ شخصية في دوافعها _ طرفية في تشكيلها _ منحازة في شخوصها _سياسية في غاياتها”.
ويرى المحامي “عبد الناصر حوشان”، أن تشكيل اللجنة وصلاحياتها لا ينسجم والسند القانوني القائم، خصوصًا وأن أعضاءها من خارج الملاك، بالإضافة إلى العديد من النقاط التي تؤثر على سلامة موقفها.
فيما لا يبدو أن موقف مصطفى وحلفاؤه داخل الائتلاف يحظى بأي تعاطف، بعد شن الكثير من السياسيين والناشطين السوريين المعارضين هجوماً عليهم، متهمينهم بالإجهاز على المؤسسة وتجييرها لمصالحهم.