بينما يتجاهل نظام الأسد وفاة رائد الفضاء “محمد فارس” تتقدم أمريكا وألمانيا بالتعازي لعائلته وأصدقائه
تجاهل نظام الأسد وفاة رائد الفضاء “محمد فارس” بشكل تام، رغم حالة التفاعل التي أحدثتها وفاته، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال نشر النعوات والصور واستعادة موقفه السياسي المعارض للنظام، أو على الأرض عبر إقامة مجالس العزاء وصلاة الغائب، أمس الاثنين 22 نيسان/ أبريل، خارج سوريا، وفي الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام.
ومنذ وفاة محمد فارس، مساء الجمعة 20 من نيسان/ أبريل، لم تنشر وسائل الإعلام السورية الرسمية والمقرّبة أي خبر حول الموضوع.
وإذا كان تجاهل النظام شديد الوضوح مقارنة بحجم التفاعل على الضفة الأخرى، لكنه في الوقت نفسه ليس جديدًا، فبمجرد البحث عن رائد الفضاء السوري عبر المواقع الإلكترونية لوسائل الإعلام السورية الرسمية، لا تظهر أي نتائج تتعلق “بمحمد فارس”، رغم تغطية أخبار ومعلومات حول رواد الفضاء بشكل عام، ورواد الفضاء الأجانب أيضًا.
وإمعانًا في التجاهل والإقصاء القائم على الموقف السياسي، اتجه النظام السوري، منذ انشقاق “محمد فارس” في آب 2012، لشطب قصته أو أي تطرق لتجربته من المنهاج التعليمي في سوريا، بما يشكل مساسًا بالهوية الثقافية، ومحاولة لطمس أحد رموزها.
وفي الوقت الذي غيّب به النظام خبر وفاة أول رائد فضاء سوري، وثاني عربي، قدّمت الولايات المتحدة، عبر سفارتها في سوريا، تعازيها لعائلة وأصدقاء محمد فارس.
وقالت السفارة عبر “إكس“، مساء الاثنين 22 من نيسان، إن محمد فارس قدّم نموذجًا لتفانيه في التميز، ودعا أيضًا إلى حرية الشعب السوري، واعتبرت رحيله خسارة للسوريين والعالم أجمع.
وكما قدمت ألمانيا التعازي للشعب السوري بوفاة اللواء محمد فارس، حيث صرح المبعوث الألماني الخاص إلى سوريا، ستيفان شنيك، عبر “إكس” التعازي بوفاة محمد فارس، وقال، “نشارككم الحداد على فقدان محمد فارس، الرائد والمدافع القوي عن الحرية والديمقراطية”.
وأضاف شنيك أن إسهامات محمد فارس العلمية ودعمه الشجاع للانتفاضة السورية السلمية بصمة لا تمحى في قلوب الكثيرين، وأن إرثه سيستمر في إلهام الأجيال القادمة بجميع أنحاء سوريا والعالم العربي.
في السياق نفسه، وجّه سلطان بن سلمان، أول رائد فضاء عربي، وأول رائد فضاء مسلم، التعازي لعائلة اللواء محمد فارس، معتبرًا أن العالم العربي افتقد بوفاته أحد رجالاته المخلصين الذين رفعوا اسم العرب عاليًا في المحافل الدولية، وأن محمد فارس نال سمعة طيبة على المستوى الدولي من خلال إسهاماته العلمية في قطاع الفضاء، وفق ما نقلته مواقع سعودية.
التفاعل مع الجنازة الذي يطبقه النظام يمتد إلى تجاهل أو تعاطٍ خجول مع جنازات تخرج من المؤسسة العسكرية القريبة من الحكم أو المساهمة في ترسيخه، فالتقدير بعد الموت على قدر الولاء والخضوع في الحياة، وفق فهم النظام، كما أن جنازات لشخصيات عامة، ثقافية أو فنية، اتخذ النظام فيها مواقف من هذا النوع.
ويوجد فارق جوهري يتجسد في تعاطٍ شعبي أوسع مع الجنازات التي تهملها السلطة، وبدا ذلك حين توفي المخرج السوري حاتم علي، في 29 من كانون الأول 2020، في القاهرة، مغيرًا بخبر وفاته أعراف التفاعل السريع مع الأحداث عبر وسائل التواصل الاجتماعي “التريند”.
وبعد نعيه من فنانين وقريبين من الوسط الفني عربيًا، نشرت “نقابة الفنانين السوريين” خبر وفاة مقتضبًا ومرتبكًا وحياديًا قالت فيه، “رحيل المخرج السوري حاتم علي. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
النظام السوري تجاهل جنازة حاتم علي، كما تجاهل جنازة الشاعر السوري نزار قباني، لعدم رضاه عن مواقف الرجلين سياسيًا، بينما كان العالم العربي يتفاعل بعمق مع خسارة أسماء حفرت حضورها في الذاكرة العربية، ليمنح هذا التجاهل الشارع مساحة أكبر في التعبير عن موقفه من صاحب الجنازة، وهو ما بدا بوضوح في الحالتين السابقتين، وفي وفاة رائد الفضاء السوري محمد فارس.