القوات الروسية تجري بالتعاون مع قوات النظام تدريبات مشتركة في مرفأ طرطوس بهدف تجنيد السوريين للقتال مع الروس في أوكرانيا
أجرت القوات الروسية، بالتعاون مع قوات نظام الأسد، تدريبات مشتركة في مرفأ طرطوس بتاريخ 8 حزيران/يونيو 2024، بهدف التصدي لهجوم افتراضي على المرفأ، شملت التدريبات استخدام المدافع المضادة للطائرات “بانتسير-إس”، وأطقم القارب المضاد التابع لأسطول البحر الأسود “كاديت”، بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات من طراز “فيربا” و”ستريلا-10″.
على الرغم من أن التدريبات المشتركة بين الجانبين قد تكررت في السنوات السابقة، إلا أن الإعلام الروسي كان يتجنب تسليط الضوء عليها، لكن هذه المرة، لاقت التدريبات تغطية واسعة في وسائل الإعلام الروسية، في خطوة يراها مراقبون على أنها رسالة دولية وإقليمية بأن روسيا لا تزال جاهزة للعمل العسكري في سوريا، رغم انشغالها في أوكرانيا، غير أن هذه التدريبات تخفي وراءها أهدافًا أخرى، أبرزها:
وأهمها تجنيد السوريين للقتال مع الروس: شملت التدريبات تدريب عناصر من قوات الدفاع الجوي السورية، وعناصر من الفرقة 25 والقوات الخاصة بقيادة اللواء سهيل الحسن، على استخدام الطائرات المسيرة ومحاولة إسقاطها. بينما استُبعدت عناصر البحرية السورية، رغم كونهم المعنيين الرئيسيين بالدفاع عن السواحل السورية، بما في ذلك قاعدة طرطوس البحرية.
وإن التدريب على الطائرات المسيرة الإيرانية: وصلت شحنات من الطائرات المسيرة الإيرانية إلى روسيا، ورغم ضعف كفاءتها، إلا أن استخدامها المكثف يربك الخطوط الأوكرانية. لذا تسعى روسيا لتدريب كوادر قادرة على التعامل مع هذه الطائرات. وقد تم استخدام الطائرات المسيرة بالفعل في سوريا بشكل محدود، ما دفع الروس إلى تحسين قدرات الفرقة 25، التي قد يتم تحويل قسم من مقاتليها إلى مرتزقة في الصفوف الهجومية الروسية، وتقليل الاعتماد على الفرقة الرابعة التي تخضع بشكل كبير للنفوذ الإيراني.
وبالإضافة لأنها رسالة تحدي للاستخبارات العسكرية الأوكرانية (GUR): بعد نشر جريدة “كييف بوست” عن تنفيذ القوات الأوكرانية الخاصة بالتعاون مع فصائل المعارضة السورية عمليات ضد القوات الروسية في الجولان، أرادت روسيا من خلال هذه التدريبات أن تُظهر استعدادها لمواجهة أي تهديدات محتملة تستهدف قاعدتها البحرية في طرطوس أو الجوية في حميميم، مؤكدة وجود شركاء سوريين قادرين على التصدي لأي سيناريو محتمل.
وإن سبب اختيار طرطوس: يعتبر مرفأ طرطوس من أفضل المواقع للدفاع ضد أي هجوم جوي بفضل وجود منظومة صواريخ S-400، وهو بعيد عن مناطق سيطرة الفصائل العسكرية السورية المعارضة، ما يجعل احتمالات تعرضه لهجوم مفاجئ من البحر ضئيلة. لذا قد يكون الهدف الرئيسي من التدريب هو تجهيز المقاتلين لحرب محتملة قرب شواطئ أوديسا، أو لحماية جسر القرم الذي تعرض لهجمات عدة من قبل الأوكرانيين.
وآلية اختيار المتدربين: تجاوز عدد المتدربين في هذه التدريبات 500 متدرب، رافقهم 36 ضابطًا من رتب مختلفة. ورغم طلب الروس من وزارة دفاع النظام السوري اختيار 100-150 عنصرًا، إلا أن العدد كان أكبر، مما يشير إلى أن الفرقة 25 أو اللواء سهيل الحسن قاموا بجلب عناصر إضافية دون تنسيق مع وزارة الدفاع، وربما كان بعض المتدربين مرتزقة يرتدون زي قوات النظام، حيث تمت الموافقات الأمنية عبر المخابرات العسكرية الروسية في قاعدة حميميم الجوية.
وقد استمر التدريب: خلال فترة التدريب، مُنع الصيادون من الإبحار، وتوقفت حركة النقل بين جزيرة أرواد ومدينة طرطوس، مما يشير إلى استمرار التدريبات بعد مغادرة الفريق العسكري الرسمي لنظام الأسد.
تُعتبر التدريبات في طرطوس ووجود الشركات الروسية التي تجند مقاتلين سوريين للقتال كمرتزقة عناصر أساسية في العلاقة بين موسكو ودمشق، وقد أكد بشار الأسد ولاءه المطلق للرئيس بوتين في مقابلة تلفزيونية مع الصحفي الروسي فلاديمير سولوفيوف في 3 آذار/مارس 2024، حيث أشاد بالقرارات التي اتخذها بوتين ووصف الغرب بالسخيف، في إشارة واضحة إلى التزامه بالمشروع الروسي في سوريا، خاصة وأن نظام الأسد يعتمد على روسيا في تأهيل كوادره البشرية لاستخدامها في الحرب الأوكرانية.