مع استمرار قرار إلغاء إجازات العيد… يجد السوريين في تركيا صعوبة في زيارة أسرهم
يستعد السوريون في تركيا للعام الثالث على التوالي لاستقبال العيد الذي يرافقه عبء متجدد بعدم قدرتهم على زيارة أهاليهم في سوريا، وقضاء المناسبة معهم هذا العام أيضًا، مع استمرار قرار إلغاء إجازات العيد التي كانت مفتوحة لسنوات سابقة.
“وحدهما الموت والمرض يمكنان السوري في تركيا من زيارة أهله في سوريا في هذا العيد كذلك، دون تحمل كلفة مالية لا طاقة له بها”، هذا ما روته سلوى ذات 52 عامًا المقيمة في اسطنبول من تجربتها الحالية، التي لجأت إلى تركيا، من محافظة إدلب قبل نحو ثماني سنوات هربًا من الحرب تاركة أمها وإخوتها هناك.
لم تجد سلوى طريقًا لزيارة سوريا مجانًا والاطمئنان على أخيها محمد المصاب بمرض في القلب، إلا عبر تقديم طلب “ديليكشة” لوالي اسطنبول مرفقة معه ملفات تثبت حالة أخيها الصحية، ولا تزال تنتظر موافقة الوالي على طلب الزيارة وتواظب على الاستفسار من مسؤولي المعبر عما إذا كانت الموافقة قد صدرت.
صرحت سلوى خلال حديثها لإحدى وكالات الإعلام المحلية، قائلة، “تعبنا، طوال السنوات الماضية اعتدت على زيارة سوريا خلال فترة العيد للاجتماع بأهلي كانت هذه الفرصة بمثابة أوكسجين لنا بعد كل الضيق والظروف القاسية التي نكابدها في الغربة والبعد عن الأهل، لقد قطعوا الأوكسجين عنا”.
ومن السوريين من وجد في الإجازات الخاصة التي أتاحتها المجالس المحلية في الداخل السوري عبر معبر جرابلس أملًا للوصال مع الأهل، غير أن حصرها بمعبر جرابلس شرقًا، والذي يبعد عن مناطق بعضهم في الشمال مايزيد عن 150 كيلومترًا، جعل منه حلًا مليئًا بالعراقيل.
ويذكر أن معبر جرابلس في ريف حلب بدأ اعتماد زيارة من جانبه، ترى صبا ذات 23 عامًا المقيمة في اسطنبول قادمة من مدينة إدلب، تسييس ملف إنساني كهذا “كارثة إضافية على اللاجئين السوريين في تركيا”، فضلًا عن معضلة التكلفة المادية للزيارة التي تبلغ 200 دولار أمريكي عن كل شخص سواء كان صغيرًا أو كبيرًا.
وتبعًا لحساب سريع أجرته صبا، وفق عدد أفراد عائلتها، قالت إن تكلفة الزيارة ستصل إلى 1200 دولار.
وبنبرة لا تخلو من التعجب تساءلت، “نحن ستة أشخاص هل يعقل أن نتكلف مبلغ 1200 دولار لزيارة وطننا لمدة لا تتجاوز شهرًا واحدًا”.
يقيم محمد عبد الرزاق ذو 34 عامًا، في ولاية هاتاي جنوبي تركيا، وهو أحد الراغبين بزيارة سوريا خلال فترة العيد لـ”ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد”، وفق تعبيره، إذ يمكنه زيارة عائلته النازحة نحو ريف إدلب للاطمئنان عليهم وإقامة خطوبته بحضور عائلته وأقاربه في سوريا.
وبالنسبة لمحمد، الذي ينحدر من محافظة ريف دمشق، يستحيل على عائلته أو أقاربه الانتقال إلى تركيا لحضور خطوبته لأسباب عديدة أهمها القوانين التركية المانعة، إضافة للتكاليف المالية التي وصفها بـ”الكبيرة”.
وكغيرها، تأمل سلوى بتحقق الإشاعات المنتشرة عبر مواقع التواصل والمنصات حول احتمالية صدور قرار يتيح زيارة السوريين إلى بلدهم هذا العيد أو بعده بأيام.
“قالوا لي، إن إجازة الوالي مدتها 15 يومًا فقط، هل تكفيني لرؤية عائلتي، بعد انقطاع لأكثر من عام؟”، أضافت سلوى، التي تأمل بأن تتاح زيارة العيد مجددًا لمرتين في العام، ليمكنها ذلك من الاطمئنان على أخيها وحضور العادات العائلية خلال عيد الأضحى هناك، ربما.
وفي الوقت الذي أكد فيه المتحدث الإعلامي لمعبر جرابلس لعنب بلدي استئناف معبر جرابلس التسجيل على إجازات المجالس المحلية قبل أيام ودخول الدفعة الأولى من السوريين القادمين من تركيا، نفى صدور أي قرار جديد متعلق بزيارة الأعياد عن الجانب التركي مستبعدًا صدوره قريبًا، بسبب اقتراب عطلة العيد المخصصة للمعبر وتوقف عمله خلال هذه العطلة.
وفي السادس من تشرين الثاني العام الماضي سمحت تركيا للسوريين المقيمين على أراضيها بزيارة مناطق شمال غربي سوريا عبر معبر جرابلس الحدودي وفق فترات تحدد من قبل المجالس ولقاء دفع مبالغ مالية بدأت مع 100 دولار ووصلت حاليًا إلى 200 دولار.
وبعد سياسة الأبواب المفتوحة التي انتهجتها الحكومة التركية عام 2014 نحو اللاجئين السوريين، تبدلت عام 2016 بفرض الفيزا لدخولهم، ثم تشددت عقب الإغلاق الذي نتج عن انتشار جائحة “كورونا” عام 2020، وامتدت في 2022 لتتحول إلى إلغاء كلي لزيارات الأعياد حتى اليوم، بدوافع سياسية.
وتحت ضغط المعارضة التركية واستغلالها لملف اللاجئين في كل مناسبة أو استحقاق انتخابي أو أزمة داخل تركيا، محرم السوريون من إجازات العيد.