أين وصلت الانتفاضة العشائرية… بعد 169 يومًا على الصراع
تفجرت الأحداث الميدانية في المناطق المحاذية لنهر الفرات في ريف دير الزور شرقي سوريا، بتاريخ 27 آب/ أغسطس 2023، ومنذ ذلك الحين تتواصل المواجهات اليومية والتوتر الحاصل بين مقاتلين من العشائر العربية وقوات “قسد”، ضمن تطورات متسارعة استغلها سريعًا نظام الأسد والميليشيات الإيرانية المنتشرة في القسم الآخر من محافظة دير الزور.
ويعد السبب المباشر لنشوب المواجهات المسلحة بين الطرفين، قيام قوات سوريا الديمقراطية “قسد” باعتقال وعزل قائد “مجلس ديرالزور العسكري”، التابع لها، واحتجاز عدد من القادة الآخرين وعوائلهم فيما بات يعرف لاحقًا “كمين استراحة الوزير”، التي اتبعتها “قسد” على الفور بعملية “تعزيز الأمن والاستقرار”، دفعت العشائر إلى التمرد والانتفاضة ضدها، وصولًا إلى المشهد المعقد الحالي، وسط تعدد وتزايد أطراف الصراع.
شكل ظهور “إبراهيم الهفل”، شيخ قبيلة العكيدات والقائد العام لقوات العشائر العربية، في العاصمة السورية دمشق مؤخراً، ضربة إعلامية حيث أنها قد خذلت العشائر وحسبت لصالح قوات “قسد” ، التي تنص روايتها الرسمية منذ بداية عمليتها الأمنية في دير الزور إنها تواجه خلايا مدعومة من ميليشيات النظام السوري وإيران.
ويشار إلى أنه “لا يمكن للهفل بناء تحالفات جديدة، لاسيما في دمشق، سواء مع النظام أو الإيرانيين لعدة أسباب، أولها أن القاعدة العشائرية التي يستند إليها من أبناء منطقته هي من المعارضين للنظام، وأغلبهم مطلوبون أمنيًا.
بالإضافة إلى كونهم مناوئين للوجود الإيراني في البلاد وأعرب عن اعتقاده أن ظهور الهفل بدمشق يأتي ضمن طلب الحماية والابتعاد عن المشهد، أكثر من كونه بحثًا عن تحالفات، ويشار إلى أنه لا يمكن ربط حراك العشائر بالشيخ الهفل بشكل كامل.
ولايزال الحراك العشائري ضد قسد مستمرًا لكنه بات أقرب إلى حرب عصابات، يتمثل بضرب حواجز ومواقع في ريف ديرالزور الشرقي، ثم الانسحاب بعد إيقاع خسائر بشرية في صفوف قسد، إضافة لعمليات اغتيال وخطف.
ولم يغِب الهفل عن الظهور في مقاطع مصورة وصور بلباسه الميداني إلى جانب مقاتلين من العشائر منذ هزيمته في ذيبان، وكذلك يبثّ مناصروه بين الحين والآخر تسجيلات صوتية يعلن فيها تارة تشكيلات جديدة لمحاربة قسد، وتارة أخرى يؤكد استمرار الحراك حتى استرجاع حقوق العشائر العربية المسلوبة، وشدد مرارًا على عدم تبعية الحراك العشائري لأي جهة.
ولقد تركزت ميدانيًا في الأونة الأخيرة هجمات مقاتلي العشائر على عدة مناطق في ريف محافظة دير الشرقي مثل البصيرة التي تتعرض لهجمات باستمرار وكذلك مناطق أبو حمام والشعفة، وغيرها إضافة إلى أجزاء من الريف الغربي لمحافظة ديرالزور.
ويلفت إلى أنه حسب المعطيات على الأرض فإن الحراك العشائري المسلح سيستمر لزمن طويل وأن مثل هذا التكتيك الذي يستخدمه مقاتلو العشائر في طريقة الضربات المباغتة سيسبب في استنزاف “قسد”.
إضافة إلى زيادة ضغط من قسد على أهل المنطقة من ناحية المداهمات والاعتقالات، وأساليب أخرى تستخدمها قسد لمحاولة النيل من أهل المنطقة، ورغم انخفاض زخم الحراك العشائري تتواصل الهجمات بشكل يومي ضد مواقع ومقرات “قسد”.
ويذكر منذ انطلاقة الحراك العشائري في آب/ أغسطس 2023 حاولت “قسد”، تقويض هذا الحراك بجميع الوسائل ومنها استخدام القوة المفرطة ضد أبناء المنطقة مع العلم أنه كان بين يديها الحل في احتواء أهل المنطقة وتلبية مطالبهم واعطائهم حقوقهم، لكن قسد كررت نفس تعامل النظام السوري تجاه الثورة السورية في آذار/ مارس 2011.