بعد ضعف إيران… صحيفة بريطانية: “بشار” يعتمد على روسيا والدول العربية لبقائه على كرسي الحكم
أفادت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أن رأس النظام “بشار” لايزال يجلس على كرسي الحكم متماسكاً بينما تحترق سوريا، ويرى فرصة في عملية إعادة التوازن الإقليمية الكبرى الجارية حالياً، ومن وجهة نظره فإن ضعف إيران وحزب الله قد يسمح له بالاعتماد بشكل أكبر على روسيا والتقرب من الخليج والدول العربية الأخرى.
وتابعت الصحيفة في تقرير لها أنه في حين يركز العالم على الحروب في غزة ولبنان، لا يولي أحد اهتماماً كبيراً للمأساة المتفاقمة التي تعيشها سوريا المجاورة، وعلى الرغم من كل هذا، تمر سوريا بنوبات من العنف التي تنذر بالسوء.
وكما لفتت الصحيفة إلى أن ما يجري في سوريا حيث تنفذ اسرائيل في كل ركن من البلاد غارات شبه يومية ضد مواقع القيادة للجيش الإيراني وقوات نظام الأسد بما في ذلك في دمشق، ناهيك عن التوغل والتقدم على سيادة سوريا.
وسبق أن دمرت منشأة إنتاج علمية وعسكرية رئيسية تديرها إيران وسوريا وحزب الله بشكل مشترك في قلب المنطقة العلوية، في سبتمبر/ أيلول، حيث هاجمت الميليشيات السورية المدعومة من إيران مواقع أميركية في الشرق، مما دفع الولايات المتحدة إلى شن عمليات انتقامية واسعة النطاق.
هذا وقد كثفت تركيا قصفها على مواقع ميليشيا “قسد” في الشمال الشرقي بعد هجوم على شركة دفاع مملوكة للدولة في أنقرة الشهر الماضي ويقصف جيش نظام الأسد وحليفه الروسي مناطق قوات المعارضة في إدلب، “ربما قبل حملة برية جديدة”، ويكثف تنظيم الدولة “داعش” نشاطه في الصحراء الشرقية.
وأشار التقرير إلى أن رأس النظام “بشار” يراقب كل هذا بخوف شديد، فهو مدين باستمرار قبضته على السلطة لتورط إيران وحزب الله خلال الحرب السورية، ولأنه ضعيف ويسهل معاقبته، فإنه يتصرف بدافع الحفاظ على الذات.
ومضى التقرير أن نظام الأسد وافق على استخدام جنوب سوريا لإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل من قبل الميليشيات المدعومة من إيران، لكن جيشه ليس في حالة تسمح له بالانضمام إلى القتال وأجهزته الأمنية مخترقة من قبل الاستخبارات الإسرائيلية، وهو يخاطر بهجوم إسرائيلي أكبر، وهو الهجوم الذي قد يقطع رأس نظامه، ولهذا السبب كان بشار صامتًا بشكل واضح بشأن غزة، حتى عندما ينتقد إسرائيل.
وأوضح التقرير أن بشار يرى الآن فرصة سانحة في إعادة ضبط التوازن الإقليمي الجاري حالياً، فقد شعر بالقيود والإذلال بسبب اعتماده على حزب الله وإيران، وكان بشار ينظر ذات يوم إلى حسن نصر الله الراحل باعتباره مرشداً له، وحزب الله باعتباره مصدراً للشرعية الإقليمية، وفي نظر بشار، فإن ضعف إيران وحزب الله قد يسمح له بالاعتماد بشكل أكبر على روسيا ومغازلة الخليج والدول العربية الأخرى.
ورأى بشار أن في سعيه للحصول على التمويل والاحترام السياسي، أن موسكو في وضع جيد لمواجهة النفوذ الغربي، وتسهيل التقارب مع تركيا وتسريع إعادة المشاركة العربية، ولهذا السبب كان مبتهجا أثناء حضوره مؤتمر الرياض للترويج للدولة الفلسطينية الأسبوع الماضي. وقد استمتع بشكل خاص بالاجتماع مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أنهى استبعاده من جامعة الدول العربية في عام 2023.
وأوضح التقرير أن محاولات إعادة تأهيل الأسد تكتسب زخماً متزايداً. وتحرص العديد من الدول الأوروبية ــ بما في ذلك إيطاليا والمجر واليونان ــ على التخلي عن سياسة العزلة الحالية، وتريد هذه الدول إعادة اللاجئين السوريين إلى البلاد على الرغم من عدم رغبة النظام في السعي إلى المصالحة الحقيقية، وتأمل هذه الدول أن يوافق بشار في مقابل الدعم المالي والغطاء السياسي على السماح بعودة أعداد كبيرة من اللاجئين الذين يعيشون ليس فقط في أوروبا بل وأيضاً في الأردن ولبنان وتركيا.
ولكن هذه التوقعات غير مبررة، فبالنسبة لبشار، تشكل المفاوضات بشأن الأمن واللاجئين والمخدرات وسيلة لتوريط الحكومات الأجنبية في عمليات مطولة يدفع فيها الطرف الآخر ويتنازل، في حين يتحدث هو ولا يتنازل عن أي شيء، ويأمل بشار أن تسحب إدارة ترامب القادمة قواتها من سوريا وترفع العقوبات الصارمة دون أن تلزمها بالانخراط في عملية سياسية.
وفي ختام التقرير تمت الإشارة إلى أن بشار لطالما كان ينظر دائماً إلى تقديم التنازلات باعتباره علامة ضعف، ومن الأفضل له أن يظل ثابتاً على موقفه وينتظر حتى يتغير المناخ، ولم يكن يتوقع تحولاً كبيراً مثل التحول الذي يتشكل الآن. وربما يتمكن من تحقيق هدفه، وإلا فقد يخسر كل شيء.