مقالات الرأي

مصطفى النعيمي لـ”داماس بوست”: الضربات الإسرائيلية لإيران في سوريا لا تهدف لإخراجها منها

اعتبر الباحث والمشارك في “المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية”، مصطفى النعيمي، أنّ الضربات الإسرائيلية للمواقع الإيرانية تأتي استكمالًا لمشروعها في سوريا “جز العشب” والمتمثل باستهداف فائض القوة للميليشيات الإيرانية والمرتبطة بها والعاملة ضمن الجغرافيا السورية وكثافة الضربات تبنى على جمع المعلومات الاستخبارية في رصدها لتدفق السلاح القادم عبر طرق الإمداد الجوية والبحرية والبرية.

وردًا على سؤال مراسل “داماس بوست”: هل تستهدف إسرائيل بهذه الضربات إخراج إيران في سوريا؟، خصوصا أننا سمعنا أنّ الميليشيا تخلي بعض مواقعها في سوريا، قال النعيمي: حتما الضربات الإسرائيلية لم يكن هدفها إخراج إيران من سوريا وانما استهداف ميليشيا إيران في حال تجاوزت الخطوط الحمراء التي قد تؤثر على خصومها في سوريا وهنالك خلاف داخل إسرائيل حول من يرى بأنه لابد من إجراء عملية برية واسعة النطاق لاستهداف التموضع الإيراني في سوريا ومن يرغب ببقاء زخم العمليات الجوية ضمن برنامج منظم وبخطة تبنى على عمليات جراحية لاستهداف التموضع الإيراني الجديد واستهداف الأذرع المرتبطة بها إضافة إلى استهداف القواعد والنقاط العسكرية المشتركة.

وبرأيه عن مدى قدرة رأس نظام الأسد أن يطلب من إيران الخروج من سوريا، وخصوصا أنّ القصف الإسرائيلي لمناطقه   يأتي بسببها، اعتبر “النعيمي” أنّ هذا الأمر مستبعد تمامًا “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار بأنه لولا الدعم الإيراني لنظام حكمه لسقط منذ عام 2013 وهذا ما أعلنه زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني في عدة خطابات بمناسبات رسمية للحزب مما يؤكد أن النظامين يتكاملان الأدوار في حكم سوريا والنظام السوري بات يمثل غطاء سياسيا لوجود الأذرع الولائية متعددة الجنسيات وعلى رأسها فيلق القدس الإيراني”.

مضيفًا أما عن الذرائع الإسرائيلية فأرى بأنها “تستهدف قواعد وتمركز النظام السوري والإيراني وأثبتت تلك النظرية في المنشورات الورقية التي تلقيها الطائرات المروحية الإسرائيلية في المنطقة الجنوبية من سوريا على مدار 11 عامًا والتي كانت من خلالها تحذر قيادات النظام السوري من إيواء عناصر إرهابية تتبع لميليشيات حزب الله اللبناني وميليشيا فيلق القدس الإيراني في محافظات القنيطرة ودرعا”.

 

ولدى سؤاله عن الترابط بين القصف الإسرائيلي للنظام وللمواقع الإيرانية، ومن ثم قيام الأخيرتين باستهداف المناطق المحررة، أجاب الباحث النعيمي أنّ “مشروع الاستبداد الأسدي والإيراني والروسي شبه متكامل الأدوار، روسيا اليوم تستهدف بالطائرات الحربية المقاتلة والنظام السوري يمهد عبر استهدافه مناطق سيطرة المعارضة السورية بالأسلحة الثقيلة بينما ميليشيا إيران تستهدف أيضًا بقذائف المدفعية الثقيلة محيط الفوج 46 والذي تتمركز فيه قوات مشتركة للنظام ولأذرع إيران”.

وأضاف: “لكن سر ترابط الغارات الإسرائيلية مع الهجمات على مناطق سيطرة المعارضة يندرج في سياق ذر الرماد في عيون الشبيحة ومنحهم مزيد من الصمود وذلك نظرا لأن الحلقة الأضعف في المشهد السوري مناطق المعارضة السورية وبناء على ذلك ولتحفيز شعور الحاضنة الأسدية بجرعة إيجابية تغير طائرات روسية وتطلق القذائف الصاروخية على أهداف داخل مناطق سيطرة المعارضة السورية وبذلك تحقق لهم القليل من ردة الاعتبار في ظل فشلهم المطلق للرد على الطائرات الإسرائيلية المغيرة على النظام وإيران”.

