لاتزال إيران حريصة على التحالف مع نظام الأسد… رغم أن ذلك يهدد أحد أكبر أهدافها
لاتزال إيران حريصة على دعم تحالف طويل الأمد مع نظام الأسد، رغم أن ذلك قد يهدد واحداً من أكبر أهدافها الرئيسية، وهو “النأي بنفسها عن خط النار في حروبها بالوكالة في الشرق الأوسط”.
وصرح وزير الخارجية الإيراني “حسين أمير عبد اللهيان”، في وقت سابق خلال زيارة إلى دمشق بمناسبة الذكرى السنوية لما يعرف بـ”الثورة الإسلامية عام 1979” إن طهران تعتبر سوريا “خطاً أمامياً” في جبهة “محور المقاومة”.
وأكد “عبد اللهيان” بعد لقائه في 11 شباط/ فبراير، مع كبار المسؤولين في النظام وبشار الأسد، على دور دمشق الهام في “مواجهة الأعداء” وإرساء “الاستقرار والأمن” في المنطقة المتزايدة اضطرابا.
وبينما تحدث “عبد اللهيان” عن الحرب في قطاع غزة كمحفز لزيادة التعاون مع دمشق، أشار مراقبون وتقارير إعلامية إلى أن الانتكاسات المباشرة لمصالح إيران في سوريا تجبر طهران على إعادة حساباتها في نهجها العام.
ولفت التقرير إلى أنه على مدى عقود، استثمرت إيران في علاقاتها مع سوريا في إطار جهود الجمهورية الإسلامية لتصدير “ثورتها” إلى العالم العربي والإسلامي، وتخشى إيران من إثارة مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، وتحث المليشيات المرتبطة بها في منطقة الشرق الأوسط، على ضبط النفس لتجنب أي تصعيد مع الجيش الأميركي، وفق ما ذكره مسؤولين لصحيفة “واشنطن بوست”.
وحقق الإيرانيون نجاحات كبيرة مع حافظ الأسد، والد رئيس النظام الحالي لسوريا، عندما أصدروا فتوى باعتبار الطائفة العلوية –التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة في سوريا – “طائفة شيعية”، بحسب ثاناسيس كامبانيس، مدير مؤسسة “سنشري فاونديشن” البحثية ومقرها الولايات المتحدة.
وتعززت تلك العلاقات بشكل أكبر خلال فترة حكم بشار الأسد، لا سيما بعد دخول القوات الأميركية للعراق في عام 2003، وقال كامبانيس: “كان الأسد لا يزال شابا، وكان يخشى أن تغزو القوات الأميركية سوريا، لذلك، وجد أن الشراكة مع إيران ستجعله أكثر أمانا”.
يقول موقع إذاعة أوروبا الحرة: “ويبدو أن هذا الرهان قد أتى بثماره لكل من إيران والحكومة السورية”، ولا يزال الأسد في السلطة على الرغم من الحرب السورية المدمرة، والتي تدخلت فيها إيران عسكريا في عام 2013 لمنع الإطاحة بالأسد على يد المعارضة.
وفي الوقت نفسه، تمكنت طهران من تعزيز نفوذها بشكل كبير في سوريا دون الحفاظ على وجود عسكري كبير من خلال نشر مئات من ضباط الحرس الثوري الإيراني لتجنيد وتدريب عشرات آلاف من المقاتلين المحليين والأجانب.
وقال حميد رضا عزيزي، الزميل في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية في برلين، إن “العدد الفعلي لقوات الحرس الثوري الإيراني محدود للغاية”، مضيفا أن المهام الثقيلة في القتال في سوريا يتولاها الأفغان في “لواء فاطميون” والباكستانيون في “لواء الزينبيين”، وكذلك الميليشيات العراقية.
وأنشأت إيران ممرا بريا يربطها بالشام، وصفه عزيزي بأنه “العمود الفقري اللوجستي لما يسمى محور المقاومة”، وإلى جانب إيران، تعتبر سوريا الدولة الوحيدة الأخرى في المحور، وقال عزيزي إن الممر “تستخدمه إيران لإرسال أسلحة ومعدات إلى حزب الله” اللباني الذي أمطر إسرائيل بالصواريخ منذ بداية الحرب في غزة.
وأوضح عزيزي، أنه ابتداء من عام 2018، سمحت “انتصارات النظام” في الحرب لإيران بتقليص عدد مقاتلي الحرس الثوري الإيراني هناك، مع دمج المرتزقة الأجانب والمقاتلين المحليين الذين دربتهم لدعم القوات المسلحة السورية، وسمحت “النجاحات في سوريا” لطهران بدعم دفاعاتها ضد احتمال قيام إسرائيل بهجوم على الأراضي الإيرانية.
وقال علي الفونه، الزميل البارز في معهد أبحاث الشرق الأوسط: “بمجرد أن حققت إيران أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في تأمين بقاء نظام الأسد والممر البري، حدد الحرس الثوري الإيراني الهدف الجديد المتمثل في إنشاء جبهة جديدة ضد إسرائيل على طول الحدود الإسرائيلية السورية”.
وقال إن “الغرض من هذه الجبهة هو تعقيد الحسابات الإسرائيلية إذا قررت قصف المنشآت النووية الإيرانية”، في الوقت نفسه، مارست إيران الضغوط على إسرائيل والولايات المتحدة مع الحفاظ على هدفها الرئيسي المتمثل في تجنب الحرب المباشرة، حيث تلقى المقاتلون بالوكالة الذين قامت بتدريبهم وتجهيزهم معظم الضربات الانتقامية في سوريا.