مقالات الرأي

من أمريكا… طبيب سوري – أمريكي يدعو نظام الأسد إلى معاقبة أهالي زملائه المعارضين

يبدو أن القسم الطبي الذي يُقسم به لمزاولة مهنة الطب، هو قسم لفظي لا قيمة له لدى بعض الأطباء، ممن يخالفون ويناقضون بسلوكهم هذا القسم.

‎ولكن الأكثر استفزازاً أخلاقياً هو دعوة طبيب سوري المولد، يحمل الجنسية الأمريكية واسمه (نعيم نزهة)، يمارس مهنة الطب، ويقيم في ولاية نيوجرسي، نظام أسد إلى معاقبة زملائه ومواطنيه في الجنسية الأمريكية من السوريين المعارضين لنظام أسد وذويهم والدعوة لممارسة التخويف والترهيب ضدهم عن طريق معاقبة ذويهم الأناس المدنيين المقيمين في سوريا والذين لا علاقة لهم بأي سلوك معارض لنظام الأسد.

‎الأمر يتعدى الجانب الأخلاقي من قبل هذا الطبيب، فهو يكتب على منصة تويتر آراءه بكل وضوح وصراحة، هذه الآراء لم تبق في مربع الرأي فحسب، بل إنها تعبير عن مواقف عدائية تتنافى مع مهنته كطبيب وتحرّض على انتهاك حقوق الإنسان في بلدان أخرى، وهو ما يثير العجب، فمن يحمل الجنسية الأمريكية، ويتمتع بمواطنتها، لا ينبغي له وهو يمارس مهنة إنسانية “الطب” أن ينتهك أخلاق مهنته، أو أن ينتهك القيم والمبادئ الأمريكية المذكورة في الدستور الأمريكي وقسم الجنسية، الذي يقسمه المتقدم لطلبها، بأن يحترم قيم وطنه ومبادئ دستوره ويعمل بها، حتى لو اضطر إلى حمل السلاح كمواطن أمريكي للدفاع عن هذه القيم وهذا الدستور.

‎لقد دعا الطبيب الأمريكي/السوري نعيم نزهة في صفحته على تويتر إلى معاقبة ذوي مواطنيه الأمريكيين من أصل سوري، الذين يقفون مع شعبهم السوري ضد انتهاكات حقوق الإنسان، وضد الجرائم التي ترتكب من قبل النظام الحاكم في دمشق.

‎كتب نعيم نزهة: “معاقبة أياً من المعارضة السورية والمعارضين السوريين في أمريكا لدعمهم عقوبات على نظام أسد وإن معاقبتهم وذويهم هي الطريقة الوحيدة التي سيتعلمون بها”.

‎هذه الدعوة تتناقض مع أخلاق مهنة الطب، وتتناقض مع القيم والمبادئ والأعراف الأمريكية التي تدعو إلى احترام حقوق الإنسان وتنبذ العنف والإرهاب وترويع المدنيين العزل. فكيف يمارس شخص مثل الطبيب نعيم نزهة يحمل الجنسية الأمريكية هذه الانتهاكات، من خلال دعوته نظام بشار الأسد إلى معاقبة ذوي الأمريكيين السوريين المعارضين له ومع الدعوة لاستخدام وسائل كالابتزاز والتهديد والتخويف للوي ذراع معارضي نظام أسد في أمريكا؟

‎لقد تتبعنا تغريدات هذا الطبيب الأمريكي السوري الأصل، حيث اتضح أنه على علاقة مع مسؤول رفيع المستوى في نظام أسد هو عمر رحمون الذي يعمل وزيراً أو متحدثاً باسم المصالحة الوطنية كما يقول حسابه في التويتر. وقد نشر الطبيب نعيم نزهة تغريدة لعمر رحمون مع رد منه عليها وجاء فيها: “مجلس النواب الأمريكي يوافق على تعديل قانون محاربة التطبيع مع سورية ليتضمن تمديد قانون قيصر لثماني سنوات أخرى. تعليق: هو قانون لتتسلى به المعارضة السورية وتنفّس عن قهرها بعد أخبار عودة سورية للجامعة العربية. أقول للمعارضة: انقعوه واشربوا ماءه.

‎لم تقف تغريدات الطبيب الأمريكي السوري عند حدود القضية السورية، بل إنها ذهبت لمناصرة الروس، حلفاء النظام السوري، حيث دعا إلى استخدام مبدأ الأرض المحروقة ضد الأوكرانيين كي لا يحتاج (الروس) إلى خسارة جنودهم، فهو مع تدمير كل شيء، وهذا ما تظهره تغريدته التالية: التي دعا فيها الى تسويه الأبنية السكنية بالأرض وعدم إزهاق أرواح الجنود الروس.

‎إن تحريض الطبيب السوري لنظام الأسد ودعوته له بمعاقبة أقرباء معارضين سوريين يحملون الجنسية الأمريكية تعد تحريض على القتل وانتهاكاً لحقوق الإنسان، التي يرتكز الدستور الأمريكي والقوانين الأمريكية على حمايتها. إن هذا التحريض، يتناقض أولاً مع مهنة إنسانية هي مهنة الطب الرحيمة بالبشر، ويتناقض مع القانون الأمريكي ودستور الولايات المتحدة الذي يناصر حقوق الإنسان في العالم، وهو في النهاية مشاركة في ارتكاب الجرائم، والتحريض عليها، وهذا لا يندرج بالمطلق مع ما يمكن تسميته (حرية الرأي).

‎التحريض على الإبادة الشاملة في الحرب الروسية العدوانية على أوكرانيا، ورد في تغريدة لهذا الطبيب، وهذا يدلّ على علاقة عميقة بينه وبين نظام الأسد، ما يجعله في موقع العمالة لهذا النظام، وبالتالي فهذا الأمر ينتهك جوهر المواطنة الأمريكية التي يتمتع بها هذا الطبيب.

‎ لقد أخطأ هذا الطبيب في الطعن بقيم وأخلاق مهنته بتحريضه على ارتكاب جرم قتل المدنيين العزل وجرائم إبادة جماعية وتسوية المدن بالأرض. وأيضاً قد أخطأ بحق وطنه الأمريكي الذي يحمل جنسيته وأقسم على حماية دستوره عندما تواصل مع مسؤول في حكومة أجنبية لتحريضه على إيذاء زملائه بالمواطنة من الأمريكيين مطالباً في دعوته لمعاقبه المعارضين السوريين الأمريكيين وذلك بمعاقبه ذويهم أيضاً وهنا يرتكب هذا الطبيب جريمة التحريض على الابتزاز والتهديد والتخويف في دعوته للانتقام من مدنيين عزل هم أقرباء زملائه في المواطنة من المعارضين لنظام أسد والذي لا يخفي الطبيب نعيم نزعة ولائه له.

هل ستشعل قضية هذا الطبيب الرأي العام السوري والعربي والأوكراني في أمريكا والمجتمعات الأمريكية المدافعة عن حقوق الإنسان سيما أن كلا البلدين سوريا وأوكرانيا يرزحان تحت إجرام عدو واحد يدعم نظاماً استبدادياً مجرماً في دمشق ويشن حرب احتلال وإبادة جماعية في أوكرانيا كما فعل في حلب وسوريا عندما دمرها طيرانه عن بكرة أبيها وسواها بالأرض.

ننتظر تفاعل جمهور العدالة وحقوق الإنسان في أمريكا والسلطات القانونية والقضائية هناك.

بقلم د. منى الأيوبي

الأفكار الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي داماس بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى