كيف أعاد داعـ.ـش بناء نفسه في البادية السورية؟
تقرير صادر عن وكالة داماس بوست
استفاد تنظيم “داعش” من المساحات الواسعة والنائية إلى جانب الطبيعة الوعرة في الصحراء السورية التي أصبحت أبرز مخابئ التنظيم ومنطلق عملياته ضد القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” في وقت فشلت فيه حملات عسكرية سورية-روسية في القضاء عليه أو شل هجماته.
في الـ26 من أغسطس (آب) الماضي، عثر على جثث تسعة جنود من قوات جيش النظام في بادية تدمر الواقعة وسط البلاد بعدما جرى إعدامهم ميدانياً وذلك عقب أيام قليلة من أسرهم من قبل عناصر تنظيم “داعش”،
خلال الأشهر الأخيرة زاد التنظيم من عملياته في كل من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” من خلال خلاياه وكذلك في البادية السورية إذ أعلنت القيادة المركزية للقوات العسكرية الأميركية في يوليو (تموز) الماضي أن مجموع العمليات المنفذة في العراق وسوريا والمتبناة من تنظيم “داعش” في النصف الأول من العام الحالي يعادل ما يقارب ضعف ما قام به التنظيم خلال العام الماضي بكامله، ففي الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى يونيو (حزيران) 2024 تبنى “داعش” 153 هجوماً في العراق وسوريا، وأشارت “القيادة المركزية” إلى أن زيادة الهجمات تعني أن التنظيم يحاول إعادة تشكيل نفسه بعد أعوام من انخفاض قدراته.
وفي أغسطس الماضي وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان 18 عملية لخلايا التنظيم في مناطق قسد أدت إلى مقتل خمسة أشخاص، وتسع عمليات في البادية حيث سيطرة النظام وأسفرت عن مقتل 21 من النظام
تظهر خرائط توزع سيطرة القوى المختلفة في سوريا عدداً من المساحات الخارجة عن السيطرة يتحرك فيها تنظيم “داعش” وتقع جميعها في مناطق سيطرة النظام لا سيما في المناطق النائية من البادية السورية، وتتبع لمحافظات حماة وحمص ودير الزور والرقة، وينشط التنظيم فيها من خلال عمليات عسكرية ونصب كمائن أدت إلى مقتل المئات من العسكريين والمدنيين في تلك المناطق خلال الأشهر والأعوام السابقة.
إثبات الوجود في البادية
ينتشر عناصر التنظيم في محيط جبل البشري بريف الرقة والرصافة ومناطق آثريا والرهجان المتصلة بريف حماة الشرقي، إضافة لبادية السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، وبادية دير الزور، ويقدر عدد عناصر التنظيم بنحو 2000 مسلح بعتادهم العسكري، ويستفيدون من طبيعة البيئة الصحراوية في البادية السورية “فهي مناطق مكشوفة تمكنه من تنفيذ الهجمات العسكرية المباغتة ونشر الألغام ونصب المكامن والكر والفر”
التنظيم يسعى إلى إثبات قدراته وأنه لا يزال قادراً على شن الهجمات على رغم هزيمته وإنهاء سيطرته على مناطق مأهولة بالسكان في مارس (آذار) 2019 خلال معركة الباغوز.
في أواخر مايو (أيار) الماضي شنت قوات النظام بغطاء جوي روسي حملة عسكرية وصفت بالأضخم ضد عناصر التنظيم في بادية السخنة وتدمر والرصافة، وقالت صحيفة “الوطن” الموالية لدمشق نقلاً عن مصادر ميدانية، إن الحملة تستهدف بالدرجة الأولى إغلاق ممرات عبور إرهابيي “داعش” من التنف ومن منطقة الـ55 كيلومتراً المحيطة بها المتاخمة للحدود مع الأردن والعراق، إذ الدعم اللوجيستي الذي يقدمه الجيش الأميركي لهم، فيما قال مراقبون، إن الحملة كان تهدف إلى تأمين خطوط التجارة والنفط والنقل مع مناطق الإدارة الذاتية حيث تنقل منها النفط إلى داخل المناطق الحكومية عبر صهاريج.
فشل الحد من التنظيم
وألحق التنظيم خسائر كبير بالقوات العسكرية الحكومية والموالية لها في البادية السورية خلال الأشهر والأعوام السابقة، إلى أن “داعش” ركز في هجماته تلك بصورة كبيرة على استهداف قوات النظام والتشكيلات العسكرية الأخرى المساندة له كقوات “الدفاع الوطني” و”لواء القدس” المدعوم من روسيا في حين يحاول تجنب الاصطدام مع الميليشيات الإيرانية والتي تقوم بدعمه لوجستيا هناك مما أدى لوقوع كثير من القتلى والجرحى في صفوف قوات النظام.
توظيف أميركي
من جانبه يشكل التنظيم خطراً وتهديداً على الأمن القومي للبلاد والمصالح الأمنية والاقتصادية مثل استهداف الفلاحين وحقول النفط والغاز والطرق البرية، إضافة إلى حافلات نقل الجنود والنقاط العسكرية
“نستنتج من ذلك أن للولايات المتحدة الأميركية مصلحة في إبقاء داعش لتبرير بقائها في سوريا وحتى في خدمة المشروع الأميركي في إغلاق الحدود السورية العراقية”، مثلما ورد في مجلة “فورين بوليسي” الأميركية قبل عملية السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في غزة عندما تحدثت عن توجه أميركي بالتعاون مع إسرائيل لتوظيف تنظيم “داعش” لإغلاق الحدود السورية- العراقية،