الباحث عبد الله الأسعد يكتب في “داماس بوست”: “الإرهـــــــاب صنـــــاعة الاستعمار”

بعد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 وتقَسيم وزيري خارجية فرنسا وبريطانيا الوطن العربي الى دويلات صغيرة ، التي كانت تسيطر عليه الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الاولى، لم يرق للغرب الاستعماري حتى أن يرى هذه الدول مستقرة وتأكل من خيراتها فسارع الى استعمارها، وسعى إلى خلق الاضطرابات الدائمة فيها، ومن خلال أذرعها عملت على تقسيم البلاد العربية إلى طوائف متناحرة من خلال استبدال معتقدات الشعوب العربية إلى عناوين إرهابية مختلفة، كالدواعش، وفيلق القدس و حزب الله والزينبيون والفاطميون والحشد الشيعي، وقسد و PKK، فقامت بتصنيع الإرهاب على أن تكون هذه الأحزاب الإرهابية مختلفة الانتماءات.
قامت الدول الغربية الاستعمارية بتنصيب نفسها المُشرع الأول في هذا العالم لتصنيف ألوان الإرهاب، فهي من تطلق تهمة الإرهاب على من تشاء ممن يعارضون مخططاتها البراغماتية في العالم وتعطي شهادات براءة للإرهابيين للذين يخدمون مصالحها في خلق بؤر التوتر لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، ولا يتحرك إرهابي واحد دون معرفتهم، فهم من يصنعون الارهاب وبحجته تقهر الشعوب وتضطهدها وتستنزف خيراتها.
لقد عملت الدول الاستعمارية على توزيع أدوار استغلال الشعوب بين بعضها، وشكلت تحالفات دولية بأسماء مختلفة، منها التحالف الدولي والائتلاف الدولي تارة ضد العراق وتارة ضد ليبيا من أجل نصب قواعد عسكرية لها في الوطن العربي، وكما هو في القواعد العسكرية الممتدة من الأنبار شرقًا الى الشمال السوري غرباً والتي تضم الفرنسيين والأمريكان والبريطانيين والايطاليين للسيطرة على منابع النفط وحرمان الشعوب منها.
إن صناعة الإرهاب ليس بالأمر السهل فلابد من أذرع وعملاء في كل منطقة، ليتم تحريكهم من أجل متابعة صناعة الموت الذي تمسك بخيوطه الدول الاستعمارية في أقبية صناعة القرار، وبعد أن أرست الدول الاستعمارية، تثبيت دعائم الحكم الخميني في إيران، من أجل خلق بؤرة مستعرة على الدوام في الشرق الأوسط للوصول إلى فرض هيمنة جديدة على دول المنطقة.
بعد أن قامت الثورة السورية كانت الفرصة ملائمة للدول الغربية التي استعمرت الوطن العربي سابقًا بالعودة من خلال خلق شماعة جديدة تتيح لها العودة للمنطقة العربية من خلال خلق تنظيمات ارهابية، وخاصة أمريكا التي أصبحت على ترأس التحالف لتعود ثانية بعد أن خرجت من العراق بأربعة الاف قتيل وعشرين ألف معاق جراء الإصابات الحربية.
صناعة داعش:
لقد كان لابد من مسوغ للتحالف الغربي للدخول الى المنطقة، فماكان من حكومة المالكي إلا أن تنسق مع إيران من أجل خلق داعش في العراق لتدمير الموصل، ولاحقًا مع نظام أسد الإرهابي من أجل دخول تنظيم داعش الإرهابي جهارًا نهارًا من العراق باتجاه سوريا لصبغ الثورة السورية باللون الأسود والرايات السود التي انبثقت من الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، وتغلغلت في سورية بفعل حالة الفوضى الناجمة عن دخول الزينبيون والفاطميون والنجباء وحزب الله اللبناني التابع لإيران.
لقد حضرت حكومة المالكي لداعش كل ما تحتاجه من مقومات القتال بالسلاح والعتاد والعربات والأموال، وتم الإيعاز لداعش التي يقودها ضباط الصف الأول من مختلف الجنسيات التي تأتمر بأوامر مشبوهة، للدخول الى الألوية العراقية واحتلالها التي استلمت أمراً من القيادة العراقية بترك سلاحها بالكامل لتنظيم داعش وتم فتح البنوك أمامها في الموصل للسيطرة على الأموال التي تم تخصيصها لهذا التنظيم، وبعد وصول داعش الى سورية وبالتنسيق مع القيادة العامة للجيش ووزارة الدفاع ورئاسة الاركان التابعة لنظام أسد، وتم تسليم داعش عتاد وسلاح فرقة مدرعة بالكامل حيث تم تنفيذ الخطة الهجومية وفق مسرحية هجوم داعش على الفرقة الثامنة عشر التي تركت دباباتها ومواقعها ومعسكراتها ومستودعاتها ومخازنها و عتادها وإمكانياتها بالكامل للدواعش كي تكون معسكرات الفرقة مقرات لداعش ومن ثم تنتشر باتجاهات محيطة بالمعسكرات الى مناطق الرقة والطبقة حيث سد الفرات الاستراتيجي في مدينة الطبقة، وبعض حقول النفط ليتم بعدها تشكيل التحالف الدولي إلى شرق سوريا تحت عنوان كبير هو مكافحة الإرهاب ويتنشر في المنطقة الشرقية التي تفوح منها رائحة النفط وتتعسكر حولها.
صناعة قسد:
أما تصنيع قسد فتم تشكيله بالتنسيق مع نظام أسد، حيث قام مستشار بشار علي مملوك وفق فبركات وألاعيب وأوامر استخبارية بتغيير إسم حزب الـ pkkـ الذي كان بالأساس يتدرب في معسكرات بريف دمشق وسهل البقاع اللبنانية، ليصبح اسمها فيما بعد قسد على وزن راعيها الرسمي أسد، وتم تحضير البنية التحتية لها وتحويل المطارات الزراعية كمطار الرميلان الزراعي إلى مطارات كبيرة حربية تستقبل أكبر أنواع طيارات الشحن التي تهبط.
محملة بالعتاد الثقيل وتزويد قسد به بحجة مقاتلة “داعش” التي تم تصنيعها كشماعة وحمالة متعددة الأوجه التي تخدم البراغماتية الاستعمارية.
وتأتي هنا وجهة نظر الغرب للإرهاب فهو يوزع الاتهامات والبراءة لهذه الحركات حسب مصلحته ولا يعطي أهمية لإجرام حزب الله وكل مليشيات إيران بحق الشعب السوري، ويرى في قسد التي يقودها قادة pkk قنديل، بأنها صاحبة حق مشروع في كل ما تقوم به من أعمال إرهابية من قتل السوريين وقصف المهجرين السوريين الذين هجروا قسراً من درعا والغوطة الزبداني ووادي بردى والقلمون وحمص وحلب وريف إدلب وريف حماه في مخيمات اللجوء، والتفجيرات في الباب وإعزاز وعفرين و تفجير المدنيين الأبرياء في شارع تقسم بإسطنبول ومن جهة ثانية تدعم الأسد سياسيًا الذي قتل مليون سوري وفي سجونه 300 ألف معتقل، ويقوم بين الفترة والأخرى تسليم أهالي المعتقلين شهادات وفاة أبنائهم وتسليمه كل إغاثات اللاجئين وقوافل المساعدات من معابرالبرية ليوزعها على مناصريه ومعارضيه وكي ليبقوا تحت رحمته، ويكسبوه الشرعية من جديد.
الباحث العميد الدكتور: عبدالله الأسعد
الأفكار الواردة في المقال لاتعبر بالضرورة عن رأي الوكالة