“هيئة تحرير الشام” توعز لوجهاء الطائفة الدرزية للتواصل مع مسؤولي الحراك في السويداء وإعلامهم بضرورة عدم رفع شعارات تنتقدها في إدلب
أفادت بعض المصادر المقربة من “الطائفة الدرزية” في إدلب، اليوم السبت 1 حزيران/ يونيو، أن شخصيات من “هيئة تحرير الشام”، أوعزت لوجهاء الطائفة في “جبل السماق”، للتواصل مع مسؤولي الحراك في السويداء، وإعلامهم بضرورة عدم رفع شعارات تنتقد الأوضاع والهيئة في إدلب، عبر احتجاجاتها في ساحة الكرامة.
ويذكر أنه منذ بدء الاحتجاجات الشعبية المناهضة للهيئة في إدلب، أبدى المحتجون في ساحة الكرامة في السويداء، تفاعلهم وعبروا عن تضامنهم مع الحراك في إدلب، كما رفعوا لافتات تنتقد ممارسات “الجولاني” وطالبوا بالإفراج عن المعتقلين في سجونه، وأكدوا وقوفهم إلى جانب مطالب المحتجين في إدلب.
وأكدت بعض المصادر المحلية أن قيادة الهيئة أوعزت لوجهاء الطائفة الدرزية في إدلب، لإبلاغ المسوؤلين ومنظمي الحراك في السويداء ومشايخ الطائفة هناك، بضرورة عدة رفع لافتات تنتقد “ممارسات الهيئة” في إدلب، وفهم الواقع الذي تعيشه المنطقة قبل إبداء أي تضامن.
وكما طلبت أيضًا قيادة الهيئة من الوجهاء، توضيح موقف الطائفة في إدلب الذي يتخذ موقفاً حيادياً عما يجري، والتأكيد على الخدمات والامتيازات التي تقدمها الهيئة لأبناء الطائفة الدرزية، في إشارة إلى تهديد مبطن حملته رسالة “الجولاني” عبر شخصيات من الهيئة، بأن اللافتات التي ترفع في السويداء ستؤثر على أبناء الطائفة في إدلب.
وفي سبتمبر 2023، اجتمع “أبو محمد الجولاني”، وعدد من الشخصيات المقربة منه، مع وجهاء وأعيان بلدات وقرى جبل السماق الدرزية في ريف إدلب شمال غربي سوريا، وبارك “الجولاني” الانتفاضة الشعبية في السويداء، وأعلن تأييده للحراك، علما أن هدف اللقاء حسب إعلام الهيئة هو الاستماع لمطالب الأهالي فيما يتعلق بالنواحي الخدمية.
وصرح “الجولاني” خلال اللقاء: “نريد أن نوصل رسالة من خلالكم إلى السويداء ونبارك لهم الانتفاضة المباركة التي وقفت إلى جانب المظلوم ضد الظالم، نحن نؤكد أننا معهم ونؤيدهم في كل مطالبهم، ونساندهم بكل ما نستطيع من قوة، وكل جهد يمكن أن يوصلهم إلى العزة والكرامة التي ينشدونها”.
ولقد أضاف: “نعم تأخر حراك السويداء، لكن نعرف بأن الرغبة بالثورة على النظام كانت موجودة عندهم في وقت مبكر، لافتا إلى أن النظام حاول خلال عقود تخويف كل الطوائف في سوريا من السنة، بمعنى أنه في حال تسلم السنة قيادة البلاد فإنهم سيقتلون الأٌقليات من مسيحيين ودروز وغيرهم.
وذكر أن نظام الأسد كان يحاول الحفاظ على حكمه من خلال اثارة النعرات الطائفية، ولكن الحقيقة تقول بأن الطوائف عاشت طويلاً في وئام، والشعب السوري قادر على التعايش والوصول الى حالة مثالية من التفاهم، وفق تعبيره.
وانتقد متابعون ظهور “الجولاني”، بين وجهاء قرى جبل السماق وقالوا أن له تأثير سلبي على حراك السويداء، لافتين إلى أن الظهور عبارة عن متاجرة من قبل متزعم الهيئة لاستثمار أي حراك ثوري مدني أو عسكري لصالحه، علما أن الهيئة حاولت عرقلت تنظيم مظاهرة جبل السماق مؤخراً.
وكان خرج أهالي وسكان جبل السماق في ريف إدلب بمظاهرة دعماً للحراك الثوري في محافظة السويداء ودرعا وأكدوا على وحدة الشعب السوري وطالبوا بإسقاط نظام بشار الأسد، في 24 آب/ 2023، ومنذ ذلك الوقت وصلت تعليمات لوجاء المنطقة بمنع أي تظاهرات في المنطقة أي كانت.
وفي 27 آب/أغسطس 2022 الماضي نشرت وكالات محلية أن تاريخ “الجولاني” المؤسس الأول لـ “جبهة النصرة” وصولاً لقيادة “تحرير الشام”، يعج بتاريخ أسود، تُثقله انتهاكات كبيرة بحق “الأقليات الدينية” في سوريا، والتي اعتبرت كعدو من وجهة نظر شرعية، وشاع اسمهم بـ “النصارى” على ألسنة قادتهم وأمرائهم، فاستبيحت أملاكهم وأرزاقهم وطردوا من مناطقهم.
ليس بداية بواقعة احتجاز الراهبات في بلدة معلولا، مطلع ديسمبر/كانون الأول 2013، وما تلاه من سلسلة ممارسات بحق أبناء الطوائف الدينية “الأقليات” في مناطق سيطرة الهيئة، وصولاً لاستباحة أملاكهم في إدلب بعد عام 2015، والمضايقات التي مورست بحقهم لطردهم وتقاسم ممتلكاتها تحت بند “أملاك النصارى”، والتي اعتبرت غنائم مباحة إلى اليوم الحاضر.
ومع سلسلة التبدلات التي اتخذها “الجولاني” في سياسته، والانقلاب على كل من حوله، لخدمة مشروعه بما يتماشى مع المتغيرات الدولية، بدا واضحاً عملية التسويق المتبعة لشخصيته مدنياً، لم يسلم من بقي من أبناء الأقليات الدينية في مناطق سيطرته، والتي سجلت نوعاً من التودد والتقرب وتغيير في الخطاب و وعود بإصلاح الماضي، ليرسم “الجولاني” تساؤلات عديدة عن دوافع هذه الرسائل التي يريد إيصالها والجهات التي يستهدفها في مثل هذه التحركات.