مركز أبحاث سوري يستعرض أسباب عودة التوترات في محافظة السويداء ويرجح أحد سيناريوهين
نشر مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية”، اليوم الأربعاء 27 تموز/ يوليو ورقة تحليلية بعنوان: “عودة التوترات إلى محافظة السويداء… الأسباب والسيناريوهات”، وذلك على خلفية التوترات التي تشهدها المحافظة.
وعن أسباب التوترات؛ أشار المركز إلى أن “التوترات أتت على خلفية مضايقات متكررة من قبل حواجز تابعة لجهاز الأمن العسكري في محافظة السويداء ضد أهالي وسكان المحافظة، حيث قامت مجموعات يقودها المدعو “راجي فلحوط” القيادي في أحد الميليشيات التابعة للأمن العسكري باعتقال عدد من المدنيين عند مدخل مدينة شهبا الواقعة شمالي المحافظة خلال الأيام القليلة الماضية”.
ونقل المركز عن مصادر محلية قولها: “إن معظم المعتقلين كانوا من عائلة “الطويل” التي تعد أكبر عوائل المحافظة، ويتعرض أفرادها لمضايقات بشكل مستمر على الحواجز التابعة للأمن العسكري، في حين يبدي أهالي المحافظة تضامنا كبيرا مع أفراد العائلة”.
وتابع المركز: “قامت مجموعات أهلية الأحد الماضي بقطع طريق دمشق – السويداء من جهتي بلدتي شهبا وعتيل، للمطالبة بالإفراج عن المدنيين المحتجزين لدى جهاز الأمن العسكري، بينما قامت مجموعات تابعة لـ”فلحوط” بإغلاق مدخل مدينة شهبا من جهة بلدة عتيل، ومنع السيارات والحافلات من دخول المدينة، ليتطور الأمر ويهاجم عناصر من “حركة رجال الكرامة” عدة مقرات تابعة للأمن العسكري في المحافظة”، مشيرًا لوقوع قتلى وجرحى في صفوف عناصر الأمن العسكري، وسط أنباء عن اعتقال “فلحوط” بعد محاصرة أحد مقراته.
وعن السيناريوهات المتوقعة؛ أشار المركز لوجود سيناريوهين رئيسيين لمستقبل الاشتباكات، الأول “تصاعد وتيرة الاشتباكات وتطورها لحالة استعصاء شاملة، واستثمار نظام الأسد لذلك من خلال محاصرة المحافظة وفرض حل عسكري ينهي حالة التمرد المتكررة”.
واستدرك المركز أن “عددًا من العوائق تواجه هذا السيناريو أبرزها؛ صعوبة قيام نظام الأسد بحشد قواته لاستخدامها في السويداء في الوقت الراهن، وسط انشغاله بتحشيدها في مدينتي تل رفعت ومنبج مع ارتفاع وتيرة التهديدات التركية للمنطقة”.
كما استبعدت الورقة دخول حلفاء نظام الأسد على الخط ودعمه بأي حل عسكري ضد المحافظة لـ”عدة اعتبارات دولية متعلقة بالمكون الدرزي”، مشيرًا لاحتمالية مواجهة القوات المقتحمة مقاومة عنيفة من قبل الحركة التي باتت تمتلك حاضنة شعبية واسعة وترسانة عسكرية لا يستهان بها بحسب رأي المركز.
بينما رجح المركز سيناريو آخر قائم على “احتواء نظام الأسد للتوترات كما فعل في المرات السابقة، وترحيل حسم ملف المحافظة عسكريا لحين استقرار المشهد العسكري في الشمال السوري على الأقل”، مشيرًا إلى أن ما يزيد فرص حصول هذا السيناريو “هو لجوء نظام الأسد له في جميع التوترات السابقة التي شهدتها السويداء”.
وتابع المركز “في حزيران/ يونيو 2020، شهدت المحافظة احتجاجات واسعة مطالبة بإسقاط النظام وقامت قوات النظام باعتقال عدد من المتظاهرين حينها، بينما انتشر عناصر “الحركة” في شوارع السويداء، وحاصروا بعض مقرات “الأمن العسكري” أيصًا، ما دفع نظام الأسد للأفراج عنهم لاحقًا”، منوهًا إلى أن ذلك الأمر “تكرر في أيلول/ سبتمبر من العام 2021 عندما حاصر مقاتلو “حركة رجال الكرامة”، مبنى فرع الأمن العسكري في المحافظة، وذلك على خلفية قيام عناصر من ميليشيا “راجي فلحوط” ذاته، باعتراض طريق عناصر “الحركة”، التي أغلقت بدورها جميع الطرقات المؤدية إلى فرع “أمن الدولة” حينها، قبل أن تنتهي التوترات ببعض التعهدات التي قدمها نظام الأسد لـ”الحركة”.
وختم المركز ورقته بالقول إنّ “الحركة استطاعت فرض نفسها كلاعب قوي في المحافظة، بينما لا يرغب نظام الأسد وحلفاؤه ـ فيما يبدو ـ بالدخول في مواجهة عسكرية مكلفة في المحافظة ـ في هذا التوقيت على الأقل ـ ويفضلون عوضًا عن ذلك تحقيق اختراقات أمنية من شأنها تفكيك الحركة وإضعافها على المدى الطويل”.
يشار إلى أن مركز “مسارات للحوار والتنمية السياسية”، هو مركز سوري يعنى بالتأهيل والتدريب السياسي والقانوني، وتركز أوراقه البحثية والتحليلية على الملف السوري وكل ما يتعلق به من تطورات إقليمية ودولية.