من هو (محمد يونس) الذي تطالب الجماهير الثائرة في بنغلاديش بتنصيبه رئيسا بعد فرار السفاحة حسينة ؟
نادرا ما تكون الثورات الجماهيرية متفقة على البديل للحاكم الذي يسعون لاقتلاعه، لكن في بنغلاديش الأمر مختلف.. فما هو السر في إجماع 160 مليون مواطن على هذا الشخص؟
إنه مدير (بنك الفقراء) الذي نذر نفسه منذ عام 1976 وحتى الآن لانتشال الملايين من المعدمين من حالة الفقر المدقع في بنغلاديش بطريقة غاية في الإبداع والذكاء. كان استاذ اقتصاد في الجامعة ووجد أن ما يدرسه من نظريات اقتصادية للطلاب متناقض تماما مع واقع المجتمع البنغالي، فقرر الذهاب بنفسه لافقر القرى المحيطة بمدينته ليعرف سبب الفقر الدائم.
هناك اكتشف ان نساء القرية يحتاجون لأقل من نصف دولار فقط للإستثمار في مواد أولية يمكن أن يصنعوا منها مصنوعات خيزران ليبيعوها، لكن كانوا مضطرين للاقتراض من أشخاص مرابين يأكلون النسبة الكبرى من ارباحهم. قرر في لحظتها ان يقرض 42 من نساء القرية ما مجموعه 27 دولار فقط دون شروط، وكانت النتائج مبهرة.. بعد مدة وجيزة أعاد الكل قيمة القرض وتحققوا لأنفسهم أرباح.
تبلورت عنده فكرة اقناع احد البنوك بتوسعة الفكرة واقراض عدد كبير من الفقراء، لكن مدير البنك ضحك من اقتراحه (الساذج) قائلا.. كيف اقرض فقراء دون أي ضمانة لسداد القرض؟ حينها تحمل محمد يونس مسؤولية القرض والضمانات للبنك، وبدأ عمله في اقراض المئات من القرويين مع توعيتهم بالاساليب الأفضل للاستثمار ووضع مخطط مفصل في أسلوب الاقتراض والسداد والاستثمار .
تواصل نجاح الفكرة بشكل مبهر في قرى عديدة، وفي 1976 افتتح محمد يونس اول بنك للفقراء في العالم (بنك غرامين)، ومع نهاية 1981 بلغ مجموع القروض المقدمة 14 مليون دولار، وكانت نسبة 90 بالمية من المقترضين من نساء القرى الفقيرة.
عمل محمد يونس على العكس تماما مما تعمل وفقه بنوك العالم.. فهو يقرض ليس الفقراء إنما (أفقر الفقراء) ممن ليست لديهم ممتلكات او ضمانات، ويفضل اقراض النساء بدلا من الرجال، السبب أن ربة المنزل حين تحقق أرباح فهي تحرص على أسرتها واطفالها، اما الرجل فقد يبذر الأرباح. وهو يرفض اسلوب المؤسسات الإغاثية التي تطعم الفقير وتجعله معتمدا دوما على المعونات دون أن يبذل اي جهد، وتتركه في حالة فقر دائم.
يضم بنك غرامين حاليا اكثر من 2600 فرع في بنغلاديش وخارجها، ويعمل لديه 26 الف موظف، وبفضل هذه النجاحات الباهرة حصل محمد يونس على جائزة نوبل للسلام والعشرات من الجوائز الدولية علاوة على 60 دكتوراه فخرية من الجامعات الدولية.
لكن مثل هذا النجاح لم يعجب الخاتونة (شيخة حسينة) رئيسة الوزراء، واكلتها الغيرة والحسد حتى لفقت له تهم ومحاكمات ووضعته قيد الإقامة الجبرية لسنوات.. ومع انتفاضة الشعب البنغالي وهروب السفاحة (حسينة) إلى الهند، تعالت اصوات الشعب مطالبة بتنصيب ابو الفقراء محمد يونس رئيسا انتقاليا ريثما تجري الانتخابات.