إقليمي ودوليالتقارير الإخبارية
أخر الأخبار

مركز أبحاث سوري يقدم قراءة تحليلية لنتائج قمة طهران الثلاثية

نشر مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية”، اليوم الأربعاء، ورقة تحليلية حول القمة الثلاثية التي اختتمت أعمالها مساء أمس الثلاثاء 19 تموز/ يوليو، في العاصمة الإيرانية طهران، وجمعت كلًّا من روسيا و تركيا وإيران، وتركزت على الملف السوري، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الدول المجتمعة.

وحول أهداف الدول المشاركة في القمة قال المركز: “إن موسكو وطهران تسعيان لتعزيز تحالفهما في ظل تنامي التوترات على خلفية الحرب الأوكرانية، وتعثر المفاوضات النووية الإيرانية، وتحفيز تركيا لرفع وتيرة المواجهة مع الولايات المتحدة والدول الغربية”، مشيرًا إلى أن أنقرة كانت “تبحث عن صياغة توافق إيراني ـ روسي بخصوص عمليتها العسكرية من جهة، وإرسال رسائل لحلف النيتو أنها ما زالت قادرة على المناورة بين المعسكرين الشرقي والغربي، في ظل عدم إيفاء فنلندا والسويد بالتزاماتهم”.

وأضاف المركز: “إن القمة كانت ضرورة إيرانية ـ روسية، بالدرجة الأولى وفرصة لتركيا للضغط على موسكو وطهران بخصوص عمليتها العسكرية”، مشيرًا إلى أن الاندفاع الروسي بدا واضحا من خلال إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده ستستضيف القمة الثلاثية القادمة قبل أن يرحب أردوغان بإعلانه، وذلك لعزيز التحالف الثلاثي، في حين بدا الاندفاع الإيراني من خلال رفع رئيسي يدي كل من الرئيس التركي والروسي في محاولة لإظهار عمق التحالف الثلاثي أمام خصوم إيران.

وعن نتائج القمة، أشارت الورقة إلى أن “أبرز النتائج التي توصلت إليها القمة هي نتائج اقتصادية”، مشيرة إلى الإعلان عن توقيع وثيقة تعاون استراتيجي بين تركيا وإيران والتي تشمل عادة ـ بحسب المركز ـ “مجالات التعاون التجاري والصناعي وتبادل الخبرات العلمية، دون أن يكون لها ارتباط وثيق بالقضايا السياسية الساخنة”، وأضافت الورقة في سياق الإشارة على النتائج الاقتصادية إلى تصريحات الرئيس التركي الذي أكد وجود “هدف مشترك في الوصول بحجم التبادل التجاري إلى نحو 30 مليار دولار”، مضيفًا: “سنخطو قدما لدعم العلاقات في مجال الطاقة والصناعات الدفاعية”، مشيرة إلى إعلان الرئيسي الإيراني تمديد عقد توريد الغاز بين إيران وتركيا، وكذلك إعلان مدير شركة النفط الوطنية الإيرانية، محسن خوجاستيمهر، بالتزامن مع القمة توقيع مذكرة تعاون استراتيجي مع شركة غاز بروم الروسية بقيمة 40 مليار دولار.

وعن العملية العسكرية التركية، أشارت الورقة لإخفاق أنقرة “في صياغة توافق روسي ـ إيراني بخصوص عمليتها العسكرية”، مستدلة بأربعة مؤشرات، أولها تصريحات المرشد الأعلى، علي خامنئي، التي قال فيها: “إن أي عمل عسكري في سوريا سيعود بالضرر على تركيا وسوريا والمنطقة، وإن الحفاظ على وحدة سوريا مهم وأي عمل عسكري فيها سيصب في صالح الجماعات الإرهابية”، إضافة لتصريحات رئيسي الذي عاود فتح ملف محاربة “التنظيمات الإرهابية” التي غالبًا ما تقصد بها طهران قوات المعارضة المتحالفة مع أنقرة، بحسب المركز.

