محمد طراد يكتب في “داماس بوست”: المساعدات الانسانية في ظل الابتزاز الروسي.

في ظل الإخفاقات المتكررة في مجلس الأمن الدولي حول تمديد قرار آلية إدخال المساعدات الانسانية، آن الآوان أن يتحد جميع السوريين وأن نقول بشكل مباشر للدول الاعضاء في مجلس الأمن كفى تساهلاً مع الابتزاز الروسي لكم ولعموم السوريين.
إن مصادرة روسيا للقرار الدولي فيما يتعلق بسوريا يرسخ تدميرها الفعلي لآلية إدخال المساعدات للشمال السوري والذي يشكل تهديداً حقيقياً لملايين السوريين.
لطالما كان لسان حال السوريين في الشمال السوري، والذين تزداد احتياجاتهم بشكل يومي للحصول على أدنى مقومات الحياة، أولئك الذين لم يحصلوا من عشر سنوات إلى اليوم على الرفاه النفسي الحقيقي أو الوصول إلى جزء من الاستقرار النفسي أو الاجتماعي.
السوريون اليوم، يقارعون قرارات وعنجهية روسيا في مجلس الأمن في سعي دائم منها لقطع الهواء عنهم لو أمكنها ذلك، وهي على علم تام بأنهم لم ولن يرضخوا أو يستكينوا لقراراتها وتعنتها فقد اعتادوا على مواقفها منذ بداية الثورة، فورقة الضغط التي تستعملها روسيا لابتزاز دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي تتمثل بمحاولتها ايقاف تدفق المساعدات الإنسانية للداخل السوري هي أمر حساس جداً ومرتبط بحياة أكثر من 4.1 مليون إنسان بينهم نساء واطفال وشيوخ ورجال وأيتام وذوي إعاقة وأرامل وغيرهم.
ولا يخفى علينا بأن المساعدات الإنسانية المتوفرة في الوقت الحالي لاتغطي الاحتياجات بالشكل المطلوب فكل هؤلاء يعيشون في ظروف مادية واقتصادية واجتماعية ونفسية صعبة جداً في ظل وجود المساعدات الانسانية فماذا إذا توقفت تلك المساعدات عنهم!.
نحن اليوم كعاملين في الشؤون الانسانية نتنبأ دون أدنى شك، أننا على أبواب كارثة إنسانية ستُدون في تاريخ البشرية للأجيال القادمة وستعرف تلك الأجيال بأن النظام ليس الوحيد الذي قام بقتل الشعب السوري إنما شاركت روسيا والمجتمع الدولي بهذه الجريمة، من خلال إغلاق الشريان الوحيد الذي يمدهم بالحياة، فمنع إدخال المساعدات الانسانية عبر معبر باب الهوى هو أشبه بإلقاء قنبلة نووية على منطقة آمنة وقتل كل من فيها و هو أشبه بحقن الملايين من البشر بجرعة سم مميت.
لدينا أكثر من 2.1 مليون طفل سوري خارج منظومة التعليم في سوريا ونحن كمختصين نتابع ما يكابده ملايين الأطفال من حرمان لحقوقهم في اللعب وحقوق التعليم والرعاية الصحية الكاملة بالإضافة إلى تعرضهم لأشكال الإساءة المتنوعة ضمن مجتمعاتهم بسبب غياب الوعي المجتمعي وازدياد فجوة الاحتياجات بشكل كبير مما يضطر مقدمي الرعاية الى إهمال أطفالهم والتوجه نحو كسب الرزق وتحصيل سبل العيش وبالتالي سيتأثر الكثير من الأطفال بسبب إيقاف المساعدات الانسانية عبر الأمم المتحدة، بسبب فقدان الخدمات الاساسية التي يحصلون عليها من ظروف تعليمية مناسبة إلى تأمين سبل عيش لعائلاتهم مما يقيهم من الانخراط في التجنيد أو عمالة الأطفال إلى فقدان الرعاية النفسية والصحية والتي يتلقونها في مراكز الطفل والمراكز الصحية وهذا بالتالي سيؤثر بشكل ملحوظ على البنية الاجتماعية للمنطقة وغياب تلك الخدمات والمستلزمات سيكون بادرة سلبية مع الزمن لظهور مجتمع متخلف بأغلبيته ويميل للإجرام و “السيكوباتية” وهذا سيخلق فجوة عميقة وكبيرة في المجتمع.
المجتمع الدولي هو المسؤول أولاً وأخيراً عن الحالة الانسانية للشعب السوري، وبالأخص في مناطق شمال غربي سوريا،وبالنظر للحالة القانونية والتقرير القانوني الذي انتشر مؤخراً عبر مجموعة من المختصين في القانون الدولي الإنساني والذي يؤكد قانونية إدخال المساعدات الانسانية إلى سوريا عبر الأمم المتحدة دون الحاجة لقرار من مجلس الأمن الدولي عبر مجموعة من الحجج القانونية الواضحة والجلية، أصبح بإمكاننا أن نقول بشكل علني لجميع الدول الاعضاء أننا على دراية أن تحالفاتكم السياسية هي من تعطل آلية المساعدات وقد آن الآوان للابتزاز الروسي والصيني أن ينتهي في سبيل إنقاذ ملايين السوريين من كارثة إنسانية محتملة.
محمد طرار: مدير مركز صديق الطفل في المنتدى السوري – قباسين.
الأفكار الواردة في المقال لاتعبر بالضرورة عن رأي الوكالة