مفاوضات سرية لفتح المعابر مع نظام الأسد… الحيثيات والانعكاسات
تناولت وسائل إعلامية متعددة؛ تسريبات حول مفاوضات جارية لفتح عدد من المعابر التي تفصل المناطق المحررة في الشمال والشمال الغربي لسوريا، مع مناطق سيطرة نظام الأسد.
وبحسب التسريبات فإن مفاوضات تركية ـ روسية لم تثمر بالوصول إلى صيغة توافقية بعد؛ تدور حول فتح معبر سراقب الواصل بين مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام ونظام الأسد في ريف إدلب الجنوبي الشرقي من جهة، ومعبر “كسب” الحدودي الواصل بين محافظة اللاذقية السورية وولاية هاتي التركية من جهة أخرى.
في حين تحدثت تقارير أخرى عن مفاوضات بين وفد تابع لنظام الأسد وآخر تابع للجيش الوطني السوري (الفيلق الثاني ـ حركة ثائرون)، تدور حول إعادة فتح معبر “أبو الزندين” أمام الحركة التجارية في المنطقة، والذي يربط بين مدينة الباب بريف حلب الشرقي، في منطقة عمليات “درع الفرات”، بمناطق سيطرة نظام الأسد، ويقع في الجهة الغربية لمدينة الباب، بالقرب من قرية الشماوية، التي تخضع لسيطرة النظام.
وبحال نجاح المفاوضات بفتح المعابر أمام الحركة التجارية بشكل رئيسي ـ فمن المتوقع أن نشهد سلسلة من الانعكاسات، على المستوى الأمني والسياسي والإنساني في المنطقة، والتي يمكن تلخيصها بالنقاط التالية:
– سيزيد تطبيع العلاقات التجارية مع نظام الأسد من فرص النظام في اختراق المنطقة على المستوى الأمني، ويقوي قدرته على إدخال العملاء والجواسيس إليها والذين ستسهل المعابر حركتهم بين المناطق المحررة ومناطق سيطرته تحت مبرر التبادل التجاري، إضافة لسهولة إدخال الدراجات والسيارات المفخخة للمناطق المحررة.
– من المتوقع أن تزيد اتفاقيات فتح المعابر التجارية مع نظام الأسد من عمليات تهريب المواد المخدرة، وإغراق المنطقة بها كأحد أهداف نظام الأسد في اختراق الحالة الثورية وإضعافها.
– من المؤكد أن عملية تطبيع العلاقات التجارية مع نظام الأسد ستسهم بتعزيز رواية النظام وروسيا حول عدم أهمية استمرار آلية إدخال المساعدات عبر الحدود التي تعتمدها الأمم المتحدة وتمددها بشكل دوري، وذلك من منطلق أن المعابر المفتوحة ستتيح إدخال المساعدات الأممية عبر خطوط التماس بدل الحدود، وهو ما سيتيح لنظام الأسد التحكم بتلك المساعدات، وإعاقة وصولها لمستحقيها في الشمال المحرر.
– من المتوقع أيضًا أن تسهم علمية تطبيع العلاقات التجارية مع النظام، بكسر إرادة القتال لدى مقاتلي الشمال المحرر، وتعزز ميلهم للحالة المدنية، والانخراط بالتبادل التجاري، ما سيؤدي بطبيعة الحال لضعف التحصينات العسكرية في المنطقة بشكل تدريجي، الأمر الذي سيجعل المنطقة لقمة سهلة لنظام الأسد وحلفائه عندما يقرروا ـ في لحظة صفر ما ـ اجتياحها كما حدث في مناطق أخرى من سوريا والذي نفذ النظام معها استراتيجيات مشابهة أدت للسيطرة عليها في نهاية المطاف، مثل مدن برزة والقابون، كنموذج مصغر للتجربة الموسعة المراد تطبيقها في مدن الشمال والشمال الغربي لسوريا.
– من المؤكد أن عملية تطبيع العلاقات التجارية مع النظام، ستسهم بإنعاشه اقتصاديًا، وتخفيف وطأة العقوبات المفروضة عليه، سواء من خلال عمليات التبادل التجاري، أو من خلال إيجاده لحل جزئي لأزمة المحروقات التي تعانيها مناطق سيطرته، وذلك من خلال توريدها من مناطق سيطرة المعارضة، التي تصلها من مناطق سيطرة مليشيا قسد.
– من المتوقع أن تعزز عملية تطبيع العلاقات التجارية مع نظام الأسد؛ الانحراف عن مسار جنيف والقرار 2254؛ نحو مسارات بديلة أخرى؛ وهو ما أعلنته الدول الراعية لعملية التطبيع صراحة.
– ستسهم عملية تطبيع العلاقات التجارية مع نظام الأسد بدعم الرواية الروسية في ضرورة إخراج النظام من عزلته السياسية والاقتصادية، وتطبيع العلاقات معه، إذ لن تكون الدول العربية وغير العربية “ملكية أكثر من الملك”، ولن تستمر بمقاطعة النظام اقتصاديا وسياسيا وهي ترى المعارضة السورية تفتح علاقاتها معه على قدم وساق.
المصدر: مركز مسارات للحوار والتنمية السياسية