ولكن الكثير بات يتساءل أين دور الدفاعات الجوية الروسية إس 400 للدفاع الجوي لماذا لا ترد على الطائرات الإسرائيلية؟

والجواب من شقين سياسي وعسكري، فأما الجانب السياسي، فالضربات الإسرائيلية على سوريا حتى ما قبل عام 2011 لم يكن بمقدور النظام السوري تفعيل منظومات الدفاع الجوي الروسية التي يمتلكها والتي تديرها روسيا وتخضع للقيادة الروسية بشكل مطلق وهذا أكده العديد من الجنرالات الروس المتقاعدون بأن قرار تشغيل منظومات الدفاع الجوي في سوريا مرتبط بقرار القيادة الروسية وفقًا لتقديرهم الموقف إضافة إلى الفوارق التقنية المستخدمة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي.

وأما الجانب العسكري فرأى النعيمي بأن لدى إسرائيل القدرة على استهداف كامل التموضع الميليشياوي في داخل الجغرافية السورية بعيدًا عن قدرة وسائط الدفاع الجوي السورية والروسية خاصة وأن إسرائيل تستخدم صواريخ جو-أرض من طراز دليلة والتي يبلغ مداها 250 كم بحيث لا تحتاج الولوج إلى المياه الإقليمية السورية أو حتى إلى الأجواء السورية وتستهدف العمق السوري ومواضع الميليشيات.

إضافة إلى عدم قدرة منظومات الدفاع الجوي على الرد على تلك الصواريخ رغم أنها تعلن بأنها تصدت للكثير من الصواريخ، لكن رجح النعيمي الرواية الإسرائيلية والتي تشير إلى وصول صواريخها إلى الأهداف بدقة متناهية وتحقيق إصابات في صفوف النظام وإيران إضافة إلى الخسائر الكبيرة في البنية التحتية العسكرية للتموضع الإيراني مع قوات النظام لا سيما في مناطق الساحل السوري والمنطقة الجنوبية من سوريا حيث شهدنا في الآونة الأخيرة انسحابات لميليشيات إيران في ظل الخسائر الكبيرة التي تكبدتها في محيط البحوث العلمية في مصياف إضافة إلى بعض المستودعات القريبة من الموانئ السورية.

وختم النعيمي: اليوم تلجأ إيران إلى استكمال اللبنة الثانية التي أنشأها قاسم سليماني زعيم ميليشيا فيلق القدس الإيراني الذي أنشأ قاعدة الإمام علي في منطقة البوكمال الحدودية مع العراق وذلك من خلال تعزيز قدراتها العسكرية في المنطقة من خلال استخدامها للمدنيين كدروع بشرية لمنع الطائرات الحربية من استهدافها واليوم يجري الحديث عن إنشاء قاعدة عسكرية إيرانية جديدة على غرار قاعدة الإمام علي في محيط منطقة عين علي بمدينة البوكمال.

وأكدت المعلومات الواردة من المنطقة وصول 30 قيادي في الحرس الثوري وباختصاصات مختلفة وذلك من أجل العمل على البدء بمشروع الحفر داخل الجبال وذلك لوصل القاعدتين عبر أنفاق وذلك لتأمين الحماية اللازمة لشحنات الأسلحة القادمة من طهران لتعزيز قدراتهم العسكرية ومن ثم الانتقال إلى مشاريع تطوير مشاريع المسيرات والصواريخ البالستية واستثمار الجهود العسكرية في تعزيز قدرات ميليشياتها في المعدات العسكرية المتقدمة في سوريا للضغط على الجانب الإسرائيلي لدفعها إلى القبول بالشروط الإيرانية لعودتها إلى الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران.

إضافة إلى التعديلات التي طرأت على الوساطة الأوروبية من أجل جر إيران مجددًا للتوقيع على الاتفاق النووي المعدل والذي بموجبه تطلب إيران رفع العقوبات غير المشروطة عن الأموال المجمدة، والتي تتيح لها استخدام الأموال لاستكمال برنامجها النووي إضافة إلى تمويل أذرعها المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط بشكل كبير مما يساهم في زعزعة أمن المنطقة العربية وسيساهم في استهداف محطات إنتاج النفط العربية من خلال الضربات الإيرانية عبر أذرعها وستؤدي حتما إلى تعطيل إيصال النفط إلى الدول المستفيدة منه في ظل تأزيم الموقف الروسي في أوكرانيا، وبذلك إيران ستستفيد كثيرًا من اللعب ضمن المتناقضات الدولية، والمتضرر بالدرجة الأولى الشعوب العربية ومن ثم الاقتصاد العالمي في ظل محاولات ضم طهران إلى مجموعة دول محور الشر بعد قمة شنغهاي التي عقدت خلال اليومين السابقين وتداعياتها على الاقتصاد الدولي.

 

مصطفى النعيمي

كاتب سوري ومحلل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى