التقارير الإخبارية

مركز أبحاث سوري يشرح دوافع وإشكاليات المقاربة التركية الجديدة تجاه نظام الأسد

نشر مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية”، الجمعة 12 آب/ أغسطس، ورقة تحليلية بعنوان “المقاربة التركية الجديدة تجاه نظام الأسد… الدوافع والإشكاليات”، علق فيها على تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، التي تحدث فيها عن ضرورة “تحقيق اتفاق بين النظام والمعارضة ف سوريا بطريقة ما”، بهدف تحقيق “سلام دائم” في المنطقة. 

المركز اعتبر أن التصريحات التركية الجديدة وما سبقها من تصريحات يمكن اعتبارها مقاربة جديدة قائمة على “تطبيع العلاقات مع نظام الأسد والاعتماد عليه في مواجهة مليشيا قسد من جهة، ومن جهة أخرى السعي في خلق مسار سياسي جديد بمعزل عن مسار الأمم المتحدة والقرار 2254؛ قائم على مصالحة نظام الأسد وقوى الثورة برعاية روسية ـ تركية”.

وحصر المركز دوافع تركيا في مقاربتها الجديدة تجاه نظام الأسد بخمس نقاط رئيسية؛ أشار في النقطة الأولى إلى أن قرب الانتخابات التركية ومحاولة إيجاد حل ـ ولو شكلي/ إعلامي ـ لمشكلة اللاجئين السوريين التي تعد أهم قضايا الرأي العام التركي، هي إحدى أبرز دوافع تركيا في مقاربتها تجاه نظام الأسد، حيث كان من اللافت أن جزءًا من تصريحات أوغلو ـ التي لم يسلط الضوء عليها إعلاميًا ـ كانت بهذا الاتجاه، وذلك من خلال قوله: “لقد مر 11 عاما على الحرب الداخلية في سوريا ومات وهُجّر الكثيرون، يجب أن يعود هؤلاء الذين اضطروا لترك ديارهم إلى وطنهم بمن فيهم المقيمون في تركيا، ومن أجل ذلك نسعى لتحقيق سلام دائم في سوريا”.

في حين تحدث المركز في النقطة الثانية عن التركيز على سياسة “صفر مشاكل”، ضمن خطة عمل وزارة الخارجية التركية لعام 2022، والمنشورة على موقع الوزارة الرسمي، وذلك في ظل اقتراب موعد الانتخابات من جهة، والأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا من جهة أخرى، ليظهر سعي أنقرة المكثف في تطبيع علاقاتها مع كل من السعودية والإمارات ومصر خلال الأشهر الماضية، بحسب المركز.

وأضاف المركز: “إلا أن اللافت؛ هو أن الخطة أكدت على ضرورة تطبيق هذه السياسة ضمن الملف السوري، مستدركة أن توتر العلاقات مع سوريا ليس ليس نابعا من فشل مقاربة صفر مشاكل أو من عدم صحتها بقدر ما هو نابع من اتباع النظام السوري سياسة أغلقت الأبواب أمام أية إمكانية لتطور العلاقات بين الجانبين، وأن تركيا تدعم في إطار السياسة التي تتبعها حيال سورية، رسم مستقبل هذا البلد وفقا للطلبات المشروعة للشعب، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد، وإقامة نظام ديمقراطي تعددي، وأن من شأن التغيير في هذا الاتجاه إنشاء أرضية صلبة للعلاقات بين تركيا وسورية والمساهمة في قطع الأشواط على طريق تحقيق الهدف المتمثل بصفر مشاكل”. 

وتابع المركز في النقطة الثالثة من دوافع تركيا في مقاربتها الجديدة تجاه نظام الأسد، وهي فشل تركيا بأخذ ضوء أخضر من كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بخصوص عمليتها العسكرية، وبحثها عن خيارات بديلة لمواجهة المليشيات الانفصالية وفق مقاربة جديدة تقوم على الاعتماد على نظام الأسد وروسيا وإيران في طرد المليشيات الانفصالية، من مناطق العمليات التي تخطط تركيا لتنفيذها، وربما محاولة بناء تحالف جديد يضع نظام الأسد وقوى الثورة برعاية روسيا وتركيا في خندق واحد ضد مليشيا قسد والولايات المتحدة.

بينما أشار في النقطة الرابعة إلى انسداد أفق الحل السياسي ضمن المسارات التي ترعاها الأمم المتحدة، وتعرقل عمل اللجنة الدستورية بجنيف، وبحث أنقرة عن بديل عملي للمسار السياسي خارج نطاق الأمم المتحدة.

وتحدث في النقطة الخامسة عن فشل المعارضة السياسية بلعب دور فاعل في الملف السوري، وفشل القوى العسكرية بتشكيل جسم موحد من شأنه تمثيل الثورة ومخاطبة الجهات الدولية، ما أغرى تركيا بتولي مهمة “الناطق باسم الثورة” في ظل غياب قيادة عسكرية وسياسية موحدة وفاعلة.

كما شرحت الورقة التي أصدرها المركز يوم الجمعة “ثغرات وإشكاليات المقاربة التركية الجديدة”، من خلال أربع نقاط، الأولى هي رؤية النظام لتركيا كدولة احتلال غير شرعية يجب مغادرتها من كافة الأراضي السورية، وهو ما صرح به في أكثر من مناسبة، وإن أي تجاوب منه لا يعدو مناورة مؤقتة بضغط روسي سرعان ما سيحاول التفلت منها.

أما النقطة الثانية فهي التنسيق الكبير بين نظام الأسد ومليشيا قسد لمواجهة النفوذ والتوغل التركي، والذي كانت آخر فصوله إجراء مناورات عسكرية بين الطرفين في ريف حلب قبل أسابيع قليل استخدمت فيها المروحيات العسكرية والدبابات.

بينما كانت النقطة الثالثة من “ثغرات وإشكاليات المقاربة التركية الجديدة” هي ما سيحدثه التقارب مع نظام الأسد من اختلال في التحالف القائم بين تركيا وقوى الثورة، والذي من شأنه أن يشكل تهديدا حقيقيا لوجود أنقرة في الشمال والشمال الغربي لسوريا.

حيث شهدت المنطقة انتفاضة شعبية كبيرة عقب تصريحات أوغلو وتم رصد أكثر من 35 نقطة تظاهر، في مدن وبلدات ريف حلب الشمالي لوحدها ضمت آلاف المتظاهرين الغاضبين من تصريحات الوزير التركي يوم الجمعة ومساء الخميس.

علاوة على عشرات التغريدات لقيادات الجيش الوطني المتحالف مع تركيا، منهم وزير الدفاع العميد الطيار حسن الحمادة، ومدير إدارة التوجيه المعنوي حسن الدغيم، وقائد الفيلق الثالث في الجيش الوطني حسام الياسين، والعديد من قادة الكتائب والتشكيلات التي أدانت تصريحات أوغلو ورفضت أي تقارب مع نظام الأسد، حتى تلك المعروفة بقربها الشديد من تركيا مثل فصيلي “السلطان مراد” الذي يقوده فهيم عيسى و”السلطان سليمان شاه” الذي يقوده محمد الجاسم الملقب بـ “أبو عمشة” واللذين استنكرا تصريحات أوغلو أيضًا.

إضافة إلى العديد من البيانات التي أصدرتها الهيئات والمؤسسات المدنية المختلفة مثل المجلس الإسلامي واتحاد الإعلاميين واتحاد المحامين وغيرهم من الاتحادات، وهو ما شكل تهديدًا حقيقا للوجود التركي، حيث اقتربت بعض تلك التظاهرات من نقط المراقبة والقواعد التركية بينما شهد بعضها إحراق العلم التركي.

وأشار المركز في النقطة الرابعة إلى اقتصار النفوذ الفعلي لقوات نظام الأسد على منطقة تل رفعت، وعدم قدرة روسيا وإيران فضلًا عن نظام الأسد على مواجهة مليشيا قسد شرقي الفرات، حيث تتمركز القوات الأمريكية، التي سبق وسددت ضربات قاسية ضد مرتزقة “فاغنر” الروسية عندما حاولت الاقتراب من حقول النفط في المنطقة عام 2018.

يذكر أن مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية”، هو مركز سوري يعنى بالتأهيل والتدريب السياسي والقانوني، وتركز أوراقه البحثية والتحليلية على الملف السوري وكل ما يتعلق به من تطورات إقليمية ودولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى