خطاب مفتوح إلى القيادة الأمريكية وحُلفائها بشأن الإبـ.ـادة الجماعية في غـ.ـزّة وفلسـ.ـطين
خطاب مفتوح إلى القيادة الأمريكية وحُلفائها بشأن الإبادة الجماعية في غزّة وفلسطين
علي محمَّد الصَّلَّابي
أوجّه هذا الخطاب المفتوح إلى القادة الأمريكيين وحُلفائهم، وشعوبهم، آملاً أن يُوضع في الاعتبار أن كاتبه مسلم يُؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد (صلى الله عليه وسلم) نبياً ورسولاً، ولديه قناعات، وقيم إنسانية روحية أساسها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وردّ الظلم، وتحقيق العدل والسلام والمساواة والإنصاف بين أبناء الإنسانية، فلا تنظروا قبل قراءة هذا الخطاب إلى دينِ كاتبه، ولون بشرته، وموقعه من تصنيفاتكم للأماكن والثقافات والألوان والأقوام والعِرقيات.
أكتب هذا الخطاب بشكل واضحٍ وموجهٍ، بصفتي إنساناً مسلماً، يَسير على نهج القرآن الكريم، وهو المصدر الموثوق الذي حفظ الله تعالى فيه تاريخ الإنسانية، وبَيَّن فيه سِير الأنبياء والمرسلين بنسبة تصل إلى 100٪ من حيث الدقة والثبوت التاريخي، ابتداءً بأبينا آدم (عليه السلام)، ومن بعده نوح وإبراهيم وموسى وهارون ويعقوب وإسحاق ويوسف وهود وصالح وعيسى (وآخرون عليهم السلام جميعاً) …، وخاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهُمْ القدوة والأسوة الحسنة، والمثل الأعلى للبشرية في أنحاء الأرض قاطبة.
ولقد عَلّمنا الرُسل والأنبياء أن نُخاطب الناس بالحقائق على الأرض، لعلهم يتذكرون أو يتدبرون أو يخشون الله رب العالمين، فينصَلحون ويُصلحون، وهذا كان خطاب موسى (عليه السلام) لفرعون هامان وقارون، وخطاب عيسى (عليه السلام) لحاكم الرومان، وخطاب خاتم النبيين محمد (صلى الله عليه وسلم) لأبي جهل في مكة، وهرقل في روما، وكسرى في فارس، وليس من شرطِ ذلك أن يستجيب المخاطَب أو أن يَسمع لكنه إبلاغ لرسالةِ الله، وإعذار إليه.
القيادة الأمريكية وحُلفاؤها شركاء في الإبادة الجماعية في فلسطين
كانت صدمةً الناس بتصريحات القيادة الأمريكية وحُلفائها، والتي تزامنت مع أحداث فلسطين “غزة” الراهنة، أكثر صدمة من الحدث نفسه، فقد تضمن الازدواجية بين الغرب ونداءاته التاريخية بقيم الحرية والعدالة والمعاني الإنسانية النبيلة، وفيه تنكر جلي واضح لتعاليم السيد المسيح عليه السلام، وبين الوعيد الشديد بالانتقام، وتتابع كلامكم وأفعالكم على نفس المنوال، وقطعت كل احتمال للشك أو التراجع أو التحلي بصفة العدل في الأزمة.
والأعجب أن مشاركتكم في العدوان تزامنت مع تصريحاتكم المشينة، مما يؤكد أنكم لستم طرفاً محايداً مع سبق الإصرار والتعنت، حيث ترسو حاملة الطائرات “فورد”، ووصلت مؤخراً حاملة الطائرات البحرية “أيزنهاور” إلى شواطئ فلسطين لإمداد إسرائيل بكل ما تلزم لقتل الفلسطينيين العزل والتنكيل بهم، وألحقتها بريطانيا ببارجتين حربيتين، وألمانيا بطائرات متطورة جداً، وفرنسا بدعم سياسي وأمني، وانحياز فاضح ومطلق لهم، وهو ما يعني حرباً مدمرة ضد الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ العزل المساكين في غزة وفلسطين، بل إنها مذبحة جديدة في سجل المواقف الأمريكية والأوروبية من قضايا المستضعفين والمظلومين في فلسطين والعالم.
الكل تابع تناقض تصريحات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن وتردده، وهو بالمنظار العالمي الداعم الأكبر لإسرائيل وقائد السياسة الغربية، بأنه رأى صوراً وفظائع ارتكبتها حماس بقطع رؤوسٍ واغتصاب وتنكيل وخطف وترهيب بالمدنيين من سكان المستوطنات الإسرائيلية. ولكن كشفته قناة CNN الأمريكية، وصحيفة الواشنطن بوست التي نقلت عن البيت الأبيض رسمياً: “لا بايدن ولا أي مسؤول رأى صوراً أو تأكد من صحة تقارير بشأن قطع إرهابيين رؤوس أطفال”. وهو ما يؤكد أنكم تتخذون قرارات عمياء بناء على معلومات مضللة كما حدث معكم في كذبة الاسلحة النووية العراقية التي دمرتم بسببها بغداد، وتتركون كل القسم حين يتعلق الأمر بكيان إسرائيل وسلامة مستوطنيها دون الاكتراث بالشعب الفلسطيني الذي عانى من ظلم وجور الصهاينة لأكثر من سبعين عاماً.
القيادة الأمريكية وحُلفائها وسياسة الكيل بمكيالين
على الرغم من أن أكثر من مليوني فلسطيني من أهل البلاد الأصليين، يرزحون على مرمى أبصاركم تحت وطأة حصارٍ خانقٍ، وغير إنساني، وغير قانوني طوال عقدين، ومع أن حكومة تل أبيب اليمينية المتطرّفة عمّقت تواطؤها مع الاعتداءات على المسجد الأقصى، حتى افتضح أمر ضلوعها في عملية تقسيم زماني للصلاة فيه، وعلى الرغم من تصعيد اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، ونوايا حكومتهم ضم أجزاء من الضفة الغربية. فلم يصدر عنكم أيها السادة ما يُشير ولو على استحياء أنكم تأبهون للحقوق الإنسانية والثقافية والدينية للشعب الفلسطيني، فهل تتوقعون أن يقف الفلسطينيون متفرجين إزاء كل تلك الانتهاكات، وإزاء سياسة الكيل بمكيالين، وسياسة تجزئة المبادئ التي تمارسونها بدون حياء!؟
سيكتب التاريخ بأن رئيس أكبر دولة وهو جو بادين، وزعماء غربيين وشرقيين تبجحوا كثيراً بحماية الديمقراطية، وتحضير الإنسان، ودعم السلم الاستقرار العالمي، وتراكضوا لإنقاذ أوكرانيا، معتبرين أنها تعرضت لعدوان غاشم وجائر من روسيا، نراهم اليوم يتركون مدنيين في غزة من أطفال وشيوخ عجزة تقطعت بهم أسباب الحياة، تحت لهيب آلة القتل الإسرائيلية.
الموقف الغربي من جرائم إسرائيل خرق وتشويه لقيم الحضارة الغربية ومبادئ القانون الدولي
سيكتب التاريخ بأن مواثيق تأسيس الملكيات والجمهوريات الغربية القائمة على مبادئ حقوق الإنسان غابت عن أذهان زعماء الغرب، وحتى عن بعض نخبهم السياسية والإعلامية، والذين اقتنعوا بالدعاية الإعلامية، وتأثيرات اللوبي الصهيوني في تلك الدول، فتعرضَ كل من وقف مع فلسطين في أمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والنمسا للاعتقال والضرب بحجة معاداة السامية. فأين هم من ميثاق حقوق الإنسان الذي وقعوه في جنيف في طليعة الدول في أغسطس عام 1949م، والذي جاء في مادته (15) :
“يجوز لأي طرف في النزاع أن يقترح على الطرف المعادي إنشاء مناطق محايدة في الأقاليم التي يجري فيها القتال بقصد حماية “الجرحى والمرضى من المقاتلين وغير المقاتلين” و”الأشخاص المدنيين الذين لا يشتركون في الأعمال العدائية ولا يقومون بأي عمل له طابع عسكري”. وفي المادة (16): يكون الجرحى والمرضى وكذلك العجزة والحوامل موضع حماية واحترام خاصين. وفي المادة (18): لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات.
وفي المادة (51) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف (يتمتع الأشخاص والسكان المدنيون بحماية عامة ضد الأخطاء الناجمة عن العمليات العسكرية ولا يجوز أن يكونوا محلاً للهجوم)، والمادة (52) التي تحظر الهجوم على الأعيان المدنية وردعها والتنكيل بها (لا تكون الأعيان المدنية محلاً للهجوم أو لهجمات الردع وتقصير الهجمات على الأهداف العسكرية فقط)، والمادة (53) التي تنص على أنه (يحظر ارتكاب أي من الأعمال العدائية الموجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة). فهل اِلتزمت القيادات والحكومات الغربية قبل أن تدبّج بياناتها وتحشد قواتها خلف إسرائيل، بتلك المواثيق التأسيسية لعالم ما بعد الحرب العالمية الثانية؟ أم أن هذا ينطلق فقط على الأوضاع داخل بلدانهم!؟
فالتصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بادين وقادة إدارته (البيت الأبيض ووزارة الخارجية والبنتاغون) والقادة الغربيون، والإعلام بمجمله، كانت كلها مخيبة للآمال، وتنتصر للجلاد على الضحية، في ظل حرب مدمرة تبيد مدن ومخيمات قطاع غزّة، والذي يمكن أن يوصَف بأنه أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، وأكبر مخيم لاجئين، وأكبر معسكر اعتقال، ويعاني فيه نحو مليوني فلسطيني من الخوف والجوع والقتل والمجازر، وهو ما شجعه الضوء الأخضر الأميركي والأوروبي وحتى من بعض الحكومات العربية لإسرائيل على المضي في مشروعها الاستيطاني والتوسعي دون خوف أو حساب.
ماذا تريد إسرائيل في فلسطين …!؟
شنّت إسرائيل هذه الحرب الظالمة، فليس ما يجري مجرّد عملية عسكرية. وهي تعلن جهارًا أنها ترتكب جرائم ضد الإنسانية، وأنها سوف تواصل ذلك بشدّة، وعلى نطاق أوسع. فالتعامل مع الفلسطينيين بوصفهم “حيوانات بشرية” على حد وصف وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، والتهديد بحرمانهم من أبسط حقوق الحياة “الغذاء والماء والدواء” ينم عن عنصرية سافرة، واعتقاد لدى الكيان الإسرائيلي بهذه الأوصاف التي أظهرتها الصدمة والغيظ والتضامن الغربي غير المشروط مع إسرائيل.
إن النزعة العنصرية والاستيطانية الصهيونية التي تبنتها نخبة الحكم المتطرفة في الحض على اقتراف حملة الحسم ضد الشعب الفلسطيني، وهي نابعة من تأويلات وتنظيرات المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس في مقابلته التي أجراها مع صحيفة هآرتس في 11 يناير 2019م وقد عنون الحلقة: “هذا المكان سيغرق”.
وقد رَسم “بيني موريس” في المقابلة صورة متوحشة للفلسطينيين دون أن يجرأ على وصفهم بالشعب أساساً، وهذا ملائم لتبرير الفتك بهم مع لومهم على مصيرهم. وإنه يُدرِك ـ على الأرجح ـ بحسِّ المؤرخ أنّ بقاء شعوب أصلية في بلادها دون إبادتها بالكامل أو تهجيرها جميعاً أدّى إلى إنهاء تجارب احتلال استعماري عرفها العالم من قبلُ، لأنّ محاولة التحكّم المُطلَق في شعب آخر وقهره وإخضاعه لسلطة احتلال عسكري إلى الأبد لم تكن خياراً عقلانياً فيما مضى، فكيف يمكن الإبقاء عليه في الألفية الثالثة!؟
وعلى مثل هذه الرؤية العدوانية، تُواصل حكومات الاحتلال الإسرائيلي سياستها الدافعة إلى التهجير القسري البطيء والهادئ، والذي يقوم على التوسّع الاستيطاني، والتضييق على فرص الفلسطينيين في العيش، ومصادرة أراضيهم، والسيطرة على مواردهم المائية والاقتصادية والإنتاجية، وتكثيف الظروف الطاردة مثل فرض قيود على الإعمار والسكن، وحملات الاعتقال اليومية، والفصل العنصري، وزيادة عدد الحواجز التي تفصل بين المدن والقرى بعضها عن بعض، ويتابع هذا الحال عضو الكنيست الإسرائيلي سموتريتش الذين يقول: يضطر 20 ألف فلسطيني لمغادرة الضفة الغربية سنوياً.
وبلغت الحماسة ببعض الأوساط الصهيونية المصابة بالهوس بأن أصدرت عملة تذكارية يظهر عليها قورش الفارسي وترامب الأمريكي بصفة توحي بالعظمة التاريخية. وإن نُسِب إلى قورش تخليص اليهود من السبي البابلي، فإنّ الذي يريده هؤلاء من سيد البيت الأبيض تحديداً هو أن يحسم نهاية التاريخ بالضربة القاضية التي ستطوي القضية الفلسطينية إلى الأبد، وإن اقتضى ذلك افتعال نكبة جديدة.
وإن النية مُبيتة على مستوى الدوائر الصهيونية وحلفائها الغربيين في طرد العرب من فلسطين كخطوة أولى ثم قيام كيانهم من الفرات إلى النيل. وها نحن نرى أمريكا وبريطانيا تشترك اشتراكاً فعلياً في التخطيط والإسناد لجرائم إسرائيل تحت قوانين تجريم معاداة السامية غاضين بصرهم عن الاعتراف بأن العرب هم من أصل الجنس السامي.
هيكل سليمان المزعوم وأرض الميعاد
إن من أكبر الادعاءات التي اختلقها الصهاينة في فلسطين لإثبات أصلهم التاريخي “القديم” فيها هي “كذبة الهيكل وأرض الميعاد”. ولو بدأنا الحديث من آخره بأن المسجد الأقصى بُني قبل عهد سليمان (عليه السلام) بأزمنة طويلة، فكيف يكون هيكل سليمان “المزعوم” تحت المسجد الأقصى، كما يدعون، وجُلُّ الحفريات التي قام بها الصهاينة تحت الحرم القدسي الشريف منذ احتلالهم للقدس، لم تثبت شيئاً من مزاعمهم في وجود الهيكل، وأنّ علماء الآثار من اليهود وغيرهم، قد كذبوا مزاعم الصهاينة (لا نقصد كل اليهود لمعارضة نسبة منهم لمشروع الكيان الصهيوني أصلاً)، في وجود الهيكل تحت الحرم القدسي.
وحين تشكلت لجنة دولية عام 1930 برعاية عصبة الأمم المتحدة حينذاك، وأجرت كشوفاتها لمدة شهر، واستمعت لعدد كبير من شهود العرب واليهود، كما اطلعت على جميع الوثائق المقدمة إليها من الفريقين، واستمعت إلى مرافعات المحامين، والذين أحضرهم الطرفان ثم كتبت الذي كتب فيها تقريرها: للمسلمين وحدهم تعود ملكية الجدار الغربي، ولهم وحدهم الحق العيني فيه، ولكونه يُؤلف جزءاً لا يتجزأ من مساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك وقف الملك الأفضل ابن أخ صلاح الدين الأيوبي وللمسلمين، وكذلك تعود ملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة، لكونه موقوفاً حسب أحكام الشرع الإسلامي. فهذا التقرير الدولي يشهد بحق المسلمين بحائط البراق التاريخي والديني والقانوني. وأكدت ذلك دائرة المعارف البريطانية بقولها: “ليس من المؤكد أن الهيكل كان في حرم المسجد الأقصى، خاصة وأن تيتوس عندما هدمه عام 70م لم يترك شيئاً قائماً فيها وطمست سائر معالمها، فالبحث عنه إذاً عبث”.
وحين فتح المسلمون فلسطين، أعلن أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ميثاق العُهدة العمرية لتأمين سكان القدس وفلسطين وحمايتهم، ومن ثم أعلن بأن فلسطين بكل أراضيها وحتى المسجد الأقصى وقف للمسلمين إلى الأبد حتى لا تضيع ويطمع الناس بخيراتها وغنائمها، وحتى يأمن سكانها، وتلك العهدة والرسالة الإنسانية للسلام موجودة في كنيسة القيامة في القدس إلى يومنا هذا.
ومن هنا، فعلى القادة الغربيين أن يُحكموا لغة العقل، والمنطق الإنساني، والدليل القانوني في قضية أرض فلسطين، والحق التاريخي للعرب المسلمين فيها، ويحاولوا الإجابة عن أسئلة جوهرية: لمن هذه الأرض؟ ومن هو الطارئ عليها؟ ولماذا ينتصرون لليهود دون الشعب الفلسطيني؟ ولماذا يتعامون عن تهويد المسجد الأقصى وتوسيع المستوطنات وخرق القواعد الإنسانية؟
وإنّ صمود الشعب الفلسطيني ضد محتل غازٍ وكيان مصطنع، هو نضال تحرر، وكفاح مشروع، استمده من إيمانه بالله العزيز الجبار، ومن تعاليم القرآن الكريم الذي يبيّن لهم في آياته المحكمات، بأن الموت في سبيل الله عزّ وجلّ، وردّ المعتدين، والغزاة الظالمين؛ من أعظم القربات التي يَتقرب بها مَن رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبيّاً ورسولاً إلى خالقه العظيم. وهو لا يخشى في ذلك لومة لائم. قال الله تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ [الحج: 40، 41].
وعندما نحاول أن نجيب عن تلك التساؤلات، لا نجد جواباً إلا القول: إن الحضارة الغربية حدث لها اختراق حقيقي من قبل الأجهزة الصهيونية المتخصصة بالقضايا الفكرية، والدعاية الدينية، وحرّفت الكثير من الحقائق التاريخية من قضية “أرض الميعاد” و”هيكل سليمان”، ونجحت بدعم بعض حكومات الغرب في اختراق وتشويه المنظومة الأخلاقية والقانونية الغربية. ولعبت تلك الأفكار دورها في تغييب القيم التي تخاطب الفطرة السليمة. وجعل كثير من القادة الغربيين على اختلاف مواقفهم يسقطون في خندق الاستكبار والظلم على حساب قِيم شعوبهم ومؤسساتهم، وشعاراتهم الإنسانية والحضارية، والتي نادوا بها طويلاً.
أما نحن المسلمون، فلدينا رؤية واضحة، مستمدة من الكتاب السماوي، ومن عقيدتنا وتاريخنا؛ حقيقة داود وسليمان وأنبياء بني إسرائيل، والذين ورثنا في قرآننا الحكيم، نهجهم في السلام والعدل والإصلاح، والدعوة لعبادة الله وعدم الظلم والجور والاعتداء على الآخرين.
ولذلك حين نتحدث بهذا الخطاب بلغة العقل والمنطق، نتمنى أن تستمعوا للحقائق التي ذكرها الله في قصة الإنسانية، وحركة سيل الأنبياء والمرسلين وتعاقب الحضارات. ومن أراد أن يفهم حقيقة الصراع بين الخير والشر والحق والباطل يمكنه مطالعة كتابي الأنبياء الملوك؛ داود وسليمان (عليهم السلام) وهيكل سليمان المزعوم، وهو متوفر في الموقع الرسمي، وفيه إجابات شافية عن كل الأسئلة المحيرة عندكم حول حقيقة فلسطين وتاريخها.
مصير الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين كمصير الاحتلال الفرنسي للجزائر
يجب أن يضع القادة الغربيون، وهم أهل الخبرة والمراس في الاستعمار، في حساباتهم بأن مصير الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الزوال، كما كان الاحتلال البريطاني لدول كثيرة، وعلى رأسها أمريكا، ومصير الاحتلال الفرنسي لدول أخرى، وفي مقدمتها الجزائر.
فكان تمسك الشعب الجزائري بالإسلام، وعقيدته السمحة، وعمل بها وبمبادئه. وردَّ بذلك على سياسة الفرنسة والتنصير والتمسيح التي طبقتها فرنسا الاستعمارية على مدى قرنٍ وثلث القرن في إطار الحرب الصليبية التي شنتها على الشعب الجزائري منذ عام 1830م إلى مطلع عام 1954م تاريخ اندلاع ثورة أول نوفمبر المباركة، وعملت بكل وسائلها وإمكاناتها المادية والعسكرية والأمنية والثقافية من أجل طمس هوية وثقافة المجتمع الجزائري العربية والإسلامية وتحويل الجزائر إلى أرضٍ فرنسية، ولكن بدون جدوى على أي حال، لأن الشعب الجزائري شعب مؤمن، وشديد التمسك بعقيدته الإسلامية، وقرآنه ولغته العربية أباً عن جد، وبفضل ذلك الإيمان الراسخ والمقاومة العنيدة، صمد كالجبال الراسيات، ووقف وقفة العمالقة، وأفشل كل محاولات فرنسا الإجرامية من أجل اختراقه، وفصله عن دينه ولغته وانتمائه الحضاري لأمته.
وانتهت ثورة التحرير الجزائرية بإعلان الاستقلال عن فرنسا في الخامس من يوليو 1962م بعد عقود من الكفاح المسلح الذي استشهد فيه أكثر من مليون جزائري (رحمهم الله)، وتحرروا من أعتى قوى الاستعمار آنذاك، بالرغم من أن أكبر القوى العالمية آنذاك “الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفياتي” كانت مساندة للفرنسيين في استعمارهم للجزائر، وحربهم ضد الشعب الجزائري. وهو الحال ذاته في قضية فلسطين، فشعبها حرّ ومناضل وصاحب حق، وثابت على حقه، وسينال ما نالته الشعوب التي استقلت وتحرّرتْ (إن شاء الله).
نصيحة أن يقرأ القادة الأمريكيون والأوروبيون التاريخ الأمريكي ومواقف الآباء المؤسسين
اقرأوا ما كتبه قائد النضال والتحرير ضد الإنجليز المؤسس الأول للولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطن حين يقول: “عندما تتأصل جذور الحرية تصبح سريعة النمو”.
وتحدث كتاب “مقابلة مع جورج واشنطن” عن الكيفية التي انجذب بها واشنطن إلى النضال من أجل استقلال بلاده، وهو كتاب ينقل القرّاء في جولة تطل على الرؤية الثورية لواشنطن، فهو بطل الحرب المحتفى به الذي حاز لقب “أبو البلاد”؛ حيث يستلهم القرّاء في هذه الرحلة معنى البطولة الذي جعل من أمريكا ذلك المكان الأفضل بعد تخلصها من الاستعمار الإنجليزي.
الظلم والاستكبار مُهلك للحضارات والإمبراطوريات
إن النصيحة في شريعة الإسلام لها قيمة عُليا، وواجبة على المسلم للمسلم وغير المسلم، فالعالم يركب في مركبٍ واحدٍ، وما يحدث في أي مكان من هذا العالم يَنعكس سلباً وإيجاباً على أيّ مكان فيه.
فالأمة الإسلامية، تواجه في هذا الزمان، عدواناً وإرهاباً في مثل الحال التي كان عليها عيسى (عليه السلام) حين كان يتعرض لعدوان الرومان معاً فالرومان اضطهدوا المسيح (عليه السلام)..
وكانت روما ترى نفسها رمز القيم الحضارية، والقوة العظمى في العالم، ووريثة الحضارة اليونانية آنذاك، ولها مجلس شيوخ، وديمقراطية بمفهوم ذلك الزمان، وكان الفرد الروماني حراً في عقيدته وسلوكه الشخصي، وهذا ما يجعلها خيراً من الإمبراطوريات المستبدة في مناطق أخرى حينها. ولكن التاريخ الإنساني لا يَذكر تلك الدولة بخير بسبب الجريمة البشعة التي تلطخت بها، وهي اضطهاد المسيحيين، وقد فقدت تلك القوة العظمى كل ميزة قيمة، حين استضعفت طائفة مؤمنة بالله، والذي له القوة المطلقة، والعزة المطلقة، والعدل المطلق، وهو شديد العقاب يملي للظالم، ولكنه ينتقم منه يوماً.
وهكذا سلّط سبحانه وتعالى على إمبراطورية روما، الشعوب الشمالية “الجرمان”، واجتاحوها، وأحرقوا معالمها الحضارية، وحطم الجرمان كبرياءها في أواخر القرن الخامس الميلادي، وبعد ذلك بقرنين أورث الله الأرض المقدسة التي عاش فيها المسيح (عليه السلام) لأتباع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهنا انتصر المسيح انتصاراً كبيراً، فهذه الأمة الإسلامية التي فتحت الكثير من مناطق العالم وحررته من الاضطهاد والاستبداد، وملأته رحمة وعدلاً، أظهرت للناس عظمة المسيح (عليه السلام) وصدق رسالته، وفضل الحواريين، ومن اتبعهم كما جاء مُفصلاً في القرآن الكريم، واعتبرت نفسها حلقة أخيرة في نفس السلسلة الطويلة من أتباع الأنبياء ابتداءً من خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام)، ومروراً بموسى وعيسى (عليهما السلام)، وأظهرت للعالم كله أن أعداء المسيح (عليه السلام) كانوا أعداء الحرية والقيم الإنسانية، ومن كذب المسيح، وحرض عليه (الرومان) أو من انتسب إليه زوراً وحرف رسالته مثل بولس وأتباعه.
وأسفي أن تكون دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا، وبعض دول الغرب، وهي البلدان التي أسسها المهاجرون والهاربون من الظلم والاضطهاد، قد أحلوا أنفسهم محل الجبابرة الذين اضطَهدوا وعَذبوا واستكبروا. وهو ما ينذر بالعاقبة الوخيمة وعقاب الله عاجلاً أو آجلاً في إهلاك تلك القوى التي ناصرت الظلم، قال تعالى: ﴿أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ﴾ [غافر: 21].
ولا شك بأن قضاء الله وقدره وسنته ماضية في الأمم والشعوب والحضارات، ولعل زوال الظلم والاستكبار يعقبه تمكين رباني لعباد الله وهزيمة نكراء للمستكبرين والطغاة والظالمين، فالسر الإلهي هذا يُذكرنا بما حدث لفرعون (المتجبر) على أيدي بني إسرائيل (المستضعفين)، قال تعالى: ﴿طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ [القصص: 1 – 6].
وقد حدَّثنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن حضارة قوم عاد، والذين بطشوا وتجبروا واستكبروا في هذه الأرض، وقالوا لنبيهم هوداً (عليه السلام): ﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ﴾ [فصلت: 15 – 16].
فهذه القصة فيها دروس وعبر للحضارات والممالك والحكومات التي تقوم على الاستكبار والظلم والبطش والغطرسة، ولا تأبه لحقوق الإنسان، ولا حياة النساء والأطفال والشيوخ العزل، ولسان حالهم بأدواتهم التدميرية: من أشد منا قوة، فهؤلاء تمضي فيهم سنة الله، وآجالها وأوقاتها عند الخالق العظيم، وتدخل في سنة تداول الحضارات وتبدلها في قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: 140].
أمة الإسلام شِعارها السلام ورفض الظلم وردّ المعتدين
المسلمون أمة عدلٍ وسلامٍ وخيرٍ، وفي الوقت نفسه تأبى عليهم أخلاقهم الشماتة بمنكوب، ويتأملون في كل موقف أن تراجع الدوائر الغربية وقادتها وعلى رأسهم أمريكا سياستها، ويكونوا أقرب إلى العدل، وبعض قادتهم لهم سوابق في ذلك، وتبين كيف أن كان أهل الإسلام يبادلون الخطوة الغربية بخطوات:
حين أعلن الرئيس الأمريكي ويلسون نقاطة الأربعة عشر في نهاية الحرب العالمية الأولى، وأهمها: “حق الشعوب في تقرير مصيرها”، ترجمته الأمة الإسلامية على أنه موقف عادل تجاه الاستعمار الأوروبي الذي كان جاثماً على صدور شعوبها، نعم فرح المسلمون بصوت من الأمم الغربية، ومن قوة صاعدة وبارزة رافضة ظلم المستضعفين، والتمييز بين الشعوب، ومحاولات اضطهادهم.
ولكن الثقة بأمريكا ومشروعها الحقوقي، سرعان ما اهتزت، ثم انحدرت إلى الحضيض بسبب تصرفات أمريكا نفسها التي كانت تأتي في صورة براهين تُبعد حسن الظن. ولعل أول تلك البراهين، هو ما قدمه الرئيس نيكسون ووزيره كيسنجر في حرب أكتوبر 1973م وما تلاها من دعم للاحتلال في فلسطين، ومن ثم جاء جورج بوش الأب والابن، فجعلوا من ازدواجية المعايير مشاهدة لكل عني ملموسة لكل يد، فقد انتهكوا أفغانستان والعراق ودمروا وقتلوا وشردوا.
وبالرغم من كل ما حدث في فلسطين بعد تدنيس المسجد الأقصى عشرات المرات على يد كبار العتاة والمجرمين، واستمرار التحالف الأمريكي الإستراتيجي مع الكيان زاد التأكيد على انحراف الموقف الأمريكي والغربي عن بوصلة القيم. ولا ينسى قادة الغرب اليوم ما حدث من مأساة الحرب الأمريكية في فيتنام وأفغانستان والعراق، والتي استبسل شعوبها في الدفاع عن أرضهم، ودفع عدوهم. ولن يكون العرب والمسلمون في فلسطين أقل شجاعة وتضحية من الشعب الأفغاني والفيتنامي والكوري.
رسم المسلمون في الغرب، وخاصة في أمريكا وبريطانيا أروع الصورة الأخلاقية في الامتثال للقوانين والمشاركة الحرة في الانتخابات، وممارسة الديمقراطية، والمنافسة النزيهة، والتعايش مع الثقافات، والدعوة إلى الخير، وهو ما عليهم أن يفكروا به طويلاً، ولدى المسلمين قناعة بأن للشعوب الغربية جملة من صفات الخير، وفي مقدمتهم الشعب الأمريكي، فهو شعب يُؤمن غالبيته بوجود الله، وهو ينفق على الأعمال الخيرية ما لا ينفقه شعب في العالم. وهو من أكثر شعوب العالم قبولاً للإسلام وأسرعها اعتناقاً له، فضلاً عن انتشار الإسلام وقبوله في أوروبا الغربية بشكل مثير للدهشة. والحمد لله هناك يقظة لدى الشعوب تلك أكثر من حكامها إذا ما قارناها بالعقود السابقة، فهؤلاء بفطرتهم السلمية عليهم التخلص من الإعلان الكاذب وتشويه الحقائق من قبل لوبيات الإعلام والسياسة، وتبني القيم المتعلقة بحقوق الإنسان، والانتصار لهم في أي مكان بالعالم.
خلاصة القول.. إلى القيادة الأمريكية وحُلفائها وشعوبها
أنصحكم وأخوفكم بالله أن تقفوا وتكفوا عن العدوان، وأن تتعاملوا مع هذه القضية الإنسانية والأخلاقية العظيمة، بعدل ورحمة وضمير، فالبشر كما يُقرر القرآن، هم إخوة وأبناء أب واحد وأم واحدة: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾
والإنسان خليفة الله في أرضه، وهو أكرم مخلوقاته، وكل العوالم خُلقت، وسُخرت بإرادة الله لتكون في خدمة الإنسان، والعدالة الإسلامية، ترفض أي تمييز للناس على أساس اللون أو الجنس أو المكان، ولم يقل أحد من المسلمين ما قاله “فيلسوف الأنوار!” في فرنسا مونتسكيو عن العرق الأسود (الأفارقة): “بأن الله أحكم من أن يضع روحاً في جسد أسود”.
بل إني أخشى من أن يقود هذا الظلم إلى ترسيخ الكراهية بين الشعوب وتقويض السلم الاجتماعي والسلام العالمي، وإلى ردود فعل غير منضبطة من الحكومات والشعوب.
نحن أمة يأمرها دينها بالسلام القائم على العدل، ونسعى للعيش والتعايش المشترك، ولنا حضارة عريقة في التأسيس للمفهوم الإنساني، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، والعفو والصفح والإحسان، والسلام والتعايش السلمي مع الآخرين، وما نحتاجه أن يتحلى القادة الغربيون بهذه الصفات، ويعودوا لتعاليم دينهم وقيمهم الحضارية، وأن لا يشاركوا المحتلين في الفوضى والتدمير والعدوان على الاطفال والنساء والمدنيين، ويكونوا دعاة خير وسلام في فلسطين ومناطق أخرى من العالم.