نظام العملة والحرية والعدل..
نجرب تجربتين تاريخيتين لاختبار صلابة العملة التي تختزن قيمة أعمالنا وجهودنا كما يقول ابن خلدون.. نظام العملة يختزن حريتنا ويصنع العدل والظلم في المستوى العميق.. يصنع العدل والظلم قبل أن نبدأ..
حين نعمل لمدة شهر ونأخذ راتباً أو أجراً 700$ مثلاً.. فإن هذه النقود تختزن قيمة عملنا.. وكأن عملنا خلال الشهر ضغطناه وحولناه إلى نقود..
سننزل إلى السوق ونشتري بأعمالنا طعاماً وألبسة ومستلزمات أخرى..
الدينار في عهد النبي = 4.25 غرام ذهب خالص عيار 24
ننزل إلى سوق المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.. نشتري شاة فيخبرونا أن سعرها دينار إلى نصف دينار (يعادل 170 – 340$)
متوسط سعر الشاة هذا العام:
في مصر القاهرة = 130 – 230$
في تركيا اسطنبول = 200 – 320$
في المدينة المنورة = 300 – 600$
في الكويت = 325 – 430$
رغم مرور مئات السنين وتغير وسائل الإنتاج والتكنولوجيا والنظام الاقتصادي بقي سعر الشاة يتمركز في نطاق سعري واحد أو متقارب للغاية..
تجربة أخرى على الدولار..
الدولار خلال الخمسين سنة الماضية حتى اليوم فقد من قيمته أمام الذهب 70 ضعف (في عام 1970 كان سعر أونصة الذهب 36$ لكن في عام 2024 سعر الأونصة 2496$)
في عام 1970 إذا كنت تستطيع ب 200$ أن تشتري 70 شاة..
فإنك اليوم لا تستطيع أن تشتري بهذه الدولارات نفسها إلا شاة واحدة..
في عام 625 ميلادي في عهد النبي تستطيع ب 70 دينار أن تشتري 70 شاة..
وبإمكانك اليوم بعد أكثر من ألف سنة أن تنزل سوق المدينة المنورة مرة أخرى.. حاملاً معك نفس الدينار فتشتري 70 شاة..
في أسوأ الأحوال تشتري 67 شاة عند غلاء الأسعار..
أبشع أنواع اختلاس المال كما يقول ابن خلدون حين تغتصب أعمال وجهود الناس اقتصادياً بشكل غير مرئي..
هذا مجرد تبسيط رمزي.. فالأمر أكثر تعقيداً من ذلك.. لكن المؤكد أن تركيبة النظام النقدي العالمي مؤسسة اليوم على خنق الحرية والانغماس بالظلم بطريقة قانونية ولائقة وديمقراطية..
كل الإصلاحات والمحاولات الاقتصادية يتم امتصاصها تلقائياً من قبل السستم نفسه.. تسبح ليس من أجل أن تفوز بل من أجل ألا تموت غرقاً.. الذي يفوز دائماً هو صاحب السستم الطرف الأقوى فيه..