أما المؤشر الثاني فكان تصريحات الرئيس الروسي بضرورة عودة جميع الأراضي لسلطة نظام الأسد، وإعلانه مناقشة الأوضاع شرقي سوريا وتأكيد بلاده على “أهمية محاربة أي تحرك انفصالي وضرورة عودة تلك المناطق إلى سيادة سوريا”، والتي يقصد فيها سلطة نظام الأسد، الذي يسعى بدعم من موسكو لتعزيز وجوده في منبج وتل رفعت مستثمرًا تخوف المليشيات الانفصالية من العملية التركية، بحسب المركز الذي أضاف: “إن ذلك يشير إلى أن موسكو غير راغبة بالتفاهم مع أنقرة بخصوص العملية، وإنما ترغب في استثمارها لصالح تمدد نظام الأسد وتمدد قواتها في المنطقة لمضايقة القوات الأمريكية والضغط عليها”، منوهًا إلى أن الجيش الروسي كان قد عزز قوته في مدينة القامشلي بنحو 500 مظلي روسي في الأسابيع القليلة الماضية.

في حين كان المؤشر الثالث هو تصريحات الرئيس التركي، التي أظهرت عمق الخلاف مع موسكو وطهران بحسب الورقة التي قالت: “كانت كلمة الرئيس التركي هي الأطول بين كلمة الزعماء الثلاثة، وأكد خلالها على ضرورة تنفيذ العملية، معربًا عن أمله بتعاون روسيا وإيران مع تركيا “للقضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا التي تهدد تركيا أرضا وشعبا”، مؤكدًا أن “تل رفعت ومنبج باتتا بؤرة للإرهاب وحان تطهيرهما منذ وقت طويل”، مشيرًا بلغة تهديدية “يجب أن يُفهم بوضوح وبشكل قطعي أنه لا مكان للإرهاب الانفصالي وامتداداته في مستقبل منطقتنا” وهو ما يمكن قراءته بحسب المركز على أن “أنقرة منزعجة بشدة من موقف روسيا وإيران من عمليتها المرتقبة”.

أما المؤشر الرابع فكان البيان الختامي الذي تلا القمة وتضمن تأكيد الدول الثلاث على “رفض جميع محاولات إيجاد حقائق جديدة على الأرض السورية بذريعة مكافحة الإرهاب” والذي يعد موجها لأنقرة بالدرجة الأولى بحسب المركز الذي استدرك: “يبدو أنها وافقت على هذا البند مقابل بند آخر تضمن ضرورة الحفاظ على الهدوء من خلال تنفيذ جميع الاتفاقات المتعلقة بإدلب”.

ليخلص المركز إلى أن القمة في مجملها، “محاولة إيرانية ـ روسية، لتعزيز التحالف الثلاثي في مواجهة الولايات المتحدة، وفرصة لتركيا لتحصيل توافق إيراني ـ روسي على عمليتها العسكرية ضد المليشيات الانفصالية”، وأن تحالف الأستانة نجح في توسيع نقاشاته وتحالفاته خارج الملف السوري، ليشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والصناعات الدفاعية وإمدادات الطاقة”، مستدركًا: “إلا أنه أخفق في تحقيق أي تقدم ضمن الملف السوري باستثناء بعض التأكيدات على إعادة إطلاق أعمال اللجنة الدستورية التي من غير المتوقع الوصول إلى تفاهم حول مكان انعقادها في المدى القريب، في ظل إصرار موسكو لنقلها من جنيف، ورفض المعارضة السورية والدول الغربية للطرح الروسي”.

يشار إلى أن مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية”، هو مركز سوري يعنى بالتأهيل والتدريب السياسي والقانوني، وتركز أوراقه البحثية والتحليلية على الملف السوري وكل ما يتعلق به من تطورات إقليمية ودولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى