لم يُسمح للعالم برؤيتها حتى الآن… صور لمعتقلين في سجون الاستخبارات المركزية الأميركية «CIA»
بقي محامو الدفاع في «قضايا غوانتانامو» يتحدثون لسنوات عن مراجعة صور حكومية مزعجة للسجناء الذين احتجزتهم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «CIA»، داخل سجون سرية في الخارج تحت إدارة بوش، أو ما أطلق عليها «المواقع السوداء» وصُنفت هذه الصور «سرِّية»، ولم يُسمح للعالم برؤيتها حتى الآن.
واليوم الأحد 4 آب/ أغسطس، نشر المحامون المشاركون في قضية «هجمات 11 أيلول/ سبتمبر»، صورة واحدة التقطها مسؤولون لدى «CIA» لأحد السجناء، ويدعى عمار البلوشي، ويظهر البلوشي في الصورة بجسده العاري النحيل الذي تبدو عليه علامات سوء التغذية، ويرجع تاريخ التقاط الصةرة إلى عام 2004 تقريباً، داخل أحد السجون في الخارج.
وأكد المحامون بأن الصورة، التي نشرتها صحيفة «الغارديان» للمرة الأولى، ظهرت في أثناء عملية مراجعة التصنيف داخل المحاكم العسكرية، في إشارة إلى محكمة الحرب التي أقيمت في خليج غوانتانامو بكوبا، وقد رفعت الحكومة، حديثاً، السرية عن صورة لعمار البلوشي التقطتها «CIA» بسجن في الخارج نحو عام 2004.
وكما تم تسريب صور لجنود أميركيين، وهم يسيئون معاملة السجناء في أعقاب هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، بما في ذلك من «سجن أبو غريب» الذي كان يديره الجيش في العراق عام 2004، لم تظهر أي صور من «المواقع السوداء» لـ«CIA».
في الحقيقة، دمَّرت قيادة الوكالة عام 2005 أشرطة فيديو لاستجوابات داخل أحد «المواقع السوداء» في تايلاند لضمان أن أحداً لن يطَّلع عليها أبداً، وتعد مثل هذه الصور نمط المواد التي لطالما سعى محامو الدفاع إلى تقديمها إلى القاضي أو هيئة المحلفين، بصفتها دليلاً على سلوكٍ حكومي مشين، من أجل تجنب عقوبة الإعدام أو رفض دعوى التورط بجرائم حرب المرفوعة ضد موكليهم.
وأكد المئات من السجناء إنهم تعرضوا للتجريد من ملابسهم بشكل روتيني، وكان يجري تصويرهم في أثناء نقلهم عبر برنامج «المواقع السوداء»، من سجن سري إلى آخر، في حين أكد محامو الدفاع عن ثمانية سجناء، على الأقل، في غوانتانامو إنهم حصلوا على صور سرية لموكليهم في أثناء احتجازهم لدى «CIA» في خضم إعداد قضاياهم للمحاكمة.
وصرح “دانييل جيه جونز”، المحقق الرئيسي في دراسة للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ صدرت عام 2014 وأدانت برنامج «CIA»، إنه وفريقه راجعوا مئات من هذه الصور، بعضها مدرج في التقرير الكامل المكون من 6 آلاف صفحة، والذي لا يزال سرياً، ووصف جونز الصور بأنها «مزعجة للغاية، ودليل واضح على الوحشية» داخل «المواقع السوداء»، ووصفها بأنها من بين «أكثر السجلات الخاضعة للحماية لبرنامج التعذيب التابع لوكالة CIA».
وفي عام 2019، وضع محامو الدفاع عن البلوشي الصورة على الصفحة السابعة من طلب جرى تقديمه إلى القاضي العسكري لاستبعاد جميع اعترافات السجين التي تدينه، بالنظر إلى ما تعرَّض له من «تعذيب ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة» داخل حجز «CIA» بين عامي 2003 و2006، وبعدها قدموا الوثيقة المكونة من 202 صفحة لمراجعة التصنيف -عملية داخل المحكمة لتحديد المعلومات التي لا تزال سرِّية وما يمكن نشره.
إلا أن ما أثار دهشتهم أن الوثيقة التي جرى إصدارها حديثاً من المراجعة، كانت تحتوي على جزء كبير من الحجة القانونية، لكنَّ الصورة لم تكن كذلك، وإنما ظهرت الصورة بالضبط كما قدمها المحامون -حيث كانت المنطقة التناسلية للبلوشي مغطاة بصندوق أسود «للحفاظ على كرامته»، على حد قول كونيل.
وقد جرى رفع السرية عن الصورة مع إصدار ملف قدمه الفريق القانوني لعمار البلوشي عام 2019، وقد أزالت الحكومة الأميركية البيانات الوصفية من صور «CIA» قبل تسليمها إلى محامي الدفاع، بصفتها دليلاً محتملاً في قضايا غوانتانامو، إلا أن اعتقاد المحامون يستند إلى تسلسل زمني سري لرحلة البلوشي عبر «مواقع سوداء»، أن صورته التُقطت عام 2004، خلال عامه الثاني من الاحتجاز.
وحسب للمعلومات، كان يجري الإبقاء على البلوشي عارياً، بشكل روتيني، ويتعرض للضرب، كما حُرم من النوم لعدة أيام في كل مرة، وقد جرى تحقيق ذلك من خلال تكبيله من الكاحلين والمعصمين بطريقة أجبرته على الوقوف عارياً، مع غطاء على رأسه.
وكما كان يتعرض للصفع بشكل متكرر من موظفي «CIA» ويبقى أياماً من دون أي طعام وفي أيام أخرى كان يجري تقديم علب من المكملات الغذائية السائلة له، في إطار عملية «تلاعب غذائي» متعمَّد، وبعد عام في الحجز الأميركي، انخفض وزن الرجل الذي يبلغ طوله 5 أقدام و11 بوصة إلى 119 رطلاً، بعد أن كان 141 رطلاً عند إلقاء القبض عليه.