صحفيون سوريون وعرب يقعون فريسة للاحتيال والتضليل من قبل مدرسة فرنسية
كشف تحقيق استقصائي لقناة “الجزيرة”، وقوع عدد من الصحفيين السوريين والعرب ضحايا احتيال مدرسة للصحافة تطلق على نفسها اسم “المدرسة العليا للصحافة في باريس”.
حيث أورد تحقيق نشره موقع “الجزيرة”، تحت عنوان: (شراء الوهم.. صحفيون عرب وسوريون ضحايا تضليل مدرسة باريس)، عددًا من الضحايا الصحفيين الذين منحتهم المدرسة شهادات في الماجستير زعمت أنها معتمدة في أوروبا لكن عندما ذهبوا إلى الالتحاق ببعض الجامعات الأوروبية، قيل لهم إنها غير معتمدة.
كما بحث التحقيق، في القيمة الأكاديمية والعلمية للشهادة التي تمنحها المدرسة العليا للصحافة في باريس، والتي غررت بعشرات الصحافيين السوريين مقابل مبالغ مالية تصل إلى 4 آلاف يورو.
واعتمد معدا التحقيق “حمزة همكي، وجاك أنطوان”، خلال بحثهما على المصادر المفتوحة، وجمع الوثائق، وإجراء مقابلات حصرية تحدّث فيها أصحابها -للمرة الأولى- عن هذه القضية للصحافة.
وتوصلا إلى “أدلة تفيد بأن المدرسة العليا للصحافة في باريس (ESJ) ليست من بين المدارس الأربع عشرة المعترف بها في فرنسا”.
ومن بين الضحايا الذين قابلهم معدو التحقيق الصحفي “عامر مراد” وهو أحد الصحفيين الذين حصلوا على شهادة “الماجستير” من المدرسة العليا للصحافة في باريس، يقول: “إنه لم يصدّق أنها بلا قيمة أكاديمية، شأنه في ذلك شأن عشرات الصحفيين المغرر بهم من قبل تلك المدرسة، لكنه تأكد بنفسه، عندما أرسل بريداً إلكترونيّاً إلى جامعة باريس الثانية، بهدف التسجيل لدراسة الدكتوراه، إلا أن السيناريو الذي كان يخشاه قد حصل”، إذ رفضت الجامعة طلبه “لأن شهادة الماجستير التي يحملها صادرة عن مدرسة خاصة لا تصلح شهادتها لدراسات الدكتوراه”.
يقول الصحفي الذي أنهى التعليم في تلك المدرسة، ودفع 2000 يورو، قبل أن ينتقل للعيش في فرنسا: “لم أصدّق رفض الجامعة طلب التسجيل.. كانت صدمة قوية جداً”.
وكشف التحقيق أيضا عن وجود شبكة مروّجين، أوقعوا ضحايا باحثين عن شهادة معترف بها داخل سوريا أو خارجها.
ووقع ضحية التضليل 200 صحفي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. دفعوا مبالغ تتراوح بين 2000 و4000 يورو، لقاء شهادات تدريب مهنيّ “غير معترف بها” منذ عام 2021، وفقاً للتحقيق.
وساهمت المديرة السابقة للمدرسة في عمليات التضليل، من خلال المقابلات الإعلامية، ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفت في مقابلات المدرسة بالـ “العريقة”، كما امتدحت المتخرجين منها بأنهما يمتازون “بكفاءة عالية”، كذلك ساهمت مدونة موقع الجامعة الذي تغير 3 مرات في التظليل بشأن الاعتراف بالشهادة.
وتوصل التحقيق إلى أن المدرسة العليا للصحافة في باريس ESJ مسجلة لدى وزارة التعليم العالي الفرنسية كمؤسسة تعليمية خاصة، وهذا الأمر يعتبر ترخيصاً لمزاولة العمل فقط ولا علاقة له بقيمة الشهادة والاعتراف بها.
وبحسب موقع ONISEP، وهو موقع حكومي متخصص بالتعليم في فرنسا، فإن المدارس التي تقدم دورات تدريبية خاصة بها، ولا يمكنها منح شهادة وطنية معترف بها، يحق لها فقط إصدار شهادة مدرسية.
لكن هذه المدارس تتحمل المسؤولية الكاملة عن محتوى مناهجها وتقييمها، دون رقابة من الدولة، في حين لا يجوز لها، في كتيباتها أو على مواقعها الإلكترونية، استخدام الأسماء والصفات الرسمية التي تستخدمها المدارس المعترف بها.
يحذر الموقع الحكومي ONISEP مما تسمى “الدبلومات الأوروبية”، ويقول إنها في الواقع شهادات مدرسية غير معترف بها، ولا تتدخل الدولة في محتوى تدريباتها، لذا لا تندرج شهاداتها في فئة الدبلومات الوطنية.
أرسلنا بريدا إلكترونياً مستقلاً إلى جامعة باريس الثانية للتأكد من صلاحية شهادات المدرسة للقسم العربي، فكان الجواب أنه يستحيل قبول هذه الشهادات في الجامعات الفرنسية أو في الاتحاد الأوروبي.