“الشبكة السورية” توثق اعتقال 206 حالات بينهم 9 أطفال و17 سيدة خلال شهر أيلول المنصرم
قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء 2 تشرين الأول/ أكتوبر، إنَّ ما لا يقل عن 206 حالة احتجاز تعسفي بينهم 9 أطفال، و17 سيدة، قد تمَّ توثيقها خلال شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، وأشارت إلى أنَّ نظام الأسد اعتقل 9 أشخاص من المعادين قسرياً من لبنان.
حيث أوضح التَّقرير أنَّ استمرار عمليات الاعتقال التعسفي سبب ارتفاعاً في حالات اختفاء أعداد هائلة من المواطنين السوريين والذي أصبح بمثابة ظاهرة، لتكون سوريا من بين البلدان الأسوأ على مستوى العالم في إخفاء مواطنيها.
وأكد التقرير أن نظام الأسد يتفوق على كثير من الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية بأنَّه صاحب سلطة مطلقة على السلطتين التشريعية والقضائية، مما مكَّنه من إصدار ترسانة من القوانين والمراسيم التي تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان كما تنتهك مبادئ القانون ومحددات الاعتقال والتحقيق في التشريعات المحلية ودستور عام 2012 الحالي.
وتابع التقرير أنَّ نظام الأسد شرعن جريمة التعذيب فعلى الرغم من أنَّ الدستور السوري الحالي، يحظر الاعتقال التعسفي والتعذيب بحسب المادة 53، كما أنَّ قانون العقوبات العام وفقاً للمادة 391 ينصُّ على الحبس من ثلاثة أشهر حتى ثلاث سنوات على كل من استخدم الشدة في أثناء التحقيق في الجرائم، ويُحظر التعذيب في أثناء التحقيق وفقاً للمادة 391، لكن هناك نصوص قانونية تعارض بشكل صريح المواد الدستورية الماضية، والمادة 391، وتُشرعن الإفلات من العقاب، بما فيها القانون رقم /16/ لعام 2022 لتجريم التعذيب.
وقد سجَّل التقرير في أيلول ما لا يقل عن 206 حالة اعتقال تعسفي، بينها 9 أطفال و17 سيدة، وقد تحوَّل 158 منها إلى حالات اختفاء قسري، كانت 128 منها على يد قوات النظام، بينهم 4 أطفال و16 سيدة، و38 منهم على يد جميع فصائل المعارضة، بينهم 2 طفل و1 سيدة، بالإضافة إلى 21 على يد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، بينهم 3 أطفال، و19 على يد هيئة تحرير الشام.
واستعرض التَّقرير توزُّع حالات الاعتقال التعسفي في أيلول حسب المحافظات، وأظهر تحليل البيانات أنَّ الحصيلة الأعلى للاعتقال كانت من نصيب محافظة حلب، تليها دمشق تليها محافظة ريف دمشق، تليها محافظتي حماة وإدلب، ثم حمص، ثم درعا، ثم دير الزور.
واستعرض مقارنة بين حصيلة حالات الاحتجاز التعسفي وحالات الإفراج من مراكز الاحتجاز لدى أطراف النزاع في أيلول، وقال إنَّ حالات الاحتجاز التعسفي تفوق حالات الإفراج من مراكز الاحتجاز، إذ لا تتجاوز نسبة عمليات الإفراج 30% وسطياً من عمليات الاحتجاز المسجلة.
ولقد تفوق عمليات الاحتجاز بما لا يقل عن مرة أو مرتين عمليات الإفراج وبشكل أساسي لدى نظام الأسد، مما يؤكد أنَّ عمليات الاعتقال والاحتجاز هي نهج مكرَّس وأنَّ عمليات الإفراج محدودة، لدى جميع أطراف النزاع، وبشكل رئيس في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام.
ولفت التقرير إلى رصد عمليات اعتقال استهدفت اللاجئين العائدين من لبنان هرباً من الغارات الجوية الإسرائيلية المتصاعدة التي استهدفت لبنان منذ 23/ أيلول، وجرت عمليات الاعتقال عند المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا الرسمية والغير رسمية، واقتيد معظمهم إلى مراكز الاحتجاز الأمنية والعسكرية في محافظتي حمص ودمشق، وقد وثَّقت الشَّبكة السورية لحقوق الانسان اعتقال ما لا يقل عن 9 أشخاص من اللاجئين معظمهم من أبناء محافظة ريف دمشق، وعلى خلفية التجنيد الإلزامي والاحتياطي.
ذكر التقرير أنَّ عمليات اعتقال قامت بها عناصر قوات نظام الأسد استهدفت عدداً من النشطاء في مدينة اللاذقية، وذلك على خلفية انتقادهم لسياسات نظام الأسد الأمنية والاقتصادية، وتم اقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز التابعة لها في مدينة اللاذقية.
وبالإضافة إلى أن الشبكة سجَّلت عمليات اعتقال استهدفت عدداً من المدنيين لم تستثنِ النساء والأطفال منهم أثناء محاولتهم العودة من المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام إلى أماكن إقامتهم الأصلية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، وتركزت هذه الاعتقالات عند نقاط التفتيش على مداخل مدينة دمشق، ثم سجلنا الإفراج عن معظمهم بعد عدة أيام من احتجازهم داخل الأفرع الأمنية في مدينة دمشق.
وسجل التقرير عمليات اعتقال موسَّعة قامت بها عناصر قوات النظام، استهدفت مدنيين في محافظات ريف دمشق ودمشق وحماة وحلب، بذريعة التخلُّف عن الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياطية، وحصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، وعلى نقاط التفتيش، ومن بينهم أشخاص أجروا تسويةً لأوضاعهم الأمنية في المناطق التي سبق لها أن وقَّعت اتفاقات تسوية مع النظام، ومعظم هذه الاعتقالات جرت بهدف الابتزاز المادي لأسر المعتقلين من قبل الأفرع الأمنية.
وتابع التقرير أنَّ النظام يستمر بانتهاك قرار محكمة العدل الدولية الصادر في تشرين الثاني/ 2023، بشأن طلب تحديد التدابير المؤقتة الذي قدمته كندا وهولندا في القضية المتعلقة بتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من المعاملات، أو العقوبات القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة من خلال قيامه بعمليات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري.
ومن جهةٍ أخرى سجَّل التقرير استمرار قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في سياسة الاحتجاز التَّعسفي والإخفاء القسري، عبر حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت بها مدنيين؛ بذريعة محاربة خلايا تنظيم الدولة “داعش”، بعض هذه الحملات جرت بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي.
ورصد التقرير عمليات اعتقال استهدفت مدنيين بتهمة التعامل مع الجيش الوطني، كما سجلنا عمليات اعتقال استهدفت عدداً من المدنيين بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها، وتركزت هذه الاعتقالات في المناطق الخاضعة لسيطرتها في محافظة حلب، بالإضافة إلى استمرار قوات سوريا الديمقراطية “قسد” باختطاف أطفال بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التدريب والتجنيد التابعة لها وتجنيدهم قسرياً، ومنعت عائلاتهم من التواصل معهم، ولم تصرح عن مصيرهم.
وطبقاً للتقرير فقد شهدَ أيلول عمليات احتجاز قامت بها هيئة تحرير الشام بحقِّ مدنيين، تركَّزت في محافظة إدلب وبعض المناطق في ريف محافظة حلب الواقعة تحت سيطرتها وشملت نشطاء إعلاميين وسياسيين ووجهاء محليين، وكان معظمها على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، تمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام وتكسير أبواب المنازل وخلعها، أو عمليات خطف من الطرقات، أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة.
وسجلت الشبكة عمليات اعتقال حصل معظمها ضمن أطر حملات دهم واعتقال جماعية، أو على نقاط تفتيش تابعة لها في محافظة إدلب، استهدفت أشخاصاً على خلفية مشاركتهم في المظاهرات المناهضة للهيئة، وتركزت معظم هذه الاعتقالات في مدينة إدلب، كما سجلنا عمليات اعتقال استهدفت أشخاصاً على خلفية انتمائهم لحزب التحرير الإسلامي المناهض للهيئة، وتركزت هذه الاعتقالات في محافظة إدلب.
وقد قامت جميع فصائل المعارضة في الجيش الوطني السوري بعمليات اعتقال تعسفي وخطف لم تستثنِ النساء منهم، معظمها حدثت بشكل جماعي، استهدفت قادمين من مناطق سيطرة نظام الأسد، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وكما رصد التقرير حالات اعتقال جرت على خلفية عرقية، وتركَّزت في مناطق سيطرتها في محافظة حلب، وحدث معظمها دون وجود إذن قضائي، ودون مشاركة جهاز الشرطة، وهو الجهة الإدارية المخوَّلة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، ومن دون توجيه تهمٍ واضحة.
وسجل عمليات اعتقال شنَّتها عناصر في الجيش الوطني، استهدفت مدنيين بذريعة التعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، وتركزت هذه الاعتقالات في عدد من القرى التابعة لمدينة عفرين في محافظة حلب، وسجلنا عمليات اعتقال قامت بها عناصر الجيش الوطني، استهدفت عدداً من الأشخاص النازحين بعد عودتهم إلى منازلهم في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الجيش الوطني، وتركزت هذه الاعتقالات في مدينة عفرين.
وسجل عمليات اعتقال قامت بها عناصر فرقة السلطان سليمان شاه التابعة للجيش الوطني، استهدفت عدداً من المدنيين على خلفية رفضهم دفع المبلغ المالي (أتاوة) الذي فرضته عليهم عناصر فرقة السلطان سليمان شاه على أشجار الزيتون التي يملكونها، وتركزت هذه الاعتقالات في قرية كاخرة التابعة لمدينة عفرين شمال محافظة حلب.
وعلى صعيد الإفراجات، سجَّل التقرير إفراج نظام الأسد عن 23 شخصاً، بينهم 4 أطفال و14 سيدة، حالة واحدة منها كانت مرتبطة بقانون العفو 7/2022 الصادر عن النظام، كما سجَّل إخلاء النظام سبيل 3 أشخاص، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات نظام الأسد في محافظة دمشق، وذلك بعد انتهاء حكمهم التعسفي، ولم يرتبط الإفراج عنهم بمراسيم العفو الصادرة خلال السنوات الماضية، وكانوا قد قضوا قرابة عامين في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السوري، وكذلك 19 شخصاً بينهم 4 أطفالٍ و14 سيدة، بعد مضي أيام قليلة على اعتقالهم، وذلك من دون أن يخضعوا لمحاكمات، وكان معظمهم من أبناء محافظات ريف دمشق وحلب ودرعا، أمضى معظم المفرج عنهم مدة احتجازهم ضمن الأفرع الأمنية.
وحسب للتقرير فقد أفرجت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” عن قرابة 29 شخصاً من مراكز الاحتجاز التابعة لها، حيث أفرجت عن 26 شخصاً، ضمن قانون العفو رقم /10/ لعام 2024، والذي أصدرته قوات سوريا الديمقراطية قسد في 17/ تموز/ 2024، والذي يمنح العفو العام عن الجرائم المرتكبة من قبل السوريين قبل تاريخ 17/ تموز/ 2024، وقد تراوحت مدة احتجازهم ما بين ثلاثة أشهر حتى عام واحد، وكان معظمهم من أبناء محافظتي دير الزور والحسكة.
وأفرجت هيئة تحرير الشام عن 7 أشخاص، من مراكز الاحتجاز التابعة لها في محافظة إدلب، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة حتى ثلاثة أشهر، دون توجيه تهم واضحة لهم.
وأفرجت فصائل المعارضة في الجيش الوطني السوري عن 24 شخصاً، بينهم 1 طفل، من مراكز الاحتجاز التابعة لها، تراوحت مدة احتجازهم ما بين أيام عدة حتى عدة أشهر، دون توجيه تهم واضحة لهم أو إخضاعهم لمحاكمات، وتم الإفراج عن معظمهم بعد تعريض ذويهم لعمليات ابتزاز مادية مقابل الإفراج عنهم.