“قسد” تؤجل انتخابات البلديات المقرر إجرائها في آب المقبل للمرة الثالثة على التوالي

أكدت مصادر متقاطعة، أن الإدارة الذاتية “قسد”، تتجه نحو إلغاء انتخابات البلديات بمناطق سيطرتها شمال شرقي سوريا، بعد تأجيلها مرتين، وسط رفض محلي وإقليمي ودولي، وذلك بعد موافقة أحزاب سياسية في شمال شرقي سوريا، اليوم الخميس 25 تموز/ يوليو، على طلب تأجيل انتخابات البلديات لدى الإدارة الذاتية “قسد” المقرر إجرائها في آب المقبل للمرة الثالثة على التوالي.
وصرح سكرتير الحزب “الديمقراطي الكردي” نصر الدين إبراهيم، الخميس، إن الأحزاب السياسية في شمال شرقي سوريا ستقدم طلباً لتأجيل الانتخابات حتى إشعار آخر وإلى حين تهيئة ظروف مناسبة، ولفت إبراهيم إلى تشكيل وفد من ممثلي الأحزاب للقاء مفوضية الانتخابات، مطلع الأسبوع المقبل، وتقديم طلب التأجيل.
ورأت المصادر أن الإدارة الذاتية “قسد” تخشى إمكانية أن تستغل تركيا هذه الانتخابات لتنفيذ “أعمال عدوانية” في شمال شرقي سوريا، فضلاً عن الموقف الأمريكي الرافض، معتبرة أن واشنطن “ليس لديها الوقت حالياً لتحمل نتائج هذا الأمر”.
وأفادت وكالة “نورث يرس” عن سكرتير حزب “الديمقراطي الكردي في سوريا” (البارتي)، نصر الدين إبراهيم، قوله إن أحزاب سياسية ستتقدم بطلب لتأجيل الانتخابات “لحين تهيئة ظروف مناسبة”، ووفق إبراهيم، ستتقدم الأحزاب بطلبها إلى المفوضية العليا للانتخابات التابعة للإدارة الذاتية “قسد”.
وإن حديث إبراهيم مشابه لسينارو تأجيل الانتخابات الماضي، عندما نشرت وكالة “هاوار” المقربة من “الإدارة”، في 6 من حزيران الماضي، خبرًا عن مطالب حزبية في المنطقة لتقديم طلب التأجيل، تبعه قرار رسمي بإرجاء الانتخابات لشهرين.
ومع أن الإدارة الذاتية “قسد” أجلت انتخابات البلديات لمرتين، الأولى في نهاية أيار، والثانية في حزيران الماضيين، خرج رئيس حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، صالح مسلم، متحدثًا عن تمسك “الإدارة” بإجراء الانتخابات في آب المقبل.
ويعتبر “الاتحاد الديمقراطي” حجر الأساس في الإدارة الذاتية “قسد”، وتصنّفه تركيا على لوائح “الإرهاب” لديها، باعتباره امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” المشكّل في تركيا عام 1978، والمدرج على “لوائح الإرهاب” فيها، وكانت “الإدارة الذاتية” حددت 30 أيار موعدًا للانتخابات، خلال الاجتماع الأول لـ”المفوضية العليا للانتخابات” التي تشكلت في 28 من شباط.
وقبيل الموعد المحدد لها، أجلت “الإدارة” انتخاباتها حتى 11 من حزيران، ثم عادت لتأجيلها حتى آب المقبل، وبعد أيام على تأجيل الانتخابات للمرة الأولى، علّقت الولايات المتحدة الأمريكية (وهي الداعم الرئيس لـ”الإدارة الذاتية”) بموقفها حول الانتخابات، إذ قالت إن ظروف “الأزمة” في سوريا غير مواتية لإجراء انتخابات شمال شرقي سوريا في الوقت الراهن.
حيث جاء في إحاطة صحفية للنائب الرئيسي للمتحدث الصحفي باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فيدانت باتيل، في 30 من أيار، أن الولايات المتحدة محافظة على موقفها من أي انتخابات تجري في سوريا “يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة”.
ومع التأجيل الثاني، حملت ألمانيا الموقف نفسه على لسان المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، إذ قال عبر “إكس” إن إجراء انتخابات في سوريا في الوقت الراهن لن يؤدي إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام، بل إلى ترسيخ الوضع الراهن المتمثل في الصراع والانقسام الذي طال أمده.
وكان لأنقرة موقف أكثر حدة، إذ دعا زعيم حزب “الحركة القومية” (MHP) التركي، دولت بهشلي، لعملية عسكرية مشتركة تجمع تركيا والنظام السوري للقضاء على “العمال الكردستاني” في سوريا، وفق ما نقلته صحيفة “Cumhuriyet” التركية.
وانتقد بهشلي انتخابات البلديات، معتبرًا أنها مرحلة جديدة قادمة لـ”تقسيم تركيا”، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ترى في الحوار مع “الإرهابيين” أمرًا ذا أهمية استراتيجية في المكان، في إشارة لـ”الإدارة الذاتية”.
في حديث سابق، توقع الباحث في مركز “جسور للدراسات” أنس شواخ، أن انتخابات “الإدارة الذاتية” المؤجلة، لن تجري في موعدها في حال بقي الغطاء السياسي الداعم للخطوة غائبًا، ما سيجبر “الإدارة” على البحث عن داعم لخطوتها.
السيناريوهات للبحث عن الداعم تندرج تحت خيارين، وفق شواخ، أولهما التواصل والتفاوض مع الولايات المتحدة التي قد تعيد فتح المجال لاستئناف الحوار “الكردي- الكردي” الذي تعتبر الانتخابات أحد أهم محاوره.
أما السيناريو الثاني فيكمن في توجه “قسد” للتفاوض مع روسيا والنظام في الفترة التي تشهد مساعي للتفاوض ما بين الطرفين، واعتبر الباحث أن مسارات التفاوض التي قد تدخلها “الإدارة” من المتوقع أن تجبرها على إجراء تعديلات بقانون الانتخابات وطبيعتها، أو التراجع عن الخطوات التشريعية والقانونية التي أصدرها خلال الأشهر الماضية.