إقليمي ودوليالتقارير الإخبارية

“داماس بوست” تكشف مدى التنافس الدفاعي التركي بين قطر والإمارات

كشفت وكالة “داماس بوست” عن تكثيف شركة “برزان القابضة”، وهي شركة دفاعية شبه حكومية في قطر، لعمليات الاستحواذ الدولية، بما في ذلك شراء حصة في مجموعة “بافو” التركية للدفاع، مما يمنح دولة قطر إمكانية الوصول إلى مجموعة من التقنيات الضرورية.

حيث توسّع مجموعة “بافو” التركية للإلكترونيات الدفاعية والسيبرانية عملياتها في قطر، وظهرت منتجاتها في جناح شركة “برزان القابضة” خلال معرض ميليبول قطر التجاري في الدوحة، من 29 إلى 31 أكتوبر، مما يشير إلى احتمالية إطلاق مشروع مشترك تركي-قطري جديد.

ويبدو أن هذا التعاون يأتي على غرار المشروع المشترك الذي دخلت فيه مجموعة “بافو” في أبوظبي عام 2023 مع مجموعة “إيدج” الدفاعية الإماراتية، والذي أطلق عليه اسم Key4 LLC.

كما علمت “داماس بوست” أن مجموعة “باڤو” لم تصبح الشريك الدفاعي المفضل لقطر فحسب، بل استحوذت “برزان القابضة” أيضًا على حصة أقلية في رأس مالها، وقد فتح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” في السنوات الأخيرة الباب أمام بيع جزئي للشركات الدفاعية التركية الرائدة.

وفي الوقت ذاته، تسعى مجموعة الدفاع القطرية إلى نقل التكنولوجيا بهدف إنشاء صناعة دفاعية سيادية خاصة بها، مما جعل الشركات التركية الكبرى هدفًا رئيسيًا لها، خاصة مع تزايد الحذر من الشركات الغربية.

يشار إلى أن مجموعة “باڤو” أبرمت بالفعل عدة صفقات مع “برزان القابضة” في السنوات الأخيرة، حيث يعمل حاليًا فريق صغير من مكتب تم افتتاحه في الدوحة الصيف الماضي.
كما تهتم قطر بشكل خاص بنظام اعتراض الاتصالات الخاص بمجموعة “باڤو” (COMINT)، بما في ذلك جهاز التنصت على الهاتف “IMSI-catcher” الذي يساعد في الكشف عن عمليات الاختراق في قطر.

وقد ترأس مجموعة “باڤو” ألبر أوزبيلين، وتقدم المجموعة أيضًا مجموعة كاملة من المنتجات المستوحاة مباشرة من ردود الفعل من ساحات القتال السورية والأوكرانية، مثل الطائرات بدون طيار الانتحارية وطائرات بدون طيار للإقلاع والهبوط العمودي (VTOL)، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار رباعية المراوح القادرة على حمل أنظمة تشويش واعتراض الاتصالات. وهذه المنتجات تجذب مجموعة واسعة من العملاء، بدءًا من الأجهزة الأمنية الداخلية وصولًا إلى الجيش وأجهزة الاستخبارات.

وتجدر الإشارة إلى أن الدوحة تتمتع بعلاقة طويلة الأمد مع صناعة الدفاع التركية، ففي عام 2014، استحوذت لجنة صناعة القوات المسلحة القطرية، وهي الشركة السابقة لـ”برزان القابضة”، على حصة 49٪ في شركة تصنيع المركبات المدرعة التركية “BMC”، وذلك بفضل مالكها آنذاك، “إيثيم سانجاك”، الذي يُعتبر حليفًا سياسيًا مقربًا من الرئيس التركي “أردوغان”. وفي مارس الماضي، أعلن نائب الرئيس التنفيذي لشركة “برزان”، “محمد المري”، عن خطط لافتتاح موقع تجميع لمركبة “BMC” المدرعة “Altug 8×8” في قطر في المستقبل القريب، على الرغم من أن هذا المشروع لم يتحقق بعد.

وفي الوقت ذاته، تواصل شركة الدفاع التركية “Aselsan” بيع مجموعات التوجيه وأنظمة الحرب الإلكترونية في قطر من خلال مشروعها المشترك المحلي “Aselsan QSTP-B”، الذي تم إنشاؤه مع “برزان” في عام 2018. وكانت الدوحة مهتمة بفتح مقر دائم لشركة “Aselsan” في العاصمة القطرية منذ عام 2021.

بينما تُعتبر صناعة الدفاع التركية الخيار الأول لشركة “برزان القابضة” بفضل العلاقة الوثيقة بين الرئيس التركي “أردوغان” والأمير “تميم بن حمد آل ثاني”، فإن التكتل القطري أيضًا عرضة للاستحواذات الانتهازية على شركات الدفاع الأجنبية.

فعلى سبيل المثال، حاولت “برزان” الاستحواذ على شركة تصنيع الذخائر المقدونية “ATS Group”، التي من المتوقع أن تصبح أداة استراتيجية في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خاصة بعد أن يبدأ إنتاج قذائف 155 ملم بحلول عام 2025.
وفي عام 2021، استحوذت “برزان” على حصة في شركة “Aeralis” البريطانية، التي تعمل على تطوير طائرة مقاتلة خفيفة بالتعاون مع عدة شركات أوروبية.

لكن قطر ليست الدولة الخليجية الوحيدة التي تسعى للاستفادة من المجمع الصناعي العسكري التركي، حيث ظهرت منافسة حيوية مع الإمارات ومجموعة “إيدج” الدفاعية الوطنية.

ووفقًا ل”داماس بوست”، تعمل مجموعة “برزان القابضة” الدفاعية القطرية على توسيع حضورها داخل صناعة الدفاع في أنقرة، بينما تتجه مجموعة “إيدج” الإماراتية أيضًا نحو الاستفادة من صناعة الدفاع التركية الرائدة.

ومن المتوقع أن يتم مراقبة استحواذ “برزان القابضة” على حصة في مجموعة الإلكترونيات الدفاعية والسيبرانية التركية “باڤو جروب” عن كثب في أبوظبي.

وقد كانت مجموعة “إيدج” الدفاعية شبه الحكومية الإماراتية تسعى أيضًا منذ سنوات للحصول على حصص في صناعة الدفاع التركية. في عام 2023، أسس الكيان المخصص لبناء صناعة دفاعية إماراتية سيادية مشروعًا مشتركًا في أبوظبي مع مجموعة “باڤو” تحت اسم “Key4 LLC”.
ومنذ ذلك الحين، ظهرت مؤشرات على إمكانية دمج هذا المشروع المشترك ضمن مجموعة “إيدج”.

وفي 24 أكتوبر، انضمت شركة “بافوتك”، وهي إحدى الشركات التابعة لمجموعة “باڤو”، إلى شركة “أوريكس لابس” الإلكترونية الإماراتية التي تم إدراجها تحت مظلة “إيدج” في يوليو 2023، وذلك لتصدير منتجاتها إلى دول أخرى.

وقد أسفرت الشراكة الدفاعية التركية الإماراتية بالفعل عن عمليات نقل تكنولوجية كبيرة، وهو أمر حيوي لشركات الدفاع الخليجية التي تسعى لبناء صناعتها السيادية. فعلى سبيل المثال، طائرة “Rush-2” بدون طيار، التي تحمل اسم “إيدج”، تعتمد فعليًا على طائرة “Bayraktar TB-2” من شركة “بايركار مكينا” التركية، بينما صواريخ “Desert Sting” هي تكيف لصواريخ “MAM” التي تصنعها الشركة التركية “روكيتسان”.

وفي أحدث معرض تجاري دفاعي “SAHA EXPO” الذي أقيم في إسطنبول من 22 إلى 26 أكتوبر، وقعت مجموعة “إيدج” وشركة “بايركار” اتفاقية غير ملزمة لدمج الذخائر الموجهة بدقة وأنظمة الحمولة في طائرات “بايركار” بدون طيار.

يشار إلى أنه بعد الاستفادة من قدرات الصواريخ في جنوب أفريقيا والاستحواذ على مصنعي الدفاع البرازيليين، سعت الإمارات منذ فترة طويلة للاستحواذ على حصص كبيرة في شركات الدفاع التركية الرائدة مثل شركة “بايركار مكينا” المصنعة للطائرات بدون طيار وتكتل “أسيلسان”.

ولتحقيق هذا الهدف، أسس رئيس مجلس إدارة “إيدج” ورائد الإنترنت الإماراتي “فيصل البناي” في أكتوبر 2023 شركة “ملاذ”، وهي كيان مخصص للاستثمار في الشركات الأعضاء في “SAHA”، جمعية صناعة الدفاع التركية التي تنتمي إليها مجموعة “باڤو”.

يرأس شركة “SAHA” الرئيس التنفيذي لشركة “بايركار”، “خلوق بيرقدار”، الذي يشغل أيضًا شقيقه “سلجوق بيرقدار”، المدير الفني لشركة “بايركار” الذي هو صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفي معرض “SAHA” الذي أقيم في أكتوبر، وقعت شركة “ملاذ” أول اتفاقية رسمية (غير ملزمة) مع شركة صغيرة مقرها إسطنبول تُدعى “ERA RF Technologies”، التي تطور وتنتج أنظمة اتصالات للطائرات بدون طيار.

يذكر أن رئيس شركة “إيدج” يعتمد على “علي ديميرهان”، المحامي ورجل الأعمال والعضو النشط في حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، والذي تم تعيينه رئيسًا لشركة “ملاذ” ولديه شبكات واسعة في الإمارات.

وكان “ديميرهان” قد شارك في بناء مضمار ميدان لسباق الخيل في دبي في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث انضمت شركته “ميرهان القابضة” إلى “دبي القابضة”، وهو صندوق استثماري لأمير دبي “محمد بن راشد آل مكتوم”، الذي كان حتى يوليو أيضًا وزيرًا للدفاع الفيدرالي.

وحسب داماس بوست، يدير ديميرهان مجموعة “ديميرهان” من دبي، ومن بين شركائه الآن شركة “بايركار” وصندوق الشركة القابضة الدولية (IHC) التابع لرئيس التجسس والممول في أبوظبي، “طحنون بن زايد آل نهيان”. وكان نهيان نفسه قد لعب دورًا رئيسيًا في إعادة العلاقات بين أبوظبي وأنقرة في أغسطس 2021، بعد فترة من العلاقات الفاترة بسبب الخلافات حول عدد من القضايا الدبلوماسية الإقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى